عرس تحول إلى مأتم في السودان

السودان.. قصة حفل العرس الذي تحول إلى مآتم (شاهد)

لم يتخيل سكان حي الحاج يوسف البسيط شرقي العاصمة السودانية في أسوأ كوابيسهم أن يتحول الاحتفال التمهيدي لزواج الجيران إلى ثلاثة مآتم تحيط بمنزل العروس وأهلها. 

فبعد ساعات طويلة من انفجار قنبلة يدوية على يد أحد حاضري "حفل الحناء" وتحوله إلى أشلاء، كانت الوجوه ما زالت تكابد الصدمة العنيفة، وعلامات الحزن لا تبرح ذوي العرس إلا لتعود حين يتذكرون كيف تحولت الأغاني إلى نواح وصراخ خلال 25 ثانية هي الفترة التي استغرقها المشهد الأليم. 

وبحسب بيان مقتضب أصدره المكتب الصحفي للشرطة في وقت متأخر أمس الاثنين، فإن حادث الحفل العائلي أودى بحياة خمسة أشخاص بينهم حامل القنبلة المنفجرة، وهو نظامي "حضر إلى مكان الحفل" -طبقا للبيان- بجانب أربعة آخرين. 

وأوضحت الشرطة أن الانفجار الذي وقع حوالي الساعة السادسة من مساء الاثنين أثناء "حفل خاص"، نتج عنه كذلك إصابة أكثر من 25 شخصا من الحضور بإصابات متفاوتة. 

وأضافت "فور ورود البلاغ تحركت قوات الشرطة إلى مكان الحادث، حيث تم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي الإسعافات والعلاج، وباشرت وحدات الشرطة المختصة إجراءات التحقيق والتحري، وتم فتح بلاغ بقسم شرطة الشقلة بدائرة الاختصاص".


سرادق عزاء لأحد الضحايا الأطفال (الجزيرة نت)
سرادق عزاء لأحد الضحايا الأطفال (الجزيرة نت)

روايات متضاربة
لكن في مكان الحادث الذي زارته الجزيرة نت، تضاربت الروايات بشأن عدد القتلى والمصابين، حيث أكد شهود العيان أن عدد القتلى سبعة بينهم ثلاث أطفال، نصب ذوو اثنين منهم سرادق العزاء قرب منزل المناسبة العائلية الدامية، حيث ما زالت بقع الدماء تملأ الأرض. 

ويؤكد خالد ومحمد -وهما من شباب لجان المقاومة بمنطقة الحاج يوسف- للجزيرة نت أن تدخل الأهالي السريع أسهم في إسعاف العشرات إلى المستشفيات القريبة، حيث كان المنظر بشعا للغاية مع تطاير أطراف بعض الضحايا جراء قوة الانفجار. 

 

وأشارا إلى أن العدد الكلي للمصابين بلغ 55، إصابات بعضهم طفيفة فغادروا المستشفى بعد إسعافات أولية، بينما تم نقل الحالات الخطرة إلى مشافي شرق النيل و"رويال كير" و"الأمل" حيث ينتظر أن يخضع بعضها لعمليات مستعجلة.

وأكد الشابان اللذان أشرفا على عمليات الإنقاذ، وكانا يجريان اتصالات لحث الشباب على التوجه إلى المشافي للتبرع بالدم، أن من المصابين من فقد إحدى قدميه أو يديه، بينما يعاني آخرون من كسور في الرجل والعنق.

ويقول خالد "كان واضحا أن النظامي الذي يحمل القنبلة هو الأقرب إليها من واقع فقدانه أطرافه وتضرره بنحو بالغ جراء الانفجار"، وهذه الرواية هي ما ضحدت الحديث عن تعمد الرجل إلقاء القنبلة في الحفل، كما استبعد وجود أي دوافع سياسية وراء الحادثة.

 

لا سابق معرفة
وتؤكد داليا حسن شقيقة الشابة التي كانت تتهيأ للزفاف، عدم معرفتهم بالرجل الذي فجر القنبلة، خلافا لما يشاع في وسائل التواصل الاجتماعي. 

وتقول داليا إن المعلومات التي حصلوا عليها لاحقا أشارت إلى أنه يقطن في حي غير بعيد، "لكن لا نعرف عنه شيئا، ولا ندري لماذا أتى حاملا القنبلة".

وتشير إلى أن قريبات لها أخبرنها بأنه هتف في وجوههن طالبا منهم الابتعاد لأنه سيلقي بشيء يحمله لم يكن أحد يدري كنهه، إلى أن سمع الجميع دوي الانفجار وصرخات الضحايا. 

وتقول داليا للجزيرة نت إن الحادث وقع بعد انتهاء الحفل المصغر وانفضاض غالب المدعوين وبقي منهم الجيران والأقرباء، مضيفة أن أغلبهم الآن في المستشفى يعانون من إصابات متفاوتة.


داليا حسن: لا نعرف الرجل الذي فجر القنبلة، وما عرفناه أنه يسكن في حي غير بعيد (الجزيرة نت)
داليا حسن: لا نعرف الرجل الذي فجر القنبلة، وما عرفناه أنه يسكن في حي غير بعيد (الجزيرة نت)

ويوضح شاب آخر من أبناء الحي الذي وقع فيه الانفجار أن المفجر كان شابا صغير السن ويحمل القنبلة منذ حضوره إلى المكان بعد الظهر، وأنه أظهرها لبعض الموجودين على سبيل المباهاة واستعراض القوة. 

ويرجح الشاب في حديثه للجزيرة نت فرضية جديدة للحادث، مفادها أن القنبلة ربما كانت ستسقط من تحت ملابسه فحاول الإمساك بها لكنها انفجرت في وجهه، مستبعدا أن يكون الحادث متعمدا. 

وبحسب مسؤول رفيع في شرطة الولاية استفسرت منه الجزيرة نت، فإن التحريات ما زالت مستمرة لمعرفة كيفية حصول الشاب على القنبلة والجهة النظامية التي ينتمي إليها. 

وحتى الآن، لا حديث لسكان الحي وما جاوره من مناطق إلا عن الانفجار الأليم وأسبابه التي ما زال يكسوها الغموض، في حين يبقى السؤال الأبرز بلا إجابة: كيف ولماذا يتنقل نظامي حاملا قنبلة؟ ومن المسؤول عن أرواح الضحايا؟

المصدر : الجزيرة