باتت المصالح الأمريكية في العراق بمهددة، بفعل ما أطلقته إيران من تصريحات بشأن الانتقام من مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي تعرض للاغتيال في العاصمة العراقية بغداد.
وتتواجد القوات الأمريكية في العراق بقواعد عدة، ترصدها "عربي21"، في هذا التقرير، الذي يستعرض أماكن قواعد عسكرية تستخدمها، والمهام المتعلقة بها.
ويثير تزايد أعداد القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، خلال السنوات الثلاث الماضية، تساؤلات ملحة حول الغايات والأبعاد السياسية والعسكرية التي ترسمها واشنطن في البلد الذي انسحبت منه أواخر عام 2011.
وبدأ الوجود الأمريكي العسكري بغزو العراق، عام 2003، لكنها انسحبت بقرار من الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2011، لتعاود مرة أخرى عقب اجتياح تنظيم الدولة لمدن واسعة من البلاد منتصف عام 2014.
وأبرم العراق والولايات المتحدة، اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008، الذي نظم خروج القوات الأمريكية المحتلة (2003- 2011)، والعلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها بين البلدين، في مرحلة ما بعد إنهاء الاحتلال.
وشرعنت الولايات المتحدة عودتها إلى العراق، بموجب اتفاقية التعاون الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية مع بغداد.
وأقر البرلمان العراقي، قرارا لإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وكذلك إلغاء أو تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين.
"الإنفوغراف" الآتي يظهر القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة حاليا بالعراق، وأماكن تمركزها:
كردستان وكركوك
في كردستان العراق وفق اتفاقية مع أمريكا، تستخدم القوات الأمريكية "قاعدة قرب سنجار، وأخرى في منطقتي أتروش والحرير، إضافة إلى قاعدتين حلبجة بمحافظة السليمانية والتون كوبري في كركوك"، وفقا لمصادر عراقية.
وقالت مواقع محلية في حينها إن "الاتفاقية قضت أيضا بدفع الأمريكان رواتب قوات البيشمركة لمدة لا تقل عن 10 سنوات، مع تدريب تلك القوات، فضلا عن تجهيز وتسليحها بأحدث الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة".
وكشفت مصادر خاصة مطلعة، في حديث لـ"عربي21" أن "القاعدة العسكرية في مدينة حلبجة، قد تقلق إيران كونها في السليمانية والتي ستعتبر بمثابة اليد الأمريكية التي تمتد في العمق الإيراني".
أما القاعدة الثانية في منطقة ألتون كوبري بمحافظة كركوك، فإنها تتميز بموقعها الإستراتيجي المتميز وسط الطريق بين مدينتي كركوك وإربيل وكحلقة وصل بين وسط العراق وشماله، حسبما ذكرت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها.
الموصل والأنبار
وعلى صعيد محافظات الغرب والشمال، فإن القوات الأمريكية اتخذت قاعدتي "عين الأسد" في قضاء البغدادي و"الحبانية" في الأنبار كقاعدتين عسكريتين، عقب سيطرة تنظيم الدولة على أغلب مدن المحافظة في 2014.
وبحسب مصادر لـ"عربي21"، فإنها سبق أن أكدت انتهاء واشنطن من تأسيس قاعدة لقواتها في مطار القيارة العسكري جنوبي مدينة الموصل، بعد تأهيل المدرج وبناء كانتونات سكنية لعوائل العسكريين.
ولم تكتف القوات الأمريكية بقاعدة واحدة في الموصل، فقد شرعت بتشييد قاعدة أخرى عند سد الموصل، لكنها ليست بحجم قاعدة القيارة الجوية، حسبما كشف سابقا عضو مجلس محافظة الموصل خلف الحديدي في حديث سابق لـ"عربي21".
وفي محافظة صلاح الدين، تتخذ واشنطن قاعدة بلد الجوية مقرا لها للتحكم بطلعات طائرات "إف 16" التي منحتها للعراق مؤخرا، أما في معسكر التاجي شمال بغداد، فتوجد قوة أمريكية لأغراض التدريب، وفقا لستيف وارن المتحدث باسم البنتاغون.
الغايات والأبعاد
من جهته، فسر الباحث في الشؤون الدولية الدكتور عمر عبد الستار التواجد الكثيف للقواعد الأمريكية في العراق، بأنها تأتي في سياق الترتيب للصدام المحتمل مع الوجود الإقليمي الإيراني في المنطقة، والذي يشكل العراق التواجد الأكبر له بالمنطقة.
وقال عبد الستار لـ"عربي21" عن "زيادة التواجد العسكري الأمريكي في العراق، كأننا اليوم أتى علينا عام 2003 من جديد، لكن إيران في وضع أضعف، ولن تستطيع أن تفعل اليوم ما فعلته في 2003".
وأشار إلى أن أمريكا اضطرت للخروج من العراق أواخر 2011 بضغط إيراني، لأن الأخيرة قاومت أمريكا في العراق عبر المكون السني، لأنها خشيت أن تكون طهران الهدف التالي للغزو بعد بغداد، لأن بوش الابن عدّ إيران وسوريا من دول "محور الشر".
وأعرب عن اعتقاده بأن تواجد القواعد الأمريكية في المحافظات السنية، الهدف الأول منه هو الاستعداد لإعادة تشكيل البنية الأمنية والسياسية لهذه المناطق التي تحتاج قبل كل شيء إلى مواجهة النفوذ الإيراني المتمثل بالمليشيات.
يشار إلى أنه يوجد في العراق حاليا نحو 6132 جنديا أمريكيا على الأقل منتشرين في قواعد عسكرية بأرجاء البلاد، يتولون تدريب الجيش العراقي، وتقديم المشورة.