يمتاز عسل وادي حضرموت شرقي اليمن بالجودة العالية نظرا لأسباب عدة أكسبته شهرة عالمية منذ مئات السنين.
ويشتهر عسل "السدر" المنتج بوادي حضرموت (شرق اليمن) باسم عسل دوعن بعدد من الدول كون سكان مديرية دوعن بوادي حضرموت أول من صدره وتاجر به خارجياً ولجودة مراعي المدينة.
تلك الشهرة، وثقها التراث في قصائد الشعراء وأغاني الفنانين التي تتغنى بالعسل الدوعني (السدر)، والذي يستخدم للعلاج الطبيعي حيث يعد من أجود أنواع العسل.
وتصل صادرات عسل سدر حضرموت الخارجية إلى عدد من الدول أبرزها دول الخليج وإندونيسيا كما توجد أنواع أخرى من العسل كـ"السمرة" والمراعي.
ويعمل آلاف من سكان وادي حضرموت في تربية النحل وبيع العسل حيث يمثل مصدر عيش لمئات الأسر.
أفضل المراعي
يقول خالد التميمي رئيس جمعية النحالين بوادي حضرموت إن وادي حضرموت يعتبر أحد أهم مراعي النحل عالمياً نظراً لخاصية العزل النباتي الذي يمتاز به.
ويفسر التميمي في حديثه لـ"المصدر أونلاين"، العزل النباتي بعدم إزهار أي نبات آخر في موسم إزهار شجرة السدر ما يمنع اختلاط العسل بمراعي أخرى تؤثر على جودته.
وإلى جانب العزل النباتي، يمتاز وادي حضرموت بملاءمة الجو للنحل من خلال ضآلة نسبة رطوبة الجو ما يعني عدم وجود أمراض تفتك بالنحل كما يقول التميمي.
ويضيف أن وادي حضرموت يمتاز بكثرة انتشار شجرة السدر أو ما يعرف بـ"العلب" ويتكاثر بعدد من الأودية غير أن عوامل عدة تهدد هذه الشجرة كالزحف العمراني والتصحر وتهدم السدود التي تستخدم لسقي شجرة السدر وقت انقطاع المطر.
الحرب أبرز المشاكل
تواجه "النحالين" في وادي حضرموت مشاكل عدة، غير أن الحرب التي تدور رحاها في اليمن منذ خمسة أعوام أثرت بشكل سلبي للغاية على النحالين وسوق العسل أيضاً سواءً داخلياً أو خارجياً.
فمحافظة حضرموت لم تصلها الحرب بصورة مباشرة حيث ظلت بعيدةً عن الصراع والاقتتال غير أنها تأثرت كثيراً في جوانب اقتصادية وفي مقدمتها تجارة العسل.
يقول التميمي إن ضعف المراعي الجيدة نتيجة للتهديد الذي يطال شجرة السدر والتدهور الاقتصادي أهم عاملين أثرا سلباً على تربية النحل وتجارة العسل بوادي حضرموت. وتسبب تذبذب العملة المحلية وتراجعها، في ارتفاع أسعار العسل ومستلزمات تربية النحل كارتفاع أسعار الخشب المستخدم في صنع خلايا النحل التي وصل سعرها 12 ألف ريال يمني بعد أن كانت 6 آلاف قبل الحرب.
ويقول التميمي إن تجارة العسل تخضع للعرض والطلب التي تأثرت سلباً بعزوف كثير من الناس عن شرائه نتيجة لتدهور الوضع المعيشي في اليمن وتراجع القوة الشرائية لدى كثير من السكان الذين كانوا يقتنون هذه المنتجات.
و بلغ سعر كيلو عسل السدر 50 ألف ريال يمني مايعادل 300 ريال سعودي في حين كان يباع قبل الحرب بأقل من 20 ألف ريال يمني بزيادة أكثر من 100% .
كما تأثر سلبا حجم صادرات وادي حضرموت من العسل خلال سنوات الحرب غير أن لا إحصائيات دقيقة عن ذلك، يقول التميمي مرجعاً ذلك لعدم وجود جهة مختصة وقادرة حالياً على ذلك.
الغش والدمس يهدد الشهرة
يقول التميمي إن تجاراً يقومون بخلط عسل السدر الأكثر جودة بعسل مستورد يسمى "الكشميري" يشبه عسل السدر لكنه يقلل جودته ويؤثر بشكل كبير على قيمته الغذائية والعلاجية.
ودعا رئيس جمعية النحالين بوادي حضرموت السلطة للتدخل لمنع هذا الغش بالعسل والذي يهدد شهرته العالمية وثقة السوق الداخلي والخارجي بمنتج وادي حضرموت من عسل السدر.
وعن شجرة "الدمس" والتي تزرع في الشوارع الرئيسية بغرض الزينة، أكد التميمي أن تلك الشجرة تضر كثيراً بجودة العسل وفقا لدراسات علمية بحثية.
وأكد التميمي أن تلك الشجرة التي تتسبب في تكوين رائحة كريهة في مادة العسل، سبق وأن صدر قرار بعدم زراعتها بوادي حضرموت غير أن القرار لم ينفذ واستمرت زراعتها.
وأشار إلى أن خطورتها تكمن في أنها تزهر في نفس وقت إزهار شجرة السدر وهو ما يجعل النحل يتغذى منه حيث يؤدي اختلاط رائحته بعسل السدر ويتسبب في فقدانه أكثر من 70% من قيمته.
ودعا التميمي الجهات المعنية إلى الاهتمام بالنحالين "العاملين في تربية النحل" كونهم شريحة كبيرة من المجتمع ويمثل وادي حضرموت بيئة مناسبة لإنتاج أجود أنواع العسل في العالم.