دت الحرب الدائرة منذ خمس سنوات في اليمن، إلى تقويض مؤسسات الدولة واتساع الشرخ بين أطراف الحرب. واقع عطّل عشرات المشاريع التنموية والاستثمارية والعقارية وجمّدها، وهو ما ترتب عليه انهيار لقطاع المقاولات وإفلاس لعدد من الشركات.
المقاولون دخلوا في متاهة الديون والقروض، أودت بالعشرات منهم إلى السجون حاملين قضايا متراكمة في المحاكم والنيابات العامة، من دون البت فيها حتى اليوم.
ويلف قطاع المقاولات في اليمن غموض مريب، إذ ترفض الجهات المختصة الرسمية وكذا القطاع الخاص والاتحادات الأهلية فتح هذا الملف ومناقشته، ما يمنع معالجة العديد من القضايا وتصفية عقود عدد من المشاريع المتعثرة، وتسوية ديون مقاولين يطالبون الحكومة بمبالغ مالية طائلة مقابل مقاولات تعاقدوا على تنفيذها قبل فترة وجيزة من قيام الحرب في اليمن.
ويقدّر عدد من العاملين في القطاع أن الحرب تسببت بتعثر مشاريع تتجاوز تكلفتها 10 مليارات دولار تحولت إلى ديون وأعباء ثقيلة يرزح تحتها قطاع المقاولات، وأضرار وقروض مالية تسببت في إفلاس العديد من الشركات والمقاولين في صنعاء وعدن وعدد من المدن والمناطق اليمنية.
يتحدث أمين عام اتحاد المقاولين اليمنيين سيف الحماسي، عن أضرار جسيمة لحقت بقطاع المقاولات في اليمن بشكل عام، وتضرر غالبية المقاولين بسبب توقف نشاطهم ومشاريعهم منذ بداية الحرب.
ويلفت إلى تضرر معداتهم وتجميد مصدر دخلهم الوحيد المتمثل في تنفيذ المشاريع الممولة من الحكومة والقروض الخارجية. وأدى ذلك كما يشير الحماسي لـ"العربي الجديد"، إلى تحملهم مصاريف إدارية وإيجارات وفوائد بنكية كبيرة على القروض التموينية لمشاريعهم التي كانت جارية قبل الحرب. ولهذا فإن من ضمن الحلول، يقترح الحماسي، تقدير مبلغ مالي كتعويضات عن الأضرار لكل مقاول بحسب حجمه في السوق وتصنيفه.
في هذا الصدد يقوم الاتحاد العام للمقاولين بإعداد ملف الأضرار التي تعرض لها قطاع المقاولات، وتجهيزه بصورة علمية وفنية مناسبة ليكون ضمن الملف الاقتصادي التفاوضي مستقبلاً. إضافة إلى ملفات خاصة بالمقاولين المتضررين وما تعرضوا له خلال فترة الحرب من تلف مخازنهم وتدمير معداتهم، كما يؤكد مسؤولون في الاتحاد.
ويرى الحماسي أهمية في البحث عن التمويل اللازم من قبل المانحين وعبر الأمم المتحدة، لصرف مستحقات المقاولين المتأخرة لدى الحكومة والغرامات القانونية المترتبة عن تأخر هذه المستحقات وبسعرها العادل، أي ما يعادل هذه المستحقات المذكورة بسعر الدولار في حينه وهو 215 ريالاً نهاية 2014 (الدولار حالياً يساوي 585 ريالاً)، على أن يتم ذلك بأقصى سرعة لما لهذا الإجراء، حسب أمين عام الاتحاد، من أهمية قصوى للحد من تدهور قطاع المقاولات وإعادة تنشيطه وتعافيه لاستعادة قدرته الإنتاجية المطلوبة، والتي تمكنه من القيام بدوره في مرحلة التعافي الاقتصادي وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وفرضت الأوضاع الراهنة مجموعة تعقيدات من قبل المصارف ومطالبة المقاولين بإصدار الضمانات بتأمين 100%، وهذا يمثل، كما يؤكد عبد الله البروي المدير التنفيذي للاتحاد العام للمقاولين، عائقاً أمام المقاولين ودعم الاقتصاد الوطني، ويعرقل انتشال هذا القطاع الحيوي من أزمته.
