السعودية والإمارات

لماذا فقد اليمنيون ثقتهم بتحالف السعودية والإمارات؟

طال أمد الحرب، وبدأت تطرح أسئلة عن أسباب عدم قدرة التحالف على حسم المعركة، وتباينت التفسيرات، لكن بدأ اليمنيون يجزمون مؤخراً بعدم جدية السعودية في القضاء على الحوثي.

 

يتحدث اليمنيون عن استخدام السعودية والإمارات جماعة الحوثيين، كورقة للتغطية بها عن أهداف تتعلق بتوسيع النفوذ في اليمن، والقضاء على حزب الإصلاح الذي يعتبر شوكة في حلق الأهداف التي يرغبون في تنفيذها.

 

ومع قرب انتهاء السنة الخامسة من الحرب تشهد جبهات القتال في اليمن توقفاً شبه كامل، ووصل الحال في إحدى أهم جبهات القتال إلى تراجع للجيش التابع للحكومة الشرعية، وسط تقدم للحوثيين وغياب كامل للتحالف، الذي تتهمه أطراف بتجاهل متعمد في دعم القوات الحكومية.

 

تحركات تغضب اليمنيين

 

صبيحة الـ23 من يناير 2019، فوجئ اليمنيون بأنباء تتحدث عن انسحاب القوات الحكومية نحو 30 كيلومتراً من فرضة "نهم"، وهي منطقة جبلية في مديرية نهم التابعة لمحافظة صنعاء شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، وعزز تلك الأنباء تأكيد وزارة الدفاع اليمنية في اليوم التالي، التي قالت إن الانسحاب "تكتيكي".

 

وبينما كان الجميع ينتظر رد فعل معاكس ودعماً من التحالف لعكس الهجوم، فوجئوا بغياب تام لطيران التحالف، وسط تقدم الحوثيين باتجاه الجوف، وسيطرتهم على عدد من المواقع الاستراتيجية، وقطع الطريق الرابط بين الجوف ومأرب، بما عزز من تقدم المليشيا.

 

لم يتوقف تجاهل الطيران السعودي الإماراتي، فقد ظهر محلقاً في أجواء المعارك، لكنه استهدف- وفقاً لمصادر عسكرية تحدثت لـ"الخليج أونلاين"- قوات للجيش الوطني في منطقة "الجفرة" التي تقع بعد مفرق الجوف تجاه مأرب، وتمثل خط الدفاع الأول للقوات الحكومية لمنع توغل الحوثيين في مديرية الجدعان بمأرب، في ليلة 27 يناير، ما أسفر عن مقتل تسعة جنود وإصابة نحو 10 آخرين.

 

وبالتزامن مع تلك التحركات للحوثيين، أثارت تصريحات خرج بها سفير السعودية لدى اليمن، محمد آل جابر، عن موعد بدء تدشين رحلات طبية لنقل المرضى من مطار صنعاء المغلق من قبل التحالف، منذ سنوات، بالترافق مع تصعيد الحوثيين، ما أخرج تعليقات غاضبة، ذهب البعض منها إلى اعتبار أن التوقيت يحمل في طياته رسالة ضد "الشرعية".

 

وبينما ساد الغضب بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقل البعض أن الرحلات ستنقل جرحى الحوثيين، تحدث آخرون عن ترتيبات تجري لإجراء مفاوضات ثنائية بين الحوثيين والسعودية، بعيداً عن الحكومة الشرعية المعنية بهذا الأمر.

 

الناشط السياسي اليمني أحمد حمران يرى أن جماعة الحوثيين تمضي بمشروعها "آمنة مطمئنة قوية، مقابل فشل كبير للسعودية والإمارات، ووسط مشاكل في أوساط الشرعية".

 

ويقول لـ"الخليج أونلاين": "من المخزي أن نسمي هذا التحالف تحالف استعادة شرعية، حيث منع الشرعية من عودتها إلى المناطق المحررة، بل وحالياً يسهم في تقليص نفوذها شمالاً بتسهيل تقدم الحوثيين، وجنوباً بتوسيع قدرات مليشيا الانتقالي".

 

ويرى أن قوات الشرعية، التي كان من المفترض أن تدخل العاصمة صنعاء "بدت كما لو أنها تدفع الثمن بسبب الحالة التي خلّفتها أزمة الحكومة مع الإمارات العام الماضي، والتي سبّبت إرباكاً في المعركة المحورية مع الجماعة التي تسطو على العاصمة وأجزاءٍ كبيرة من البلاد بقوة السلاح".

 

ويضيف: "الحوثي ليس قوياً كما يعتقد البعض، ولا الجيش الوطني أضعف، وما يحدث هو تراكمات مستمرة منذ 2015، لأن من أوصل الحرب إلى مناطق واسعة في صنعاء وكان القادر على إيقافها هناك هو فقط من أمكنه تسليمها للحوثيين، لذلك فالحوثي أو الجيش أداتان في الحالتين والمستفيد السعودية والإمارات".

 

وتابع: "الجميع فقد الثقة بهذا التحالف، للأسف لم يعد لدى أحد ثقة، بل أصبح الجميع يخشى من تدخل التحالف؛ فهو ينعكس لمصلحة المليشيا".

