بعد توقيع مصفوفة تنفيذ الشق العسكري.. ما هي فرص نجاة اتفاق الرياض من الفشل؟

مثل تبادل الأسرى بين القوات الحكومية الشرعية وقوات المجلس الإنتقالي في عدن وشبوة، خلال الساعات الماضية، مؤشراً على إمكانية مغادرة نقطة الصفر ورسالة إيجابية عن إمكانية نجاة اتفاق الرياض من مصير اتفاقات سابقة مشابهة ولدت ميتة.

 
وكان قد أُعلن يوم الخميس، عن ابرام اتفاق تفصيلي لتنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض الذي وقع قبل شهرين بين الحكومة اليمنية والمجلس الإنتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً.

 

وأكد المستشار الرئاسي أحمد عبيد بن دغر أن هذا الاتفاق يهدف إلى تسهيل تنفيذ اتفاق الرياض، الذي وقعته الحكومة والانتقالي في 5 نوفمبر العام الماضي، برعاية سعودية.

 

وجاء اتفاق الرياض لمعالجة آثار الانقلاب الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات الأحزمة والنخب التابعة له، ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وتمكنت من خلاله من السيطرة على مدينة عدن في أغسطس الماضي، والتمدد إلى محافظة أبين.

 

ورغم أن اتفاق الرياض نص على تنفيذ حزمة من الإجراءات السياسية، وأخرى أمنية وعسكرية، تم تزمينها، إلا أن أياً منها لم ينفذ حتى الآن، عدى عودة جزئية مقيدة لرئيس الحكومة معين عبدالملك، فيما بقيت البنود المتعلقة بالجانب العسكري والأمني حبراً على ورق، وعنواناً للتراشقات الإعلامية.
 

اتفاق على الاتفاق


وحسب الإعلان الذي نشره بن دغر، فإن الاتفاق يشمل مصفوفة الانسحابات المتبادلة وعودة القوات إلى مواقع متفق عليها، وتبادل الأسرى وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، معتبراً ذلك نقلة لاتفاق الرياض إلى مرحلة متقدمة على طريق التطبيق الشامل للاتفاق في شقه العسكري.

وقال بن دغر إن الاتفاق الأخير سيمنع أي تفكير نحو القيام بأعمال عسكرية، وذلك في أعقاب تهديدات أطلقها الانتقالي باتخاذ موقف من اتفاق الرياض، بعد انتهاء المدة الزمنية لتنفيذه نهاية شهر يناير/كانون الثاني الجاري، حيث توعد أحمد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي (برلمان موازي للبرلمان اليمني) الاثنين الماضي، أن الانتقالي سيكون له موقف حول ما سيتم اتخاذه من إجراءات بالتنسيق مع التحالف، بعد مدة 90 يوماً على التوقيع على اتفاق الرياض.

 

ونص الاتفاق الجديد على فترة لا تزيد عن 20 يوماً، تبدأ من السبت 11 يناير لتنفيذ اتفاق الرياض، وتشمل القيام بعملية جمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من عدن، وتجميعها تحت إشراف مباشر من السعودية، وتبادل أسرى احداث أغسطس الماضي، وتنفيذ أولى خطوت الشق السياسي لاتفاق الرياض، لاسيما ما يتعلق بتعيين محافظ ومدير أمن لعدن من قبل الرئيس هادي بعد التشاور.

 

وبدا واضحاً تحرك السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، وصولاً إلى عقد اتفاق على تنفيذ اتفاق الرياض، لتدارك الفشل الذي بدا واضحاً بعد انقضاء المدة الزمنية لتنفيذه، وإعلان الانتقالي تعليق مشاركته في لجان تنفيذ الاتفاق، في الوقت الذي بدأ وزير النقل في الحكومة الشرعية صالح الجبواني بزيارة إلى تركيا، والتصريحات التي أطلقها حول تفاهمات مع الحكومة التركية للتعاون في مجال تطوير الموانئ والمطارات، الأمر الذي ترفضه السعودية، وبدا ذلك واضحاً في تبرؤ الحكومة اليمنية من خطوات الجبواني، واعتبارها مسألة شخصية لا علاقة للحكومة بها.

