جدد مجلس الأمن الدولي اتفاق الحديدة، الذي تم توقيعه نهاية العام 2018 في العاصمة السويدية ستوكهولم، لمدة 6 أشهر جديدة، حيث كانت الأمم المتحدة هي الراعية للاتفاق وبحضور أطراف النزاع في اليمن و ممثلو الدول الأعضاء.
وتفاوتت الرؤى حول التمديد، ما بين رفض الشرعية والجنوب اليمني وتأييد الحويثيين، ولكل طرف أسبابه ومبرراته، حيث يرى فريق الشرعية أن عاما كاملا منذ التوقيع في السويد لم يتحقق فيه أي من البنود الخاصة بالحديدة والتي تعيش كارثة إنسانية، في حين يرى الحوثيون أن سيطرة الشرعية والتحالف على الشريان الوحيد لهم يمثل كارثة كبرى.
الشق الإنساني
قال اللواء عبد الله الجفري الخبير الإستراتيجي وعضو مجلس الشورى بالعاصمة اليمنية صنعاء لـ "سبوتنيك"، إن اتفاق الحديدة الذي تم توقيعه في نهاية العام 2018 بالعاصمة السويدية ستوكهولم يستهدف الشق الإنساني، في المقام الأول في الحديدة فقط، نظرا لما تحتله تلك المحافظة من مكانة استراتيجية ووضع مأساوي يعيشه أهلها في ظل العدوان والحصار، وكانت عملية السويد تمهد لتسوية سياسية قادمة بإشراف الأمم المتحدة و حضرته كل الأطراف.
وأضاف عضو الشورى، هناك بعض القوى الإقليمية لا تريد تنفيذ الاتفاق نظرا لدفعهم بعملائهم في الساحل الغربي لتحقيق انتصارات عسكرية ومكاسب سياسية، وتوقيع حكومة هادي على اتفاق السويد كان بهدف استغلال الوقت والمناورة السياسية.
حسن النوايا
وتابع الجفري، توقيع السلطة في صنعاء على اتفاق السويدكان بهدف إثبات حسن النوايا أمام المجتمع الدولي والإقليمي وكل أبناء الشعب اليمني بأننا دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، ولأن ميناء الحديدة هو الشريان والمنفذ الوحيد الذي يتغذى منه أكثر من 20 مليون يمني.
وأشار عضو الشورى إلى أن المجتمع الدولي يعي جيدا أن تسييس ميناء الحديدة والتحكم به من جانب التحالف يعد انتهاكا صارخا لكل الاتفاقيات الدولية، والمساس به جريمة حرب وضد الإنسانية، واليوم بعد أن فشلت حكومة هادي وداعميها من دول التحالف على كافة الأصعدة والمستويات، يريدون استخدام الورقة الاقتصادية وبشكل خاص بعد نقل البنك من صنعاء إلى عدن وعدم صرف المستحقات.
وأكد الجفري أن هذا الاتفاق حقق تقدما بسيطا على المستوى الإنساني، هذا بجانب أنه لم يحدث أي تقدم عسكري من الطرف الموجود في الساحل الغربي والمدعوم من قبل التحالف، فإذا بقي هذا الاتفاق لمدة عام سنكون حققنا انتصارات كبيرة جدا، لأن الميناء ظل طوال العام الماضي مفتوحا ومسيطرا عليه من جانب الجيش واللجان الشعبية.
متمسكون بضبط النفس
وحول النتائج التي كان يمكن أن تحدث لو لم يتم تجديد اتفاق الحديدة من قبل الأمم المتحدة قال عضو الشورى: "اتفاق ستوكهولم تم بإشراف الأمم المتحدة وأطراف دولية، ويحاول التحالف وحكومة هادي تفجير الأوضاع من الداخل من أجل إسقاط الاتفاق، في الوقت الذي تتمسك فيه أنصار اللهوحلفائهم بضبط النفس ويقومون بتنفيذ الاتفاق من طرف واحد لكي يثبتوا للمجتمع الدولي أنهم ملتزمون بما تم الاتفاق عليه، علاوة على ذلك، هناك مشرفين من الأمم المتحدة على كل بند من بنود الاتفاق".
