صعّد المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن -المدعوم من الإمارات- ضد الحكومة الشرعية، بالتزامن مع سلسلة من الإجراءات العسكرية بدأت بالاستحواذ على 18 مليار ريال يمني (حوالي 72 مليون دولار) طبعتها الحكومة، لكن المجلس صادرها عند وصولها ميناء عدن، كما دفع بتعزيزات عسكرية في محافظتي أبين وشبوة.
وتوعد نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي منصور صالح بطرد رئيس الحكومة المتواجد في عدن مع بعض الوزراء "عبر سفينة للمواشي إلى إرتيريا"، مؤكدا أن المجلس الانتقالي هو الذي يفرض سيطرته على الأرض و"الانفصال وحق الجنوب في تقرير مصيره بات أمرا غير بعيد".
وبرر الصحفي المقرب من المجلس الانتقالي ياسر اليافعي أسباب هذا التصعيد، واعتبره "رد فعل طبيعيا على استفزازات الحكومة الشرعية وبعض الأطراف المسيطرة عليها، في الاعتداء على أبناء شبوة، وقيام قوات الحكومة في أبين بمحاولة السيطرة على المواقع التي يتواجد فيها الانتقالي".
وقال اليافعي للجزيرة نت "من بين أسباب التصعيد الرئيسية أيضا: عدم التزام الحكومة الشرعية بتنفيذ اتفاق الرياض ودفع مرتبات الموظفين في عدن، وعدم جدية الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل حكومة جديدة وفقا لنص الاتفاق، وبذلك فإن الانتقالي أصبح يرى أن الحكومة الشرعية هي التي تعرقل اتفاق الرياض، وتتلاعب بالوقت من خلال محاولتها مهاجمة الانتقالي، وإضعاف قواته بالتدرج".
في المقابل، قال مسؤول في الحكومة الشرعية إن المجلس الانتقالي "لا يزال يمثل رغبات الإمارات في السيطرة على الموانئ اليمنية، وإعاقة عمل مؤسسات الحكومة الشرعية من أجل التمكن على الأرض، وإظهارها بموقف العاجز، كما جرى في صنعاء بعد انقلاب جماعة الحوثي".
تداعيات
وحول تداعيات هذا التصعيد وانعكاساته المباشرة على اتفاق الرياض، يقول أستاذ العلوم السياسية فيصل الحذيفي "إن كل الاتفاقيات المبرمة بخصوص حلول الأزمات اليمنية، بعمومها أو جزئياتها، لم يتحقق منها نتائج يمكن التعويل عليها، وإن اتفاق الرياض ليس استثناء عن تلك الاتفاقات".
ويضيف الحذيفي أن المجلس الانتقالي في عدن "بات يتصرف وفقا لتوجيهات الممول -الإمارات- وبصمت سعودي متعمد، وذلك لتحقيق مزيد من السيطرة وإنهاء أي دور للشرعية خارج سياق الأهداف التي تخص مصالحه فقط".
ويعتبر أن التداعيات المتوقعة لهذا التصعيد "هي تعزيز أهداف التحالف المتعلقة بسيطرتها على المناطق المحررة، دون الالتفات إلى الهدف الأساسي، والذي من أجله تم الاستنجاد بالسعودية للتدخل العسكري في اليمن".
بدوره يؤكد الخبير العسكري اليمني علي الذهب أن المجلس الانتقالي الجنوبي "لم يكن جادا منذ الوهلة الأولى للتوقيع على الاتفاق في الرياض، لأنه كان يخطط لما بعد السيطرة على عدن، ولكن الضغوط السعودية هي التي أجبرته على التوقيع، ووجدها هو أيضا فرصة للتوسع في المحافظات الأخرى مثل حضرموت وسقطرى والمهرة، وفقا لما نص عليه الاتفاق من توزيع القوات ودمجها وانتشارها في تلك المناطق".
نوايا
ويرى الذهب أن أبرز الأدلة التي "تؤكد نوايا الانتقالي الخفية عند التوقيع هو بدء تنفيذ الاتفاق ميدانيا من خلال حصر القوات وتقييد أفرادهم في كشوفات مستقلة، على نحو ما تقوم به الأجهزة الرسمية في وزارة الدفاع عند تسجيل بيانات المجندين ومناطق ميلادهم وأقاربهم، وهي معلومات وبيانات شخصية ووثائق لا تقوم بها إلا جهة رسمية على أساس الاستدعاء في أي لحظة".
ونبّه الذهب إلى أن هناك "سوء تفسير لبعض نقاط اتفاق الرياض أفرزت خلافات حادة بين الحكومة والانتقالي، ومن بين ذلك أولوية تنفيذ بند على آخر، خصوصا أن الاتفاق لم ينص على أن تكون العملية العسكرية قبل السياسية، أو العكس، ولكن جميعها كان يجب تنفيذها خلال 90 يوما".
وفيما يتعلق بالتحشيد العسكري في أبين وشبوة، قال "إن ذلك جاء على خلفية قناعة الانتقالي أنه سيخرج صفر اليدين في حال تم تنفيذ اتفاق الرياض، فأخذ يصعد لخلق واقع آخر ينتقل منه إلى مفاوضات جديدة، أو واقع جديد يفرض فيه شروطه وطموحاته القديمة، أو يضع الأحداث في شكل معقد وينهار الاتفاق ويفرض وجوده على الأرض، من خلال الخلايا المسلحة في أبين أو شبوة".
المصدر : الجزيرة