يرى الكاتب الإسرائيلي يوسي ميلمان أن الهجمات على شركة النفط السعودية أرامكو وتغلغل إيران وحزب الله في شبه الجزيرة العربية جعلا الإسرائيليين يتساءلون عما إذا كانوا سيصبحون في وقت قريب الهدف القادم.
وفي مقاله الذي نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، قال ميلمان إنه في وقت سابق من هذا الشهر كشفت الولايات المتحدة أن أجهزتها الاستخباراتية توصّلت إلى أن الهجوم الذي شُنّ على منشآت النفط السعودية منذ ثلاثة أشهر كان من تخطيط طهران، لكن إيران التي تدعم الحوثيين تنفي تورطها في هذا الهجوم.
وينسب الكاتب إلى مسؤولين إسرائيليين قولهم لميدل إيست آي إنهم يميلون إلى تصديق النتائج التي توصلت إليها الولايات المتحدة، ولكنهم أكدوا أيضا أن هذه العملية، على غرار العديد من الهجمات والاشتباكات الأخرى السابقة، ربما كانت مشروعا مشتركا يضم الحوثيين ووزارة الاستخبارات الإيرانية وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وأفاد بأن التطورات الأخيرة المثيرة للاهتمام التي أحاطت بإيران واليمن لا تتوقف عند التقييم الأميركي. وقد حددت مصادر الاستخبارات الغربية، التي أشارت إليها الصحيفة الاستخباراتية الفرنسية "إنتلجنس أونلاين"، قائد فيلق القدس الإيراني في اليمن. واستنادا للمصادر، فإن الجنرال رضا شاهي، وهو من سكان مدينة شيراز الإيرانية، يقود وحدة للحرس الثوري في اليمن التي تضم نحو 400 مقاتل.
وأضاف الكاتب أن خامنئي وقادته العسكريين يحاولون طمس وإخفاء التورط الإيراني في اليمن. لكن أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والسعودية تمكنت من جمع أدلة كافية لإثبات العكس. وفي الواقع، يشكّل الوجود الموّسع لفيلق القدس وحزب الله في اليمن مصدر قلق عميق للاستخبارات الإسرائيلية وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ويذكر أن نتنياهو قد صرّح مرارا وتكرارا بأن إيران تنشر الصواريخ في اليمن التي تشكّل تهديدا للسعودية وإسرائيل على حد سواء.
مصلحة تاريخية
يقول الكاتب إنه ونظرا لموقعه الجغرافي الإستراتيجي الاستثنائي -الذي يطل على الممرات المائية للمحيط الهندي والبحر الأحمر، إلى جانب قربه من إثيوبيا والقرن الأفريقي- اهتمت إسرائيل منذ عقود باليمن. ففي الستينيات، طلب جهاز الاستخبارات البريطاني "أم آي 6" وقائد القوة الجوية الخاصة السابق ديفد سترلنج من وكالة الموساد تقديم المساعدة للقوات الملكية في الحرب الأهلية في اليمن ضد الجمهوريين الناصريين.
وبحسب الكاتب، فقد نظمت القوات الجوية الإسرائيلية عمليات إسقاط جوية للأسلحة لجيش الإمام البدر، الذي خسر الحرب في النهاية. وبعد حرب يونيو/حزيران 1967، أنشأت منظمات فلسطينية على غرار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المنشقة بقيادة وديع حداد، معسكرات تدريب وقواعد عمليات في اليمن.
وأنه في عام 1979، توفي حداد في مستشفى بألمانيا الشرقية بعد أن تسمم على الأرجح من قبل عملاء الموساد. وفي الوقت نفسه، أبحرت سفن البحرية الإسرائيلية في المياه المحيطة باليمن لحراسة الناقلات التي تشحن النفط الإيراني إلى إسرائيل. رغم أن الثورة الإسلامية وضعت حدا لهذا الإمداد عام 1979، فإن البحرية الإسرائيلية تواصل القيام بدوريات في المياه ذاتها التي تستورد عبرها إسرائيل النفط والسلع من الهند والشرق الأقصى.
ويشير الكاتب إلى أنه ومع تزايد التنافس بين إيران والسعودية خلال العقد الماضي، زاد الاهتمام الإسرائيلي باليمن. كما أن الصراع بين الرياض وطهران يساعد على تقوية التحالف الإسرائيلي السعودي، وتشكل المناورات الإيرانية في اليمن بُعدًا إضافيًا لذلك.
نتنياهو قلق
ذكر الكاتب أن المسافة التي تفصل بين إسرائيل واليمن تُقدر بحوالي ألفي كيلومتر. مع ذلك، يمثل تهديد صواريخ الحوثيين موضوعا لا مفر منه، حيث صرح الجنرال ووزير الدفاع لدى إدارة الحوثيين محمد العاطفي قبل ثلاثة أسابيع بأن قواته حددت مجموعة من الأهداف العسكرية الإسرائيلية التي من الممكن أن يهاجموها. وقال العاطفي "لن نتردد ولو دقيقة واحدة في تدمير هذه الأهداف"، وقد اتهم إسرائيل بالمشاركة في حرب التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين.
رغم توفر القليل من الأدلة على امتلاك الحوثيين القدرة على شن ضربة على بعد مئات الكيلومترات، فإن إسرائيل تعتبر اليمن مسرحًا آخر تحاول طهران من خلاله تحقيق هيمنتها الإقليمية. علاوة على ذلك، تجد إسرائيل نفسها محاطة بالمليشيات الإيرانية الموالية لإيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وفي حين أن الاحتجاجات المدنية والمظاهرات في الشوارع في لبنان والعراق تقلق إيران، فإنه لا توجد أدلة على أن تصميمها العسكري وطموحاتها الإمبريالية قد ضعفت. إذ لا تزال القيادة الإيرانية موحدة في الاعتقاد بضرورة استمرار الجمهورية الإسلامية، كما يواصل المرشد الأعلى جهوده لتوطيد مستقبل متشدد لإيران.
المصدر : ميدل إيست آي,الجزيرة