زراعة الحبوب في إب

بعيداً عن الإغاثة المُذلة.. مزارعون يمنيون يبتهجون بحصادهم السنوي من الحبوب الغذائية (شاهد)

تفترش "الحبوب" أسطح المنازل والمساحات الواسعة في القرى بألوانها المختلفة قادمة من الأرضي الزراعية الممتدة على سفوح الجبال والوديان بريف مدينة إب (وسط اليمن) حاملة معها الفرح والبهجة للمزارعين في ختام الموسم الزراعي ولحصاد انجازهم، بعد تعبهم خلال الأشهر الماضية.
 
وخلال "موسم الحصاد" يبتهج المزارعون في الأرياف بما حصدوه من الحبوب من مزارعهم، بعد أن مشاق العمل اليومية في الوديان والجبال تحت أشعة الشمس الحارقة، ليحققوا الاكتفاء الذاتي من الحبوب لسنة كاملة حتى يعود الموسم الزراعي العام المقبل، بعيدا عن الإذلال في طوابيرالإغاثة.
 
يُسند الحاج "محمد يحيى" (52عام) ظهرة على الأكياس الممتلئة بالحبوب المختلفة باستراحة مزراع، وتعلو وجهة ابتسامة وفرح، من المحصول الزراعي الذي حصدة هذا العام، وبكل قناعة ورضى يقول: "الحمد لله كان عام خير وبركة وأفضل من الأعوام السابقة".
 

عام بحصاد أفضل
 
ويرى المزارعون في ريف إب أن حصاد المحاصيل الزراعية كان أكثر من الأعوام السابقة والتي شهدت شح في الأمطار والذي تسبب بانخفاض كمية المحاصيل الزراعية وجفاف في المياه الجوفية وتفاقمت معاناة المواطنين في ظل الحرب التي تعيشها البلاد وانعدام مصادر الدخل والمعيشة.
 
 يقول الحاج "محمد يحيى" في حديث لـ"يمن شباب نت" أنه: "هذه السنة كانت أيام الخير (موسم الحصاد) بركة في كل أنواع الحبوب. لافتا إلى "انه حصد كمية كبيرة من المحاصيل الزراعية"، ويعتمد بشكل كلي في الغذاء لأسرته على الحبوب المختلفة التي يحصل عليها من أرضه الزراعية
 
وأضاف "بعد ثلاث سنوات عجاف نحمد الله على نعمة المحاصيل الزراعية في هذا العام ستخفف عنا ما نحن فيه من غلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية" مشيرا "نحن المزارعون كل اعتمادنا على الأرض بالدرجة الأولى وخلال السنوات الماضية تراجعت كمية المحاصيل الزراعية وتحملنا معاناة كبيرة".
 
ويطلق المزارعون على أيام موسم الحصاد "أيام الخير" والذي يعد ختام العمل الشاق في الأرض الزراعية خلال موسم الصيف، حيث ينتظرون بفارغ الصبر محصولهم من الحبوب المتنوعة، والتي تزرع بريف إب وأبرزها: الذرة البيضاء، والذرة الشامية، والشعير، بالإضافة إلى البقوليات من الفول والفاصوليا، والتي تحقق لهم الاكتفاء الذاتي.

 
الحرب والمزارعين

لم يكن المزارعون في الأرياف بعيداً عن نتائج الحرب المستمرة منذ خمس سنوات فقد تسببت الحرب في ارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية، وذلك أدى إلى عزوف غالبية المزارعين عن الشراء بسبب الظروف المعيشية التي يعيشونها، وتدهور الحالة المادية.
 
تقول "فخرية سعيد" (54 عام) وهي ربة منزل تعيش في ريف مدينة إب "منذ ثلاثة سنوات وكمية المحاصيل الزراعية قليلة جداً ولا تكفي حتى غذاء للأسرة حتى شهر واحد وعشنا ظروف صعبة حتى اعلاف الأبقار لم نستطع توفيرها".
 
وتسرد قصة معاناة السنوات الماضية في حديث لـ"يمن شباب نت" قائلة: "حتى مياه الينابيع جفت وكنا نسير مسافات طويلة بحثاً عن الماء، في البرد القارس لكن هذا العام حصل خير وبركة في الأمطار وخاصة في فصل الخريف وحصلنا على محصول حبوب كافي للسنة".
 
تتحدث "فخرية" وهي تبتهل إلى الله بالحمد والشكر وتقول: "هذا الموسم نعمة كبيرة في الأمطار الغزيرة طول فصل الصيف خفف عنا ما نحن فيه من أزمة، وحصلنا على كل ما نريده من الحبوب الذي يغطي حاجة أسرتنا من الغذاء".
 

متاعب ورضى بالمحصول

ويمر المزارعون بسلسلة من الصعوبات التي تواجههم أثناء زراعة أرضهم، حيث يعتمدون على الأمطار الموسمية بشكل كلي في الزراعة، بالإضافة إلى غياب أي تسهيلات تساعدهم في الحصول على الأسمدة اللازمة، لكنهم يكافحون لزراعة أرضهم للاكتفاء الذاتي فقط، راضيين بأي نتيجة لتعبهم السنوي.
 
وبخلاف الزراعة التي تكون للاستثمار التجاري والبيع، تحرص كثير من الأسر على زراعة أرضها في الأرياف سنوياً من أجل الحصول على الغذاء للاكتفاء الذاتي ولو حتى نسبيا خلال السنة، وتجبرهم الظروف لتحمل كل التعب والمشاق الزراعية البدائية، والتي تعمد على أجسادهم النحيلة والشاحبة.
 
ويحرص "ناجي النخلاني" (58عام) -مزارع بمديرية جبلة- على زراعة الأرض كل سنة كما كان يفعل أبوه وجده من قبل، ولا يستطيع يعرف كيف سيكون الحصاد، فهو راضي بأي محصول، وقال:" قبل عاميين إحدى الأراضي الزراعية لم أستفد منها إلا اعلاف للأبقار، بعد كل التعب لكني حصدت منها هذا عام، خمسة أكياس من الذرة، ونصف كيس فاصوليا".
 
في ظل الطوابير الطويلة للمواطنين في انتظار الإغاثة التي توزعها المنظمات الدولية، يتحمل المزارعون كل التعب ويتجاوزون كل الصعوبات من أجل الحصول على الأمن الغذائي كل عام، معتمدين على الأمطار الموسمية، في إحياء أرضهم التي يحصدون منها الحبوب للغذاء، والأعلاف للأبقار والأغنام.
 
ولا تكثرت المنظمات الدولية في مساعدة المزارعين بالاعتماد على أنفسهم في توفير الغذاء، حتي ان منظمة "الفاو" المهتمة بالزراعة اتجهت نحو مشاريع مكافحة الفيروسات عبر توزيع أدوات النظافة، في الوقت الذي يوجد كثير من المزارعين بحاجة إلى من يوفر لهم السماد.