وأوضح الجفري، أن التجديد الآن لستة أشهر أخرى وبإشراف دولي والأمم المتحدة يؤكد للعالم بكل وضوح من هم الملتزمون بما تم الاتفاق عليه، وأي اختراق له من الطرف الآخر سيحاسب عليه أمام العالم.
كوارث جديدة
وعلى الجانب الآخر قال مأمون المهجمي الناطق الرسمي لألوية العمالقة لـ"سبوتنيك"، إن تمديد اتفاق ستوكهولم يجر الحديدة إلى كوارث جديدة وأضاف لم تكتفي المبادرة الإنسانية بحصاد عام من أبناء الحديدة الأبرياء والذي بلغ مئات من الأطفال والنساء والشيوخ بيد الميلشيا الحوثية".
وتابع ناطق العمالقة "بعد عام كامل من منح البعثة الأممية صلاحية تنفيذ بنود الاتفاق، وتعاقب ثلاثة جنرالات لرئاسة اللجنة مختلفي الجنسيات، والتي لم تستطيع إيجاد الحرية لتحركات موظفي البعثة نفسها، وتم إهانتهم في مطار صنعاء ومصادرة أغراضهم الشخصية من قبل عناصر ميليشيا الانقلاب مما يقطع الشك باليقين أن البعثة تتلذذ بعقوق الابن العاصي".
فاتورة دماء
وأكمل المهجمي "مجلس الأمن يجدد لستة أشهر قادمة ، يجدد فاتورة دماء يسددها أبناء الحديدة، يجدد السماح "لعصابة مران الإرهابية" تنفيذ إرهابها في الحديدة وقتل الأطفال والنساء على امتداد الساحل الغربي".
واختتم المهجمي"يأتي كل ذلك في ظل تزايد انتهاكات المليشيات بحق المدنيين في مناطق سيطرة الميلشيا، ومناشدة الأهالي بسرعة تطهير مناطقهم وإخراجها من سطوة الانقلاب الجائر".
تأكيد الفشل
وقال عبد الحفيظ الحطامي الكاتب والمحلل السياسي اليمني لـ"سبوتنيك"، تمديد اتفاق الحديدة عن طريق لجنة التنسيق وإعادة الانتشار بمجلس الأمن يعد تأكيدا لعام من "الفشل"، فرغم مرور عام على توقيع الاتفاق لم يتحقق أي شيء على الأرض ولم ينفذ أي من بنود الاتفاق.
وأضاف الحطامي، أعتقد أن التمديد يهدف إلى إيجاد المزيد من الوقت أمام الحوثيين للاستمرار في التمدد والتزود بالأسلحة، وهو ما تعتبره حكومة الشرعية تواطئ من مجلس الأمن بصفة عامة، ولم يبد الحوثيون أي رأي في هذا التمديد حتى الآن سوى مزيد من الاتهامات للشرعية والتحالف بخروقات ميدانية للاتفاق، رغم أنهم الأكثر خرقا للاتفاق خلال العام 2019 ومن ضمنها منع مرور قافلات الإغاثة الإنسانية ولم يتم محاسبتهم على ذلك.
وأوضح المحلل السياسي إلى أن التمديد لم يشر إلى أي بنود أو اتفاقيات جديدة قد يتم توقيعها خلال الأشهر الست القادمة، أو أي آلية جديدة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، والكثير من المعطيات بالميدان تؤكد أن التمديد ليس له أي اعتبار في إطار إحلال الأمن والاستقرار في محافظة الحديدة والتي تعاني الكثير من الويلات نتيجة استمرار الاشتباكات بين القوات المتقاتلة.
وكانت الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله" توصلتا في جولة مفاوضات السلام في السويد، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، إلى اتفاق بشأن الحديدة، تضمن إعادة الانتشار المشترك للقوات من مدينة الحديدة وموانئها، الحديدة والصليف ورأس عيسى، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ، إضافة إلى اتفاقية لتبادل الأسرى وتحسين الوضع في تعز، إلا أنها لم تنفذ بسبب اختلافات بين الطرفين حول تفاصيلها.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.