مر شهران منذ توقيع اتفاق الرياض، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال، دون أن يتم تحقيق أي اختراق في أي من الملفات التي تضمنها الاتفاق.
ورعت السعودية في الخامس من نوفمبر الماضي اتفاقا في الرياض نص على إعادة تنظيم القوات الحكومية وقوات الانتقالي تحت قيادة وزارتي الدفاع والداخلية وتشكيل حكومة كفاءات سياسية مناصفة بين المحافظات الشمالية والجنوبية خلال 30 يوما من التوقيع.
واليوم وبعد مرور شهرين من التوقيع لم يحدث أي اختراق في طريق تنفيذ هذا الاتفاق المزمن.
وكانت القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي قد خاضت مواجهات مسلحة في أغسطس الماضي، انتهت بسيطرة الانتقالي على مدينة عدن وأهم مدن محافظات لحج و الضالع و أبين.
ومنذ توقيع الاتفاق في نوفمبر الماضي وحتى اليوم تتصاعد التوترات بين الحكومة والانتقالي.
ففي محافظة أبين اشتبكت القوات الحكومية مع قوات الانتقالي لاكثر من مرة وأسفرت تلك الاشتباكات عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.
وتتمركز القوات الحكومية في مدينة شقرة الساحلية، ومناطق أخرى شرق المحافظة، فيما تسيطر قوات الانتقالي على مدينة زنجبار عاصمة المحافظة ومدينة جعار ثاني كبرى مدن أبين ومناطق ريفية أخرى بالمحافظة.
وقالت قوات الحزام الأمني (انتقالي) في بيان أمس الأول " الأحد" إن قوات حزب الإصلاح اليمني (في إشارة للقوات الحكومية) أستقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة من محافظة شبوة والمحافظات الشمالية، وهو ما يعد تصعيدا ينذر باشتباك مع القوات الجنوبية.
من جانبها اتهمت القوات الحكومية، قوات الانتقالي لأكثر من مرة بتنفيذ هجمات وكمائن لتحركات قواتها في محافظة ابين.
وشهدت محافظة شبوة خلال الأيام الماضية اشتباكات بين الجانبين، خلفت قتلى وجرحى.
والخميس الماضي أقدمت قوات الانتقالي على احتجاز مبالغ مالية تقدر بنحو (33 مليون دولار) تابعة للبنك المركزي اليمني، وأعلن البنك عن استعادة تلك الأموال بجهود من قوات التحالف العربي في مدينة عدن.
وعاد رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبدالملك عقب توقيع الاتفاق إلى مدينة عدن مع عدد من أعضاء الحكومة، إلا أنه يواجه صعوبات في عملة وتحركاته.
وقال مصدر مقرب من رئيس الحكومة لوكالة أنباء "شينخوا" إن عبد الملك وأعضاء الحكومة يعيشون في القصر الرئاسي (معاشيق) محدودي الحركة.
وهددت قيادات من المجلس الانتقالي الجنوبي في تصريحات إعلامية بما اسموها (ترحيل) رئيس الحكومة من مدينة عدن.
ومع هذا التصعيد، تتبادل الحكومة اليمنية والانتقالي الاتهامات بشأن عرقلة تنفيذ الاتفاق.
ومنذ (الأربعاء) الماضي علق المجلس الانتقالي الجنوبي أعماله في لجان متابعة تنفيذ الاتفاق ، ولا تزال اللجان معلقة عملها حتى اليوم، وهو ما يعني ان جميع الملفات والقضايا في اتفاق الرياض أصبحت معلقة.
وقال فضل الجعدي، عضو هيئة رئاسة المجلس الإنتقالي الجنوبي، بان جميع القضايا التي شملها اتفاق الرياض معلقة، ولم يتم التقدم في أي ملف.
وأوضح الجعدي، وهو أيضا الأمين العام المساعد للأمانة العامة للمجلس الإنتقالي، لوكالة أنباء "شينخوا" أن المجلس لا يزال يعلق منذ أيام عمله في اللجان المعنية بتنفيذ اتفاق الرياض وحتى اليوم.
