بدأ زكريا يحيى السنة الدراسية في صنعاء هذا العام بتفاؤل وأمل في أن يكون عاماً دراسياً أفضل من سابقيه؛ غير أن الزمن الحوثي لا يأتي بالأفضل.
يقول إن الدراسة تمضي بين إجازات وعُطَل تارة يوم المولد، وأخرى يوم 21 سبتمبر، إلى جانب الأعياد والعطل والرسمية السابقة؛ ناهيك عن تضييع أوقات الحصص في زيارات من قبل جهات حوثية تتحدث عن الجبهات وتذكّر بملازم السيد وأهمية قراءتها.
ويضيف زكريا: حتى المعلم يدخل الفصل متذكراً همومه وشاكياً لنا وضعه وديونه؛ جميعنا ضحايا، ولم يعد هناك معلمين خاصة في المواد العلمية؛ فأستاذ الكيمياء يدرسنا رياضيات، وهكذا.
غياب المعلمين
نتيجة لانقطاع الراتب؛ يلجأ المعلم اليمني إلى العمل بالقطاع الخاص، وهذا الأخير يستغل هذه الظروف ويمنحهم مستحقات قليلة.
توفيق المعلمي، أحد المدرسين بالعاصمة صنعاء، يتحدث لـ" المصدر اونلاين" قائلاً انه اضطر بسبب انقطاع الرواتب، عملت على تنسيق جدول الحصص الخاصة بالقطاع الحكومي، وأعمل بالقطاع الخاص ثلاث أيام بالأسبوع، خوفا من تهديد الحوثيين لنا بإسقاط اسمائنا من كشوفات المعلمين، مشيراً إلى أنهم تسلموا بعض الرواتب عن طريق منظمة اليونيسف كدعم منهم للمعلمين، بنصف راتب او مساعدات غذائية لنا، واحيانا نجمع من الطلاب مبالغ تساعدنا بحق المواصلات، لكي نحضر للمدرسة وندرس الطلاب.
وبحسب تقرير لليونيسيف، صدر في مارس 2018، لا يزال قرابة ثلاثة أرباع معلمى المدارس الحكومية غالبيتهم في شمال البلاد دون مرتبات منذ ثمانية عشر شهراً مضت، وهذا يمثل تحدياً كبيراً بالنسبة لقطاع التعليم.
وأشار التقرير إلى أن 66٪ من المدارس في اليمن تضررت بسبب الحرب، فيما 27٪ من المدارس أغلقت، و7٪ من المدارس تستخدم لإيواء الأسر النازحة من مناطق الصراع، أو تحتلها جماعات مسلحة.
كل هذا أدى إلى تعطيل العملية التعليمية وأسهم في ارتفاع عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس من 1.6 مليون قبل الحرب إلى مليوني طفل اليوم بزيادة تصل إلى 20٪.
وأضاف أن 78٪ من المدارس المغلقة متضررة بشكل جزئى أو كلى و22٪ محتلة عسكرياً أو تستخدم لإيواء نازحين، وأن هذه المشكلة أدت إلى تراجع نسبة الالتحاق بالتعليم بنسبة كبيرة مقارنة بالعام 2016 ما أسهم في زيادة عدد الأطفال خارج المدرسة.
وتلخص أم خالد وضع العملية التعليمية حالياً قائلة: ابني يدرس بالصف الخامس وأغلب دفاتره فاضية وما يجي الساعة العاشرة أو الحادية عشرة الا وهو في البيت.، مضيفة أن المعلم أو المدير لا ينشط إلا بجمع المبالغ المالية من الطالب، حيث أدفع كل شهر مبلغ 1000 ريال.
وتقول الطالبة إيمان رشاد التي تدرس في إحدى المدارس الحكومية، إن عدد الطالبات كثير وأن المعلمة تبدأ بشرح بسيط للمادة ومن ثم تبدأ بمحاضرتنا عن الحوثين وما يقوموا به من بطولات ضد العدوان ، متناسية اننا في ساحة علم وليس في ساحة معركة، ناهيك عن نقص في المعلمين للمواد العلمية، وعدم الشرح الكافي والمفصل للمواد، "تخرج المعلمة من الفصل ولم تشرح لنا شيء".
وتضيف طالبة أخرى في مدرسة خاصة ان ادارة المدرسة أعلنت عن مسابقة لعمل بحث حول عبدالملك الحوثي ومناقبه وأعطي 50 ألف ريال للطالبة التي فازت بأفضل بحث.
وتستغل مليشيات الحوثي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكثير من الطلاب للزج بهم إلى جبهات القتال.
ويقول الطالب عامر محسن إن من يذهب إلى الجبهات يحظى بمعدل مرتفع، وإذا أصيب بالجبهات يتم إحضار ورق الاختبار له إلى البيت "محلولة" وعليه سوى تسجيل اسمه، أما من يبذل الجهد والحضور فلا يحصل على المعدلات التي يستحقها.
ويعاني طلاب العاصمة صنعاء، من عجز في الكتاب المدرسي حيث يتشارك كل ثلاث طلاب بكتاب واحد.
وتتوفر الكتب بالسوق السوداء بأسعار مرتفعة تصل إلى 1000 ريال للكتاب الواحد، ولصعوبة الظروف المالية لدى أولياء الامور يضطر الطلاب لمشاركة الكتب مع زملائهم.
يقول أحد التربويين إن الأوضاع التي تمر بها العملية التعليمية في اليمن ستلقي بلا شك ظلالها على العقود القادمة حتى في حال انتهاء الحرب.
المصدر أونلاين