كما تسبب التشدد المصرفي في تراجع مساهمة قطاع المقاولات في التنمية الاقتصادية، في ظل التحديات والأزمات المتتالية، وانعدام الأمن والاستقرار وانهيار العملة والارتفاعات السعرية. إلى جانب القصف الجوي لطيران التحالف الذي ألحق أضراراً بالغة بالمقاولين بعد استهداف مشاريع وجسور تعاقدوا على تنفيذها، وقد كان بعضها منجزا والبعض شارف على الانتهاء والتسليم.
ويقول البروي إن هذا الأمر أحدث صدمة مدوية في هذا القطاع طاولت مشاريع التنمية في اليمن بشكل عام. إذ تعرض هذا القطاع حسب حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى إهمال شديد كذلك من قبل الحكومة ومؤسسات الدولة في اليمن، بل تم إقصاؤه تماماً، بالرغم من أن هذا القطاع يعيل أكثر من 2.5 مليون نسمة من الأيادي العاملة.
بدوره، يوضح المختص في الاستشارات الهندسية حمدي القطان، أن المقاول اليمني قادر على تأهيل نفسه وحل مشاكله، خاصة مع الحكومة، داعياً إلى المباشرة في تهيئة المقاول اليمني لاستقبال واستيعاب ما يمكن أن يقدمه صندوق إعادة إعمار اليمن. ويؤكد القطان لـ "العربي الجديد"، استعداد قطاع المقاولات لبناء اليمن وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ويوضح أن البناء اليمني يمتاز عن أي بناء في مختلف بلدان العالم، ولديه خبرات وكفاءة عالية في هذا المجال. لكن خبراء في إدارة الأعمال والمشاريع الاقتصادية، يختلفون مع القطان، إذ يواجه هذا القطاع غياب البيئة التشريعية الداعمة، ويعاني من الإجراءات البيروقراطية المعقدة التي عرقلت العديد من المشاريع وحدّت من تطوير المقاولات.
يرى الخبير الاقتصادي وديع ياسين، وهو أستاذ إدارة الأعمال في المعهد الوطني للعلوم المالية والإدارية (جهة حكومية)، أن هذا القطاع بحاجة إلى إجراءات إصلاحية جذرية في منظومة القوانين الحالية لتجاوز البيروقراطية القائمة، وحل مشاكل الديون التي أودت بعشرات المقاولين إلى السجون.
وكذا حل صعوبات وتعقيدات فنية أخرى تمنع قطاع المقاولات من استيعاب المشاريع والأعمال المطلوبة في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، والتي ستكون مشاريع بنية تحتية كبيرة جداً تتجاوز ما كان يتم إنجازه في سنوات ما قبل الحرب.
ويتطرق ياسين في حديثه مع "العربي الجديد" إلى فساد ينخر قطاع الأشغال والمقاولات في اليمن، إذ تم هدر مليارات الدولارات في بيئة عمل هشة تفتقد للمعايير المناسبة لتحديد الاحتياجات من المشاريع التنموية والبنية التحتية وعمليات التصميم والتنفيذ.
ويشير إلى استغلال البعض للحرب في الاستيلاء على موارد مالية سيادية، وتوجيهها في غير اتجاهاتها التي كانت مخصصة لاستيعابها، الأمر الذي أدى إلى خلق مشاكل واسعة وتوقف مشاريع وإفلاس شركات ومقاولين. وهناك، كما يؤكد ياسين، تستر وإخفاء للقضايا العديدة التي وصلت للمحاكم والنيابات العامة.
ويقدر تقرير صادر حديثاً عن قطاع الدراسات الاقتصادية في وزارة التخطيط اليمنية بالتعاون مع منظمة اليونيسف، كلفة الفرص الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي في اليمن بحوالي 66 مليار دولار خلال الفترة 2015-2019، الأمر الذي أدى لتقليص فرص العمل والدخل وتفاقم معدلات البطالة والفقر.