 

ويرى وزير النقل اليمني، صالح الجبواني، وجود مصالح متقاطعة بين الإمارات والحوثي، وقال في تغريدة عبر حسابه في "تويتر": إن "الحوثي يسوِّق معركته في مديرية نهم شرق صنعاء على أنها مع حزب الإصلاح (أكبر حزب إسلامي مؤيد لحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي)، مضيفاً: "هذا الكلام ينزل برداً وسلاماً على قلب الإمارات وأتباعها".

 

وشدد بالقول: "إن لم يكن هناك تعاون بين الطرفين (الإمارات والحوثيون) - وهو ما تؤكده كثير من المصادر - فإن المصالح تتقاطع".

 

هل الإصلاح السبب؟

 

وتصنف الإمارات حزب الإصلاح، وهو أحد أكبر الأحزاب اليمنية، المكون السياسي اليمني لجماعة "الإخوان المسلمين"‎، بأنه "إرهابي"، كما تنتقد أبوظبي، التي تُعد أبرز أعداء "الإسلام السياسي"، بشدة تعاون الحكومة اليمنية الشرعية مع الحزب، الذي سبق أن استضافت قيادييه في أبوظبي دون التوصل إلى اتفاق.

 

يؤكد المحلل والباحث السياسي أحمد الخطيب، أن التحالف الذي تقوده الرياض عمل على منع الجيش اليمني من التقدم في جبهة نهم، شرق العاصمة صنعاء، وفي جبهة الساحل الغربي، بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر البوابة الغربية لليمن.

 

وأضاف، في تصريحه لـ"الخليج أونلاين"، "لم يسمح للجيش الوطني أن يقاتل حتى تحقيق النصر في معظم جبهات القتال بحجة أن انتصار الجيش الوطني سيعني انتصار التجمع اليمني للإصلاح، فهذه أكذوبة كبرى يرددها التحالف".

 

ويقول: "ليس الإصلاح القوة الوحيدة الموجودة على الأرض في اليمن، ولن ينتصر بمفرده، ولن يحكم اليمن بمفرده، ولذلك خرج التحالف عن أهداف الشرعية التي جلبته لدعمها، بل لجأ إلى احتلال الجزر اليمنية والمواقع الاستراتيجية وإنشاء المليشيات المسلحة، وتسبب في مقتل عشرات الآلاف". 

 

وتابع: "لم يقدم التحالف للجيش الوطني الإمكانيات والأسلحة التي تمكنه من تحقيق الحسم، فجنود الجيش الوطني يقاتلون بأسلحة خفيفة، فحتى اللحظة لا يأتمن التحالف قوات الجيش الوطني على آليات عسكرية ثقيلة، وكل ما قُدم من أسلحة لا يمكنه حسم المعركة، فالطيران الحربي والدبابات والمدافع الثقيلة، تستخدمها قوات التحالف نفسها لا الجيش اليمني".

 

شرعية محاصرة..ومليشيا تتوسع

 

ويخضع اليمن لسيطرة الحوثيين في الشمال، والإماراتيين والسعوديين في الجنوب، حيث يسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على ما نسبته 20% من إجمالي مساحة اليمن، غير أن هذه النسبة تمثل المدن الحيوية في اليمن، من بينها العاصمة صنعاء، ومدينة الحديدة الساحلية ذات الأهمية الاستراتيجية.

 

بينما يخضع الساحل الجنوبي والغربي في اليمن لسيطرة الإماراتيين، ويحكم السعوديون قبضتهم على محافظة المهرة شرق البلاد ومؤخراً بدؤوا بالتوسع نحو مدن جنوبية وسط سيطرة مليشيا الانتقالي المدعومة من أبوظبي، فيما تبقى مدينة مأرب والجوف شمال شرقي اليمن تحت سيطرة الحكومة الشرعية بدعم سعودي.

 

يطمح الحوثيون من هجماتهم الحالية إلى التقدم والسيطرة على محافظة الجوف، وصولاً إلى مأرب، التي يروج الكثير أنها تحت سيطرة قوات حكومية توالي حزب الإصلاح، وهي المدينة التي فشل الحوثيون في الوصول إليها رغم معارك عنيفة شهدتها مطلع عام 2015.

 

وسبق أن انتقد مستشار للرئيس اليمني ما حدث من انقلاب لقوات المجلس الانتقالي بمدينة عدن وسيطرته على جنوب البلاد، في أغسطس من العام الماضي، وقال عبد الملك المخلافي، مستشار الرئيس هادي، إن اليمنيين فقدوا الثقة بالتحالف بقيادة السعودية.

 

وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه في "تويتر"، أنه "على التحالف أن يدرك حجم ما حدث في عدن ومخاطره حتى وإن كانت بعض أطرافه مشاركة في ذلك"، مضيفاً أن "اليمنيين فقدوا ثقتهم بالتحالف الذي أيدوه وأعطوه مشروعية عززت المشروعية القانونية من السلطة الشرعية والمجتمع الدولي".

 

وقبل ذلك بنحو عام قال عبد العزيز جباري، نائب رئيس مجلس النواب ومستشار الرئيس اليمني، في حوار على قناة "يمن شباب" في ديسمبر 2017، إن تحالف الرياض وأبوظبي تدخل في اليمن من أجل تحقيق مصالحه، مشيراً إلى أن التحالف هو من أوقف القوات الحكومية عن التقدم في جبهات القتال ومنع عودة الرئيس هادي إلى اليمن.