ابتهال الصالحي- المشاهد
خلفت الحرب في اليمن آثاراً سلبية على السكان، ومنها نزوح آلاف الأسر التي فر أفرادها للنجاة بأرواحهم وأوجاعهم إلى المجهول، بعد عجزهم عن القدرة على العيش في مناطقهم المشتعلة بالحرب، الأمر الذي فاقم من وضعهم المعيشي البائس، وتسبب في خروج الكثير من الأسر اليمنية إلى امتهان التسول، منهم الطفل أسعد الذي نزحت عائلته من الساحل الغربي إلى مدينة عدن (جنوب اليمن)، والذي اضطر لامتهان التسول، في ظل حاجة أسرته المكونة من 6 أفراد، للطعام، كما يقول لـ”المشاهد”.
ويقف إلى جوار أسعد، عدد من الأطفال، في منطقة الشيخ عثمان (جنوب مدينة عدن)، أملاً في أن يحظوا بالقليل من المال للمساهمة في إطعام أسرهم النازحة إلى المدينة.
ويكافح أكثر من 18 مليون يمني، الانجراف نحو المجاعة، لكن ملايين اليمنيين قد أصابتهم المجاعة بالفعل، وأكثر من مليون و400 ألف موظف بدون رواتب منذ 4 سنوات، ونسبة البطالة ارتفعت إلى مستويات قياسية، وصلت إلى أعلى من 60%، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وضاعفت الحرب المشتعلة بالبلاد منذ 5 سنوات، من معاناة اليمنيين، مع تزايد أعداد النازحين في مناطق يمنية أكثر هدوءاً.
يقابل ذلك، ضعف في المساعدات المقدمة للنازحين في محافظات عدة، منها عدن ومأرب وإب، الأمر الذي زاد من عدد المتسولين خلال سنوات الحرب.
لماذا تفاقمت ظاهرة التسول؟
أفرزت الحرب والوضع الاقتصادي الناتج عنها، زيادة عدد الفقراء الذين خسروا أعمالهم، وباتوا لا يستطيعون توفير قوت يومهم، حسبما يقول مدير إدارة الجمعيات والمنظمات بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالعاصمة المؤقتة عدن، عصام وادي، مؤكداً أن الكثير من الأطفال نزحوا مع أسرهم، وبخاصة من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ولم يجدوا غير الشارع بحثاً عن عمل، وعندما لا يجدون أعمالاً، يتجهون للتسول، وهذه مشكلة كبيرة تواجه المجتمع والمؤسسات المختصة، في ظل عجز عن وضع حلول لها، مع استمرار الأزمة التي تعيشها البلاد.
وتعج شوارع عدن وغيرها من المدن اليمنية، بالكثير من الأطفال المتسولين، بعد أن ضاقت بهم مخيمات النزوح، وعجزت أسرهم عن توفير احتياجاتهم من الغذاء.
وتعاني غالبية المحافظات اليمنية من انعدام الأمن الغذائي الشديد، الذي وصل إلى مستوى “الطوارئ”، وهو المستوى الذي يسبق “المجاعة” مباشرة، وذلك وفقاً لمقياس مكون من 5 نقاط في التصنيف المرحلي المتكامل لحالة اﻷمن الغذائي (IPC).
ووفقاً لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، هناك 21 مليون يمني من أصل 26 مليوناً، يشكلون تعداد سكان البلد المنهك، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، أو حماية حقوقهم.
ويصل عدد النازحين في اليمن، إلى 3 ملايين نازح، وفق تقديرات الأمم المتحدة التي تؤكد أن الرقم سيواصل الارتفاع نتيجة استمرار الصراع.
الأطفال يتركون مدارسهم
وترك الكثير من أطفال اليمن الفصول الدراسية، وذهبوا إلى التسول، بعد عجز أسرهم عن تلبية احتياجاتهم الضرورية.
ويوجد في اليمن قرابة مليوني طفل في سن التعليم خارج المدارس، منهم أكثر من مليون ونصف المليون طفل كانوا خارج المدارس قبل الحرب، وفق تقديرات منظمة اليونيسف، معتبرة أن قطاع التعليم في اليمن بات على حافة الانهيار.
وبات تعليم 3,7 مليون طفل آخر على المحك، حيث لم يتم دفع رواتب المعلمين منذ أكثر من عامين، وفق المنظمة.
وقالت ممثلة اليونيسف في اليمن، السيدة سارا بيسلو نيانتي: “لقد تسبب النزاع وتأخر عجلة التنمية والفقر، في حرمان ملايين الأطفال في اليمن من حقهم في التعليم، وحرمانهم من أملهم في مستقبل أفضل. كما يتسبب العنف والنزوح والهجمات التي تتعرض لها المدارس، في الحيلولة دون وصول العديد من الأطفال إلى المدارس. ومع استمرار عدم دفع رواتب المعلمين لأكثر من عامين، فإن جودة التعليم أصبحت أيضاً على المحك”.