وأضاف "التعليق مستمر حتى يتم معالجة عدد من القضايا المتفق عليها، منها انسحاب القوات (الحكومية) من مناطق محافظتي أبين وشبوة وعودتها إلى محافظة مأرب (مقر قيادة القوات الحكومية)، ووقف الإعتداءات في محافظة شبوة وإطلاق سراح جميع الأسرى".
وتابع "بعد شهرين من توقيع الإتفاق وحتى اليوم لم يتم تنفيذ سوى عودة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء إلى عدن، ولم تعالج الحكومة القضايا الخدمية وصرف المرتبات" وفقا لما نص عليه اتفاق الرياض.
وأشار إلى أن بقاء الحكومة في عدن لن يكون إلى ما لا نهاية .. مؤكدا بقوله : "رؤيتنا بشأن بقاء الحكومة في عدن أنه إذا لم تعالج القضايا بجدية.. سنكون في صف الشعب وسنعلن موقفنا ".
وعن المعوقات التي تقف أمام تنفيذ إتفاق الرياض، أكد الجعدي أن تعدد الأصوات واحتكار قرار الشرعية بيد حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) من الأسباب الرئيسية في عرقلة التنفيذ.
وعن إمكانية تنفيذ الاتفاق من عدمه ، قال الجعدي، "الأمر يعود إلى قوات التحالف العربي ومدى جديتهم في ذلك".
وأشار المسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي ، قائلا: "لدينا نفس طويل .. لكن الوقت الطويل قد تعدى".
من جانبها، اتهمت الحكومة اليمنية المجلس الانتقالي بإعاقة تنفيذ اتفاق الرياض.
وقال راجح بادي المتحدث باسم الحكومة اليمنية ، لوكالة أنباء "شينخوا" إن الانتقالي هو الطرف الذي يعيق تنفيذ اتفاق الرياض.
وأوضح بادي، أن "من أعاق تنفيذ الاتفاق هو الذي سرق المليارات من ميناء عدن، وهو من حرك عصابات التقطع في محافظة أبين (جنوبا) وقام بعمليات الاختطاف في محافظة شبوة (شرقا) .
وتابع " من عرقل التنفيذ أيضا هو الطرف الذي تصريحاته نارية ومستفزه".
وأشار المتحدث بادي، إلى أن "الجميع أصبح يعرف أن الإنتقالي هو الطرف الذي يعيق تنفيذ اتفاق الرياض وباعتراف كثير من قياداته الذين تحدثوا بصراحة وعلانية عن بذلك".
ويرى باحث يمني ، أن هناك صعوبة في تنفيذ الاتفاق خاصة في المجال الأمني العسكري، وأن الامر مرشح للانفجار عسكريا في أي لحظة.
وأوضح الكاتب والباحث اليمني عادل دشيلة، لوكالة أنباء "شينخوا" أن " اتفاق الرياض فاشل منذ البداية لأنه لم تكن الرغبة موجودة لدى أطراف النزاع لتنفيذه وخصوصا الطرف الذي انقلب على الدولة".
وأضاف "الوقائع على الأرض تشير إلى أنه لا يمكن تطبيق الاتفاق وخصوصا فيما يخص المجال الأمني والعسكري، وهنا المشكلة".
وبحسب دشيلة، فان " التنفيذ يبدوا غير ممكن والتصعيد العسكري في شبوة وأبين هو خير دليل على ذلك.. لذلك الأمور تسير من سيء إلى أسوأ مع الأسف".
وأشار الباحث اليمني، إلى أن السعودية (راعية الاتفاق) لديها مشاكل إقليمية أخرى ولذلك سيكون "اتفاق الرياض" ضمن الملفات الثانوية على الأقل في الوقت الراهن، مما يعني أن الأمور ستراوح مكانها وقد يتفجر الصراع عسكريا في أي لحظة.
* وكالة أنباء "شينخوا" الصينية