المقاولون دخلوا في متاهة الديون والقروض، أودت بالعشرات منهم إلى السجون حاملين قضايا متراكمة في المحاكم والنيابات العامة، من دون البت فيها حتى اليوم.
ويلف قطاع المقاولات في اليمن غموض مريب، إذ ترفض الجهات المختصة الرسمية وكذا القطاع الخاص والاتحادات الأهلية فتح هذا الملف ومناقشته، ما يمنع معالجة العديد من القضايا وتصفية عقود عدد من المشاريع المتعثرة، وتسوية ديون مقاولين يطالبون الحكومة بمبالغ مالية طائلة مقابل مقاولات تعاقدوا على تنفيذها قبل فترة وجيزة من قيام الحرب في اليمن.
ويقدّر عدد من العاملين في القطاع أن الحرب تسببت بتعثر مشاريع تتجاوز تكلفتها 10 مليارات دولار تحولت إلى ديون وأعباء ثقيلة يرزح تحتها قطاع المقاولات، وأضرار وقروض مالية تسببت في إفلاس العديد من الشركات والمقاولين في صنعاء وعدن وعدد من المدن والمناطق اليمنية.
يتحدث أمين عام اتحاد المقاولين اليمنيين سيف الحماسي، عن أضرار جسيمة لحقت بقطاع المقاولات في اليمن بشكل عام، وتضرر غالبية المقاولين بسبب توقف نشاطهم ومشاريعهم منذ بداية الحرب.
ويلفت إلى تضرر معداتهم وتجميد مصدر دخلهم الوحيد المتمثل في تنفيذ المشاريع الممولة من الحكومة والقروض الخارجية. وأدى ذلك كما يشير الحماسي لـ"العربي الجديد"، إلى تحملهم مصاريف إدارية وإيجارات وفوائد بنكية كبيرة على القروض التموينية لمشاريعهم التي كانت جارية قبل الحرب. ولهذا فإن من ضمن الحلول، يقترح الحماسي، تقدير مبلغ مالي كتعويضات عن الأضرار لكل مقاول بحسب حجمه في السوق وتصنيفه.
في هذا الصدد يقوم الاتحاد العام للمقاولين بإعداد ملف الأضرار التي تعرض لها قطاع المقاولات، وتجهيزه بصورة علمية وفنية مناسبة ليكون ضمن الملف الاقتصادي التفاوضي مستقبلاً. إضافة إلى ملفات خاصة بالمقاولين المتضررين وما تعرضوا له خلال فترة الحرب من تلف مخازنهم وتدمير معداتهم، كما يؤكد مسؤولون في الاتحاد.
ويرى الحماسي أهمية في البحث عن التمويل اللازم من قبل المانحين وعبر الأمم المتحدة، لصرف مستحقات المقاولين المتأخرة لدى الحكومة والغرامات القانونية المترتبة عن تأخر هذه المستحقات وبسعرها العادل، أي ما يعادل هذه المستحقات المذكورة بسعر الدولار في حينه وهو 215 ريالاً نهاية 2014 (الدولار حالياً يساوي 585 ريالاً)، على أن يتم ذلك بأقصى سرعة لما لهذا الإجراء، حسب أمين عام الاتحاد، من أهمية قصوى للحد من تدهور قطاع المقاولات وإعادة تنشيطه وتعافيه لاستعادة قدرته الإنتاجية المطلوبة، والتي تمكنه من القيام بدوره في مرحلة التعافي الاقتصادي وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وفرضت الأوضاع الراهنة مجموعة تعقيدات من قبل المصارف ومطالبة المقاولين بإصدار الضمانات بتأمين 100%، وهذا يمثل، كما يؤكد عبد الله البروي المدير التنفيذي للاتحاد العام للمقاولين، عائقاً أمام المقاولين ودعم الاقتصاد الوطني، ويعرقل انتشال هذا القطاع الحيوي من أزمته.
