جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اليمن ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، بهدف إعادة الشرعية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ومحاربة جماعة الحوثي التي نفذت انقلابها في 21 سبتمبر من العام 2014م.
وفق هذا المفهوم ولهذه المهمة تواجدت القوات الإماراتية في اليمن، وتدخلت عسكريا إلى جانب قوات من الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية التي تتكون من عدة أطراف سياسية مؤيدة للشرعية ومنخرطة في تكويناتها وأطرها، ومن بين تلك القوى حزب التجمع اليمني للإصلاح.
لكن، وبعد أشهر من تواجد دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن عقب تحرير مدينة عدن من جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح منتصف العام 2015م، أظهرت الإمارات أجندتها الخفية المتمثلة بمحاربة حزب الإصلاح والتضييق عليه، واستهداف قياداته، وتقليص حضورهم في مؤسسات الدولة، وتحقق ذلك فعليا من خلال منع قيادات حكومية تنتمي لحزب الإصلاح من العودة لمدينة عدن، واغتيال قيادات أخرى في الحزب داخل أكثر من مدينة من مدن جنوب اليمن، وهو ما كشف عنه موقع "بازفيد" في تقريره عن المرتزقة الأجانب الذين استأجرتهم دولة الإمارات لاغتيال قيادات في حزب الإصلاح وجماعات أخرى.
تكشف وثيقة حصلنا عليها عن استهداف دولة الإمارات من خلال قواتها في محافظة مأرب لحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تعرفه بـ"الإخوان المسلمين" بشكل مباشر، من خلال الطائرات المسيرة التي تقوم بمهام التجسس والتقاط الخرائط، واستهداف الأشخاص ومراقبتهم.
الوثيقة عبارة عن رسالة رفعتها خلية الطائرات المسيرة في القوات الإماراتية المعروفة بـ"قوات الواجب المشتركة الإماراتية" لجهة لم تحددها، وتتضمن تقريرا عن سقوط طائرة مسيرة من نوع "إنتجريتر/94" في مدينة مأرب.
بحسب الوثيقة المعنونة بـ"سري للغاية" فقد سقطت طائرة "إنتجريتر/94" في الساعة 07.45 يوم الثاني عشر من ديسمبر 2018م بمحافظة مأرب بسبب دخول الطائرة في دوامات هوائية مفاجئة أثناء الإقلاع، مما أدى إلى فقدان السيطرة عليها واصطدامها في الأرض، وعثر عليها بعد حوالي 45 دقيقة على مسافة ثلاثة كيلومترات من المعسكر (لم تحدد اسمه)، وتسبب سقوطها بعدة أضرار لحقت بها، كما تظهره الصور المرفقة في الوثيقة.
لكن المفاجأة التي فجرتها الوثيقة تتعلق بالمهمة التي كانت الطائرة ستؤديها، فقد ذكرت الوثيقة أن الطائرة كانت ستقوم بعملية تتبع ومراقبة تحرك قيادات إخوانية إرهابية في محافظة مأرب، وهي إشارة إلى قيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تصنفه الإمارات كامتداد للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الإمارات جماعة إرهابية.
عدنا إلى الأخبار الرسمية التي تبثها وسائل الإعلام الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة لمعرفة إن كانت قد تناولت خبر سقوط طائرة في محافظة مأرب تابعة للقوات الإماراتية في ذات اليوم الذي سقطت فيه الطائرة كما تظهره الوثيقة أو بعدها، ولم نعثر على أي أخبار أو تقارير صحفية، الأمر الذي يؤكد أن القوات الإماراتية فضلت التكتم عن الحادثة، وحرصت على عدم تسرب قصة السقوط لوسائل الإعلام، وأبقت الأمر ضمن المعلومات العسكرية.
تكشف الوثيقة أيضا عن آلية العمل العسكرية التي تتبعها دولة الإمارات عبر قواتها في محافظة مأرب، من خلال ما تضمنته الوثيقة في إشارتها لقاعدة الظفرة للأرصاد الجوية التي أبلغت القوات بحالة الطقس في محافظة مأرب قبل انطلاق الطائرة.
