مجزرة الكلية العسكرية في بطرابلس كانت «بروفة» ارتكبها «العقل المدبر» للثورات المضادة العربية في أبوظبي.
لا ترغب السعودية بكشف مثالب «حليفها» الإماراتي لما يعنيه ذلك من تلاعبه واستهزائه بحكاية «التحالف».
استخدمت في المجزرة الأولى طائرة مسيّرة وفي الثانية طائرة مسيّرة أيضاً إضافة لصاروخ باليستي موجّه!
بعد اتهام ميليشيا حفتر المسماة «جيش وطني ليبي» توجّهت الاتهامات إلى من يديرون الجنرال وجيشه في أبو ظبي.
«نجاح» أبوظبي في الحادثة الليبية جعلها تكرّرها باليمن لقتل عددا أكبر بكثير من الجنود المحسوبين على حلفائها في «التحالف» لتزيد مجازرها بمشارق العرب ومغاربهم.
* * *
في ليل اليوم نفسه وبفارق أسبوعين، ولكن في بلدين عربيين مختلفين، هما ليبيا واليمن، جرت مجزرتان:
- الأولى ضد طلاب جنود في الكلية العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس،
- الثانية ضد جنود كانوا يؤدون الصلاة في مسجد ثكنتهم العسكرية في مدينة مأرب اليمنية.
استخدمت في الأولى طائرة مسيّرة، كما تمّت المقتلة الثانية بطائرة مسيّرة أيضاً إضافة إلى صاروخ باليستي موجّه.
قتل في الهجوم الأول 30 طالبا وجرح 33 آخرون ممن كانوا يقومون بعملية الجمع المسائي في الباحة الرئيسية للكلية استعدادا للدخول إلى عنابرهم قبل تعرّض الباحة إلى قصف جوّي، وبعد اتهام ما يسمى «الجيش الوطني الليبي» الذي يديره الجنرال خليفة حفتر، توجّهت الاتهامات إلى من يديرون الجنرال وجيشه في أبو ظبي.
ولم يتردد غسان سلامة، المندوب الأممي إلى ليبيا، في التلميح إلى الإمارات بقوله إن من نفذ الهجوم كان دولة «مساندة» لحفتر بقصف الكلية منتقدا «عدم قدرة مجلس الأمن على إصدار قرار يطالب بوقف إطلاق النار في ليبيا».
استهدف الهجوم الثاني مسجدا في ثكنة تدريبية لمجندين من عدن وأبين يتلقون تدريبات في مأرب، وهو ما يعني أن الهدف تم رصده استخباراتيا وبدقة عالية، وأدى الهجوم المريع، إلى حصيلة فظيعة من 116 مجندا قتيلا وإصابة 80 آخرين.
وبعكس ليبيا التي لا يتحرّك فيها غير طرفين، فقد كان اتجاه الاتهام الأول هو الحوثيين، حيث سارعت الحكومة الشرعيّة اليمنية باتهامهم واعتبار الهجوم انتقاما إيرانيا لمقتل الجنرال قاسم سليماني.
ما لبثت الشكوك أن حامت حول هذا الاتهام، فقد سكت الحوثيون عن التعليق، كما لو أنهم لا يريدون تفويت فرصة الادعاء بقدراتهم العسكرية، وهو أمر تم استخدامه، من دون نجاح كبير، في زعم المسؤولية عن قضايا أكبر مثل الهجمات على ناقلات نفط في الخليج العربي.
ثم جاء تصريح لوزير الداخلية اليمني نائب رئيس الوزراء، أحمد الميسري، ليوجّه البوصلة باتجاه آخر مطالبا «التحالف العربي» بتوضيح ما حدث في الهجوم على الثكنة المذكورة، لأن التحالف «هو من يملك الأجواء».
وجاء بعد ذلك قائد اللواء الرابع للحكومة، العميد مهران محمد سعيد القباطي، فانتقل درجة من سؤال وزير الداخلية للتحالف لـ«توضيح» ملابسات المجزرة، إلى التشكيك في الجهة التي تقف وراء عملية قصف المعسكر التدريبي مطالبا «أهل الاختصاص» بالتحقيق لمعرفة الجهة التي كانت وراء «العدوان الغادر» منهيا تصريحه بالقول: «نعرف عدونا جيدا»، في إشارة واضحة إلى وجود شكوك حول الجهة الحقيقية التي وقفت وراء الهجوم.
رغم التصريحات الواضحة أحيانا، من قبل مسؤولي الشرعية اليمنية إلى الدور الخبيث الذي تلعبه أبو ظبي في اليمن، فإن موضوع المجزرة الكبيرة في مأرب ظل مفتوحا للتلميح فحسب.
فلا المسؤولون يملكون دليلا دامغا يمكنهم إبرازه ضد أبو ظبي، ولا الحوثيون يرغبون في إنكار التهمة كلّيا وهم الذين سبق لهم قبول ادعاءات لا تتناسب مع حجمهم الحقيقي، ولا السعودية ترغب فعليا في كشف مثالب «حليفها» الإماراتي لما يعنيه ذلك من تلاعبه واستهزائه بحكاية «التحالف».
غير أن الإشارات المنطقية تقول إن الهجوم على طلاب الكلية العسكرية في طرابلس ليلة السبت 4 كانون الثاني/يناير 2019، كان «بروفة» قام بها «العقل المدبر» للثورات المضادة العربية في أبو ظبي، وأن «نجاحه» في الحادثة الليبية، جعله يكرّر ذلك في ليلة السبت 18 كانون الثاني/يناير 2019 ليقتل عددا أكبر بكثير من الجنود المحسوبين على حلفائه في «التحالف»، وليزيد بذلك عداد المجازر التي ينفّذها في مشارق ومغارب المنطقة العربية.
المصدر | القدس العربي