كما تسبب التشدد المصرفي في تراجع مساهمة قطاع المقاولات في التنمية الاقتصادية، في ظل التحديات والأزمات المتتالية، وانعدام الأمن والاستقرار وانهيار العملة والارتفاعات السعرية. إلى جانب القصف الجوي لطيران التحالف الذي ألحق أضراراً بالغة بالمقاولين بعد استهداف مشاريع وجسور تعاقدوا على تنفيذها، وقد كان بعضها منجزا والبعض شارف على الانتهاء والتسليم.
ويقول البروي إن هذا الأمر أحدث صدمة مدوية في هذا القطاع طاولت مشاريع التنمية في اليمن بشكل عام. إذ تعرض هذا القطاع حسب حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى إهمال شديد كذلك من قبل الحكومة ومؤسسات الدولة في اليمن، بل تم إقصاؤه تماماً، بالرغم من أن هذا القطاع يعيل أكثر من 2.5 مليون نسمة من الأيادي العاملة.
بدوره، يوضح المختص في الاستشارات الهندسية حمدي القطان، أن المقاول اليمني قادر على تأهيل نفسه وحل مشاكله، خاصة مع الحكومة، داعياً إلى المباشرة في تهيئة المقاول اليمني لاستقبال واستيعاب ما يمكن أن يقدمه صندوق إعادة إعمار اليمن. ويؤكد القطان لـ "العربي الجديد"، استعداد قطاع المقاولات لبناء اليمن وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ويوضح أن البناء اليمني يمتاز عن أي بناء في مختلف بلدان العالم، ولديه خبرات وكفاءة عالية في هذا المجال. لكن خبراء في إدارة الأعمال والمشاريع الاقتصادية، يختلفون مع القطان، إذ يواجه هذا القطاع غياب البيئة التشريعية الداعمة، ويعاني من الإجراءات البيروقراطية المعقدة التي عرقلت العديد من المشاريع وحدّت من تطوير المقاولات.
يرى الخبير الاقتصادي وديع ياسين، وهو أستاذ إدارة الأعمال في المعهد الوطني للعلوم المالية والإدارية (جهة حكومية)، أن هذا القطاع بحاجة إلى إجراءات إصلاحية جذرية في منظومة القوانين الحالية لتجاوز البيروقراطية القائمة، وحل مشاكل الديون التي أودت بعشرات المقاولين إلى السجون.
وكذا حل صعوبات وتعقيدات فنية أخرى تمنع قطاع المقاولات من استيعاب المشاريع والأعمال المطلوبة في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، والتي ستكون مشاريع بنية تحتية كبيرة جداً تتجاوز ما كان يتم إنجازه في سنوات ما قبل الحرب.
ويتطرق ياسين في حديثه مع "العربي الجديد" إلى فساد ينخر قطاع الأشغال والمقاولات في اليمن، إذ تم هدر مليارات الدولارات في بيئة عمل هشة تفتقد للمعايير المناسبة لتحديد الاحتياجات من المشاريع التنموية والبنية التحتية وعمليات التصميم والتنفيذ.
ويشير إلى استغلال البعض للحرب في الاستيلاء على موارد مالية سيادية، وتوجيهها في غير اتجاهاتها التي كانت مخصصة لاستيعابها، الأمر الذي أدى إلى خلق مشاكل واسعة وتوقف مشاريع وإفلاس شركات ومقاولين. وهناك، كما يؤكد ياسين، تستر وإخفاء للقضايا العديدة التي وصلت للمحاكم والنيابات العامة.
ويقدر تقرير صادر حديثاً عن قطاع الدراسات الاقتصادية في وزارة التخطيط اليمنية بالتعاون مع منظمة اليونيسف، كلفة الفرص الضائعة في الناتج المحلي الإجمالي في اليمن بحوالي 66 مليار دولار خلال الفترة 2015-2019، الأمر الذي أدى لتقليص فرص العمل والدخل وتفاقم معدلات البطالة والفقر.