مسلحون حوثيون- أرشيفية

هل خذلهم التحالف.. هذه أسباب تراجع الجيش اليمني بجبهة نهم

نفذ الحوثيون هجمات مكثفة ومباغتة على مواقع الجيش الحكومي اليمني خلال السبعة الأيام الماضية في جبهة نهم شرق العاصمة صنعاء، والتي ظلت قوات الشرعية مرابطة فيها لأكثر من أربعة أعوام، ولكن نسبة كبيرة منها باتت حاليا تحت سيطرة الحوثيين، وسط تراجع لقوات الجيش باتجاه محافظة مأرب.

هذا التقدم المتسارع للحوثيين الذي تزامن مع هجمات أخرى لهم على مواقع الجيش في عدد من مديريات محافظة الجوف القريبة من محافظتي صنعاء ومأرب، أثار تساؤلات اليمنيين عن الأسباب الفعلية التي جعلت الجيش يتخلى عن بعض مواقعه خصوصا في ظل تعدد الروايات عن حقيقة ما جرى.

قائد العمليات المشتركة يتفقد خطوط التماس في جبهة نهم (الجزيرة نت)

أسباب التقدم
وبحثا عن تلك الأسباب، تواصلت الجزيرة نت مع قيادات في الجيش الوطني ومصادر عسكرية أخرى أكدت جميعها أنه منذ أكثر من سبعة أيام بدأ الحوثيون بتنفيذ هجمات هي الأعنف على مواقع الجيش من جميع الاتجاهات، وكانت وحدات الجيش تحاول الصد ولكن بعضها وجدت نفسها مكشوفة وغير قادرة على البقاء في مواقعها.

ومن بين الأسباب التي مكّنت الحوثيين من إحراز التقدم وفقا للمصادر العسكرية التي تحدثت للجزيرة نت وطلبت عدم الكشف عن أسمائها، هو تمكن الحوثيين من اختراق شبكة الاتصالات اللاسلكية الخاصة بالجيش الوطني وإصدار أوامر وهمية إليهم بالانسحاب من مواقعهم، وكذلك قيامها بتعطيل شبكة الاتصالات الأخرى والإنترنت حتى أصبحت المنطقة العسكرية السابعة التابعة للجيش الوطني وتلك الجبهات معزولة تماما.

ولم تقتصر أسباب انسحاب الجيش اليمني على هذه العوامل التكتيكية للحوثيين فقط ولكن أيضا خذلان طائرات التحالف السعودي الإماراتي كان هو الآخر سببا رئيسيا لما جرى، إذ لم تقم بأي عمليات استهداف مباشرة لقوات الحوثيين وفقا لما أكده العميد في الجيش الوطني محمد الجمرة الذي قال إن أرتال الحوثيين العسكرية كانت تتجول في مواقع المعارك، بينما تقوم طائرات التحالف بالتحليق في الوقت ذاته وكأن مهمتها حمايتها وليس استهدافها.

وفيما يتعلق بالضربات المحدودة التي نفذتها طائرات التحالف خلال المعارك، قالت مصادر عسكرية للجزيرة نت إنها استهدفت مخازن أسلحة الجيش الوطني عقب عمليات الانسحابات فقط، وذلك بطلب من قيادات القوات الحكومية كي لا يغنمها الحوثيون لاحقا.

 

مبررات الحوثيين للتصعيد
وسألت الجزيرة نت بالمقابل عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي محمد البخيتي عن الدوافع التي جعلتهم يصعدون بهذا الشكل، فرد بالقول "كانت الأمور تسير بيننا وبين حزب الإصلاح بشكل جيد، "تهدئة في الجبهات، ودعوة مشتركة لعودة المقاتلين اليمنيين من جبهات الحدود مع السعودية، واستشعار الطرفين لخطر المشروع الإماراتي غرب تعز، وخطر استهداف وحدة اليمن"، ولكننا فوجئنا بهجوم مباغت في جبهة نهم وبغطاء جوي من دولتي العدوان (السعودية والإمارات) رغم وجود تفاهم بين العسكريين من الجانبين على الهدنة.

وتابع البخيتي "لا نعرف بالتحديد الأسباب التي دفعتهم لهذا التصعيد، وعلى ما يبدو أن ضغوط دول العدوان كانت سببا لذلك، وعلى أي حال فإنها خطوة غير موفقة ولم تكن في صالحهم خصوصا أن موازين القوى باتت تميل لصالحنا".

ولكن مصدرا مسؤولا في الدائرة السياسية لحزب الإصلاح وصف تصريح البخيتي بالممجوج والكاذب، وقال إنه "يحاول من خلالها النيل من مواقف الحزب الثابتة ضد مشروع الحوثي التدميري المدعوم من إيران"، مؤكدا أن "تلك الأقوال لم تعد تنطلي على أحد وأنها توضح حالة الانهزامية والهستيرية التي يمر بها البخيتي وجماعته".

 

ترتيبات جديدة
ولتفنيد تلك التطورات المتلاحقة وما قد ينتج عنها، تحدثت الجزيرة نت مع الخبير العسكري اليمني علي الذهب الذي قال إن الحوثيين في الواقع لا يملكون القوة التي يستطيعون بها الوصول إلى عمق محافظة مأرب أو الجوف لأن الحرب كر وفر، وإن الجيش الحكومي الذي وصل إلى منطقة العلم في عدن جنوب البلاد قبل أشهر لن يسمح للحوثيين بتحقيق غاياتهم بسهولة.

ويضيف الذهب للجزيرة نت، "صحيح هناك إخفاقات من قبل الجيش أو قياداته ومن قبل التحالف، وربما هناك خطط معينة لإدارة المعركة أو لإعادة ترتيب الصفوف العسكرية للشرعية اقتضت مثل تلك الأشياء التي حدثت واستغلها الحوثيون وتقدموا باتجاه نهم والجوف ولكن المعارك لا تزال مستمرة".

وعن الأسباب الفعلية لهذه التطورات يرى الذهب أن جزءا منها يرجع إلى الترتيبات السياسية والعسكرية داخل صفوف الشرعية.

ويعتبر أن "هناك تناقضات في أوساط السلطة الشرعية حيث إن هناك محاولة لدمج قوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح بجبهة نهم وإعادة ترتيب منظومة وزارة الدفاع اليمنية ورئاسة الأركان، وبذلك فقد يكون من المرجح أنه لم يتم الاتفاق بين الشرعية والتحالف على عمليات الدمج والإقدام على تلك الخطوة حتى حدث ما جرى من تراجع لقوات الجيش".

كما أن هناك محاولة لإفشال اتفاق الرياض الذي وقعته الحكومة مع الانتقالي الجنوبي والذي يعني تنفيذه عودة الحكومة واستقرار الأمن والدفع بقوات التحالف والشرعية للجبهات لمقاتلة الحوثيين، وهو ما يحاول الحوثيون عرقلته، بحسب الذهب.

المصدر : الجزيرة