 

وعلاوة على الاتهامات المتبادلة بين الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي، بالتسبب في عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، فإن عدداً من بنود الاتفاق بدت فضفاضة، وتسببت بعضها في تقديم كل طرف تفسيراً مغايراً، وصولاً إلى الاتفاق الجديد الذي يبدو أنه محاولة للفصل بين التفسيرات المتباينة.

اتفاق المستجدات الأخيرة

ويعتبر الصحفي والكاتب عبدالرقيب الهدياني، أن الاتفاق الجديد هو محاولة من الراعي لإنقاذ "اتفاق الرياض" من الفشل بعد نفاد كل المدد الزمنية، منذ التوقيع الأول، وتدارك الأمر، بعد المتغيرات المحلية والإقليمية الأخيرة.

 

وأوضح الهدياني الذي تحدث لـ"المصدر أونلاين" قبل خطوة إطلاق الأسرى أن تحرك الرياض اليوم، جاء بعد أن كانت السعودية قد بدأت العمل على مشروع آخر مع الحوثيين ومحاولتها لإخراج اتفاق كامل لإنهاء الحرب في اليمن، لكنه قال إن التطورات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وتهديد السعودية والخليج، دفع السعودية للتحرك لإنقاذ اتفاق الرياض، وإعادة ضبط الأوضاع في عدن والمحافظات المحررة وحشد الطاقات الموجودة، تحت لواء الشرعية لمواجهة الخطر الأساسي المتمثل في الحوثيين.

 

وأبدى الهدياني شكوكاً في مدى سير الأمور بعد توقيع الاتفاق الجديد إلى التنفيذ على أرض الواقع، رغم حديث الأطراف المعنية عن جديتها، والذهاب باتجاه تطبيق الشق العسكري والسياسي للاتفاق.

 

ورغم أنه يذّكر بما أسماه الحصاد البائس وخيبة أمل نتيجة أداء التحالف والسعودية خلال السنوات الماضية، وقال إن ذلك لا تساعد على التفاؤل، لكنه فضل أن نترك التقييم للأيام القليلة القادمة، لإثبات جدية السعودية من عدمها.

 

اتفاق جديد وتنازلات جديدة

ويعتقد رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، أنه بالنظر إلى اتفاق الرياض وخطته المزمنة فإنه يمكن القول أن التوقيع الجديد على تسريع تطبيق المرحلة الثانية هو محاولة لإنقاذ الاتفاق من الفشل.

 

ويضيف في حديثه لـ"المصدر أونلاين": "فبالنظر للاتفاق لم يطبق في مرحلته الأولى شيئ غير عودة رئيس الحكومة بوزراء معدودين، أما المدة الزمنية للاتفاق الذي وقع في 5 نوفمبر يفترض توحيد وإعادة توزيع القوات الأمنية، وضمها لوزارة الداخلية، خلال 60 يوما وتشكيل الحكومة وإخراج كل التشكيلات العسكرية من عدن وتولي قوات الشرطة والنجدة بعد 30 يوما وتحدد تعيين محافظ ومدير امن لعدن وعودة القوات إلى أماكنها وجمع الأسلحة بعد 15 يوما، فلم يتحقق منها شيء".

 

ويرى محمد أن التوقيع الجديد في وقت كان يفترض فيه الانتهاء من تطبيق الاتفاق، يكشف عن فشل، وأنه أُعيد توقيع اتفاق اخر، خاصة وانه ظهرت فيه بنود لم تكن موجودة في الاتفاق الآخر مثل بند إطلاق سراح المعتقلين.

 

ويرجح وجود اتفاق آخر بصيغة أخرى تم الضغط للتوقيع عليه، لكنه يتساءل أي من الطرفين قدم تنازلا أكثر يا ترى؟.

 

كما أن إعلان التوقيع الثاني جاء بالتزامن مع تصاعد التوتر في المنطقة ومخاوف من حرب بين طهران وواشنطن ولذلك يبدو أن ذلك ساعد السعودية للضغط من أجل إعادة تطبيق اتفاق الرياض أو فرض اتفاق آخر فالوضع لا يسمح بفوضى في المناطق المحررة وأي فراغ تستفيد منه إيران .