نجل المعلم الريمي

مقتل المعلم "الريمي" يسبب موجة غضب في صنعاء.. إليك آخر تطورات الحادثة

نظم المئات صباح السبت، وقفة احتجاجية أمام مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة، للمطالبة بضبط الجناة وكل المتورطين في حادثة اقتحام إحدى المدارس الأهلية بصنعاء والاعتداء على معلم أمام طلابه ما أدى إلى وفاته.

وكان المعلم بمدرسة "كيان" الأهلية بالقادسية، فيصل سعد الريمي (42 عاماً)، توفي الأربعاء الماضي، بعد تعرضه للضرب والاعتداء من عدد من المسلحين الذين اقتحموا المدرسة والفصل اثناء إحدى الحصص، وهاجموه دون أي مقدمات.

ورفع المحتجون صوراً للأستاذ القتيل، ولافتات تدعو لضبط الجناة، وأخرى تندد بالجريمة والاعتداء الوحشي الذي اعتبروه استهدافاً للمعلمين والتربويين، كما رفع بعض المحتجين لافتات كتبت عليها استفسارات عن أسباب تواطؤ الأمن وتقاعسه عن ضبط الجناة.

وقال مصدر تربوي مشارك في الوقفة لـ"المصدر أونلاين"، إن نائب مدير مكتب التربية والتعليم الحوثي عبدالله الوزير، ومندوب الوزارة التابعة لحكومة الحوثيين، عبدالسلام لقمان، أكدا للمحتجين أن التربية والتعليم بقيادة يحيى بدر الدين (شقيق زعيم جماعة الحوثيين)، تولي القضية اهتماماً خاصاً، وأنها تتابع الجهات المختصة.

ووفق المصدر فقد طلب القياديان المحسوبان على الحوثيين، من المشاركين في الوقفة "التهدئة وعدم حرف مسار الاحتجاج المشروع، لما يخدم أجندة العدوان الخارجي".

 

قضية رأي عام

وتحولت قضية مقتل التربوي الريمي، والاعتداء الذي تعرض له، على يد تاجر نافذ محسوب على الحوثيين، إلى قضية رأي عام، ما دفع وزارة التربية والتعليم في حكومة صنعاء، إلى إصدار بيان، بعد ثلاثة أيام من الحادثة، زعمت فيه متابعة القضية.

ونقلت وكالة سبأ الخاضعة للجماعة، عن وكيل وزارة التربية بحكومة الحوثيين (غير معترف بها) عبدالله النعيمي، قوله "الوزارة تتابع باهتمام سير التحقيق في قضية الاعتداء على الأستاذ فيصل الريمي في إحدى المدارس الأهلية بأمانة العاصمة ما أدى إلى وفاته" .

وزعم النعيمي، أن الجهات الأمنية "ألقت القبض على أغلب المتهمين فيما لايزال البحث جارٍ لمتابعة وإلقاء القبض على البقية" مشيراً إلى أنه "يتم متابعة تقرير الطبيب الشرعي لتوضيح سبب الوفاة، وأن الوزارة ومكتب التربية بالأمانة المنطقة لن يدخرا جهداً في سبيل الانتصاف للأستاذ المُعتدى عليه، ومتابعة قضيته لدى الجهات المعنية".

 

استهداف المعلمين

وفيما قال القيادي النعيمي "لن نسمح بأن يتعرض المعلمون ‏وكل الكادر التربوي والتعليمي للإهانة أو الاعتداء بأي وسيلة وتحت أي مبرر"، شكك قيادي في الجمعية الوطنية للمدارس الأهلية (تكتل نقابي للتعليم الخاص) في مصداقية الجهات المعنية في حكومة صنعاء، مؤكداً أن استهداف المدارس الأهلية بدأ منذ وقت مبكر وأن الاعتداءات والاقتحامات واختطاف المعلمين والاعتداء حتى على المعلمات سار عادة لدى الجهات المتحكمة بالأمر.

وأكد مصدر أمني في صنعاء، اشترط عدم كشف هويته، أن ما أعلن عن ضبط عدد من الجناة في الاعتداء علي المعلم فيصل الريمي غير صحيح.