وتظهر وثيقة أخرى الأعمال العسكرية التي أنجزتها القوات الإماراتية عبر طائرة "إنتجريتر/94"، بتاريخ الـ11 من يوليو 2018 في منطقة صرواح، تمثلت برصد توقف عدد (3) دراجات وعدد (3) أفراد على وادي مورة في صرواح، ورصد مبنى مشبوه في شمال العجارم جرى تفجيره، ورصد توقف دراجة وفردين وسيارة في قرية الزغن، كما رصدت ذات الطائرة توقف سيارة على شارع صرواح الرئيسي، وجرى استهدافها وتفجيرها، بالإضافة لرصد عدد (4) أفراد في شمال جبل العجارم، وصنفت كل عمليات الرصد التي وثقت بالصور ضمن إمداد العدو لقواته في جبهة صرواح.
أما بالنسبة للطائرة التي سقطت فهي عبارة عن طائرة مسيرة بدون طيار، امتلكتها القوات المسلحة الإماراتية مؤخرا من خلال صفقة تم توقيعها في الـ27 من فبراير 2018 مع شركات محلية ودولية متخصصة في الطائرات بدون طيار، بقيمة 878.371 مليون درهم، وذلك خلال ثلاثة أيام فقط هي فترة انعقاد معرضي الأنظمة غير المأهولة "يومكس 2018" والمحاكاة والتدريب "سيمتكس 2018" اللذين انعقدا في دولة الإمارات من الـ25 حتى الـ27 من فبراير 2018م.
أبرز الشركات التي عقدت الإمارات صفقة توريد الطائرات المسيرة هي شركة أبوظبي الوطنية للأنظمة الذاتية الإماراتية لتجديد عقد المساندة الفنية والدعم الفني لأنظمة طائرات بدون طيار (السبر)، وشركة "دينيل ديناميكس" في جنوب أفريقيا، والتي يظهر موقعها الإلكتروني إن الإمارات من أبرز عملائها للطائرات المسيرة في العالم.
إضافة لشركة (سي.آي.إي.ماريتايم) الشرق الأوسط ومقرها كندا لشراء وتركيب معدات مشبه الطيران لطائرة بلاك هوك، ومشبه لطائرة بيل، ومع شركة "ترست إنترناشيونال" الإماراتية لصيانة وتصليح أنظمة طائرات النانو، وشركة (جي.إس.سي.آر.بي.سي) الروسية لشراء وتوريد مشبه صواريخ الإيجلا، وشركة إنسيتو الأمريكية لشراء أربع طائرات دون طيار نوع إنتجريتر.
بعد عملية البحث والتحري في شركات تصنيع الطائرات المسيرة على الإنترنت تبين أن الطائرة التي سقطت في محافظة مأررب من إنتاج وتصنيع شركة "إنسيتو" الأمريكية، والتي أعلنت عن تطويرها لهذه الطائرة في الـ22 من يوليو 2014م، كأول طائرة تعمل لمدة 24 ساعة في اليوم، وتتمتع بالقدرة على الحمولة الزائدة ودعم المهام المستقبلية، وأنتجتها الشركة لخدمة قوة المشاة في البحرية الأمريكية بموجب برنامج سجل سلاح البحرية الأمريكي والولايات المتحدة.
تعمل الطائرة وفق الشركة الأمريكية المصنعة في أكثر البيئات صعوبة في العالم، وتتفوق في صنع القرار من خلال المعلومات القوية التي تقدمها خلال الليل أو النهار، لتنفيذ مهامها المتمثلة في التصوير، والتقاط مجموعة الصور واسعة النطاق، ومجموعة الصور الطيفية، والاتصالات، ورسم الخرائط والأرصاد الجوية، وخدمة الرادار ومجموعة الإشارات، وتقوم بمهام المراقبة والاستكشاف عالي المستوى.
ووفقا لموقع ديفينس أبديت المعني بالآليات العسكريةفهذا النوع من الطائرات يحلق على ارتفاع 19500 قدم وأقصى سرعة أفقية تبلغ 90+ عقدة، وسرعة الانطلاق هي 55 كيلومترا، وتحمل حمولة قصوى تبلغ 40 رطلاً (18 كجم)، وتصل قيمة الطائرة الواحدة إلى حوالي خمسة ملايين درهم إماراتي، وحصلت الإمارات على أربع منها من خلال تعاقد قواتها المسلحة مع شركة إنسيتو الأميركية لشراء (4) طائرات مسيرة نوع إنتجريتر بقيمة 22 مليونا و6 آلاف و400 درهم.