في نهم التي توقفت عندها معارك استعادة الدولة وإسقاط سلطة المليشيا منذ عام 2016، عادت المعارك لكنها غير واضحة الملامح، أو الاتجاه.
فبينما كان البعض يتحدث عن انطلاق معركة استعادة صنعاء، جاءت الأخبار لتشير إلى سقوط معظم مواقع الجيش الوطني هناك بيد مليشيا الحوثي، ولا تزال المعركة قائمة.
بعد قرابة أربعة أعوام من سيطرة الجيش الوطني على منطقة نهم شرق العاصمة صنعاء، وبقائه فيها بقرار سياسي، عادت مليشيا الحوثي لتسيطر على معظم المنطقة، ويعود الجيش الذي كان على مشارف صنعاء للدفاع عن مأرب.
تصفية القضية اليمنية
أطلقت مليشيا الحوثي عملية عسكرية واسعة في ظل تواجد المبعوث الأممي وعدد من السفراء الأوروبيين في صنعاء، وهو ما يجعل البعض يرى أنها عملية ذات علاقة بجهود تصفية القضية اليمنية التي يتم العمل عليها إقليمياً ودولياً.
يرى هؤلاء أيضاً أن موقف التحالف الغامض تجاه المعركة في نهم، لا يفسره سوى أن هناك توجهاً لتصفية الجيش لأنه -حسب رأيهم- سيبقى يمثل معيقاً لأهدافهم في المحافظات الجنوبية.
على الجهة المقابلة طرف آخر يرى في ما يحدث بنهم مجرد جولة واحدة من معركة لم تنته مع مليشيا الحوثي، وأن النتيجة التي قد تسفر عنها لا تخرج عن كونها نتيجة مؤقتة مرهونة بالظروف التي يقاتل فيها جنود الجيش الوطني.
استدراج للحوثيين
المحلل السياسي عبدالهادي العزعزي قال إن ما جرى في فرضة نهم وبعض الجبال فيها لا يعتبر سقوطا لأن بعض المواقع تم استعادتها والبعض الآخر كان لا بد أن يتم الانسحاب منها حتى ينكشف العدو الحوثي والخروج من شرك الألغام وكتائب القناصات التي حولها الحوثي إلى مترس دائم لقواته.
وأضاف العزعزي، خلال حديثه للبرنامج الأسبوعي "فضاء حر" على قناة بلقيس، أنه "كان من الضروري استدراج الحوثي وإخراجه من حالة التحصين التي كانت تمكنه من صد هجمات الجيش الوطني إلى حالة المواجهة؛ حيث تم الانسحاب بشكل تكتيكي كما أعلنت وزارة الدفاع في بيانها".
ولفت العزعزي إلى أن الحوثيين ربما يفقدون زمام المعركة، خصوصا مع اتساع رقعتها الجغرافية والتي لم تقتصر حاليا على نهم ومأرب، بل تعدت لتدخل ثلاث محافظات، هي البيضاء والجوف وصنعاء.
من جهته؛ قال الناشط السياسي زيد الشليف أن المواقع لم تسقط في جبهة نهم وإنما أضطر الجيش الوطني بعد معارك عنيفة للانسحاب بشكل بسيط من بعض المواقع.
معتبرا الحديث عن سقوط نهم بشكل كامل بيد الحوثيين غير صحيح ومبالغ فيه.
وأوضح الشليف أن الحوثيين عندما بدأوا الهجوم قاموا بنشر أخبار كاذبة تفيد بسقوط جبهة نهم، وانساق وراء هذه الأخبار الكثير رغم عدم صحتها.
لافتا إلى أن الحوثيين قاموا بقطع الاتصالات على الجيش الوطني في نهم، واختراق أجهزة بعض الوحدات فيه، وأصدروا أوامر بالانسحاب لهذه الوحدات دون أن يعلم الجنود مصدرها، مما تسبب في حصول بعض الاختلالات.
وتابع" الحوثيين تمكنوا من استدراج الجيش في نهم من الميمنة والمسيرة، بعدها اتسعت رقعة المعركة في مناطق وجبال واسعة، ما دفع بالجيش إلى التوقف لتغطية المواقع والحفاظ عليها".
قرار داخلي
العزعزي عاود حديثه قائلا: "المعركة في نهم ذات قرار داخلي مع وجود توافق مع السعودية، بدليل حركة قيادة العمليات المشتركة، وذلك ما يمثل المملكة".
وأبدى العزعزي تفاؤله بكسب المعركة وهزيمة الحوثيين، معولا على معنويات الجيش، والإسناد الشعبي والنكف القبلي الذي هب لمؤازرة الجيش من محافظات عدة.
وتطرق العزعزي إلى اختراق الحوثيين للاتصالات اللاسلكية للجيش، معتبرا بقاء منظومة الاتصالات بيد الحوثي خطأ يجب تداركه بأسرع وقت كون الاتصالات تعني السيطرة.
وحول تواري وزير الدفاع عن المشهد وبروز شخصية صغير بن عزيز وما إذا كان ذلك يشير إلى سعي التحالف لتصفية الجيش الوطني، أوضح الناشط الشليف أن قيادة الجيش قيادة موحدة وتعمل تحت وزارة الدفاع، نافيا بشدة وجود أي خلافات عسكرية في نهم.
مفسرا تراجع الجيش في بعض المواقع في نهم إلى نقص الدعم والامكانيات التي تؤهل الجيش للتقدم نحو صنعاء، لافتا إلى أن الدعم الذي تتلقاه قوات الجيش مجرد دعم للحفاظ على المواقع، بعكس العدو الحوثي الذي يقاتل بسلاح الدولة.
وتابع: " تدخل التحالف بضربات جوية لا يكفي، يجب أن يمتلك الجيش الوطني جميع مقومات القوة والأسلحة التي تؤهله لدحر المليشيا".
وبخصوص الموقف الدولي وموقف المبعوث الأممي مما يجري في نهم، قال الشليف أنه لا يعول على مواقفهم كونهم من يريد الإبقاء على الحوثي في صنعاء، ومواقفهم تصب في صالح المليشيا.
العزعزي يرى أن الحل السياسي لن يكون إلا من أفواه البنادق والمدافع. مضيفا أن الحلول السياسية لن تأتي ما لم يكن هناك قوة تجبر الخصم للقبول بها.
وحول عدم تحرك بقية الجبهات في المحافظات الأخرى للضغط على المليشيا، لم يستبعد الشليف أن تكون المفاوضات السرية بين السعودية والحوثيين هي الدافع وراء تجميد الجبهات في أكثر من مكان.