وقال لـ"المصدر أونلاين" إن من تم ضبطهم من قبل الأمن، ثلاثة مسلحين من مرافقي المتهم الجاني الرئيسي القيادي المتحوث "مراد ناصر الفقيه"، فيما أفاد مصدر مقرب من الحوثيين لـ"المصدر أونلاين" عن اعتقال الجهات الأمنية 6 أشخاص من المسلحين المشاركين في الاعتداء.

وأكد المصدر الأمني، "أن مكان الجاني ومنزله معروف، وقيادة انصار الله إذا ارادت أن تقبض على أحد تعتقله في خلال 12 ساعة حتى ولو كان مسؤول رفيع في صفوفها"، مشيراً إلى تواطؤ الأجهزة الأمنية الخاضعة للجماعة، ومحاولتها امتصاص الغضب الشعبي بالتصريحات الإعلامية، فيما المتهم الرئيسي "حراً طليقاً".

 

مسار القضية

تشير المعلومات التي حصل عليها "المصدر أونلاين" من مصادر متعددة وموثوقة، أن النائب العام في سلطة الحوثيين بصنعاء، وجه الطبيب الشرعي بالنزول إلى مستشفى بن سيناء لمعاينة، جثة المعلم القتيل، ورفع تقرير رسمي بأسباب الوفاة.

البحث الجنائي بدوره استكمل التحقيق مع المعلمين في المدرسة واستمع لشهادات الطلاب.

وفق مضمون محاضر التحقيق، فإن المدعو مراد ناصر الفقيه مالك معرض ابراج الستين للسيارات، قام صباح يوم الاربعاء، بانتهاك حرمة مدرسة كيان الاهليه في السبعين أثناء الدوام الرسمي.

وقام الجاني الفقيه ومعه عدد من المرافقين (بين 3-7) بمهاجمة الاستاذ فيصل سعد الريمي، بالضرب الوحشي، حتى فقد الوعي.

وفق الشهادات، كان الجناة يعتدون على الاستاذ في وجود الطلاب والمدرسين، والذين لم يحرك أحداً منهم ساكناً نظراً لتواجد مسلحين أخرين في المدرسة تابعين للفقية.

نقل الاستاذ إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة متأثراً بالضرب المبرح والاعتداء الوحشي.

 

لماذا حدثت الجريمة؟

تشير المعلومات الأولية إلى أن المدعو مراد ناصر، تلقى مكالمة هاتفية من زوجته، والتي أخبرته أن نجله المقيد في مدرسة "كيان"، عاد إلى البيت باكياً وقد تعرض للضرب من استاذه".

وفق هذه الرواية فإن اتصال زوجة الجاني كانت سبباً كافياً لإشعال غضبه ودفعة للاعتداء على الاستاذ فيصل الريمي.

رواية أخرى، تشير إلى قيام الاستاذ بإخراج الطالب من الفصل لعدم تقيده بالنظام وازعاج زملائه ومحاولته إعاقة الحصة.

ولم يتسنّ لـ"المصدر أونلاين" التحقق من صحة أي من الروايتين من مصادر رئيسية.

وبغض النظر عن دوافع الاعتداء الذي تحول إلى جريمة قتل، فإن الحادثة تعكس الحال المأساوي الذي وصلت إليه الأوضاع في مناطق سيطرة الحوثيين، تقول وزارة التربية والتعليم في الحكومة (المعترف بها) إن الحادثة "مشهداً مختصراً لما آلت إليه أوضاع المعلم اليمني من تدهور مريع منذ انقلاب مليشيات إيران الحوثية على الشرعية الدستورية باليمن في 21 سبتمبر 2014".

واعتبرت الدائرة التربوية والتعليمية بحزب المؤتمر الشعبي العام، جناح صنعاء الخاضع للحوثيين، مقتل المدرّس فيصل الريمي، متأثرا بجريمة اقتحام المدرسة والاعتداء عليه بالضرب- إضافة لكونها جريمة جنائية- "انتهاك سافر لقدسية التعليم والحرم المدرسي والتعليمي، ومؤشر على تراجع خطير في القيم المجتمعية والانسانية التي يتميز بها مجتمعنا وشعبنا اليمني".

ويؤكد الكثير من المتفاعلين والمتضامنين والمنددين بالحادثة، أن الكرة في ملعب سلطات الأمر الواقع بصنعاء، وما إذا كانت ستمرر وتغطي على الجريمة أو تنصف المجني.. والأيام القليلة القادمة كفيلة بكشف ذلك وفق نشطاء على التواصل الاجتماعي.