قال تقرير خبراء الأمم المتحدة المعنيين باليمن، إن اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي "يقوض بشدة سلطة حكومة اليمن على قواتها" لصالح الرياض.
وأضاف التقرير النهائي الذي أعده فريق الخبراء بلجنة العقوبات، وعُرض مؤخراً على مجلس الأمن الدولي، أن "محدودية التقدم المحرز في تنفيذ اتفاق الرياض" والاشتباكات المستمرة في حدود أبين وشبوة، تشير "إلى أن الوضع في الجنوب لا يزال متقلبا".
وكانت الحكومة والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، صادقا بعد مشاورات مكثفة في مدينة جدة، على "اتفاق الرياض" في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019م، لإنهاء أحداث أغسطس/آب، والتي أفضت إلى خسارة الحكومة ما تبقى لها من سلطة ضئيلة في مدينة عدن جنوب البلاد.
وأوضح فريق الخبراء، "أنه على الرغم من أن الاتفاق خطوة محمودة في سياق درء مزيد من التصعيد فإن الجداول الزمنية لم يتم الامتثال لها إلى حد كبير".
وكان يفترض أن يستكمل تنفيذ أخر بنود الاتفاق والمتعلقة بتوحيد القوات العسكرية، في الخمسة الايام الأولى من العام الجاري، إلا أن التعثر المستمر وتبادل الاطراف الاتهامات، دفع السعودية التي تقود تحالفاً لدعم الحكومة في مواجهة الحوثيين وإيران منذ مارس/أيار 2015م، لمحاولة إحيائه، عبر جمع الحكومة والانتقالي وتوقيع ملحق لتفعيل الشق العسكري والمصفوفات النهائية للاتفاق.
ورغم توقيع الملحق أوائل يناير/كانون الثاني الماضي، وبدء عمليات حصر السلاح والعتاد الثقيل في معسكرات عدن منتصف الشهر ذاته، إلا أن التعثر سيد الموقف حتى اللحظة، في ظل رفض الانتقالي عبور قوات للحكومة برفقة قوات سعودية نقطة العلم، والتي شهدت توتراً الليلة الماضية، حضرت فيها طائرات التحالف العربي بقنابل ضوئية.
ويقول تقرير الخبراء إن اتفاق الرياض "زاد من تقويض سلطة حكومة اليمن على قواتها، إذ باتت قيادة التحالف تقوم بالإشراف المباشر على القرارات العسكرية".
ويشير التقرير المكون من 214 صفحة، أطلع المصدر أونلاين على مضمونه، إلى السلطة المستقلة التي منحها المرفق المتعلق بالترتيبات الأمنية في اتفاق الرياض، لوزارة الداخلية، وذلك "للإشراف على قوات الأمن"، بخلاف المرفق المتعلق بالترتيبات العسكرية.
وأكد التقرير أن الترتيبات العسكرية في اتفاق الرياض، "يحد ويقوض بشدة سلطة حكومة اليمن وسيطرتها على إعادة تنظيم قواتها وأسلحتها".
ويقضي الشق العسكري بتوحيد القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، بحيث ترقم القوات التابعة للانتقالي ويعاد تشكيلها وتوزيعها وسحب السلاح الثقيل ووضعه تحت قيادة التحالف (القوات السعودية) على أن تشرف الأخيرة على كل العمليات بما فيها حجم قوات الحكومة التي ستعود إلى عدن، واسلحتها.
ولم تتوصل لجان حصر الاسلحة وتجميعها المشكلة وفق الاتفاق، إلا نتائج واقعية عن الاسلحة الثقيلة، هذا ما تقوله تقارير اللجنة، وتؤكده تصريحات واتهامات الحكومة للمجلس الانتقالي بتهريب تلك الاسلحة وإخفائها، وهي الاتهامات التي يقابلها الأخير، بتهم عرقلة تنفيذ الاتفاق ومحاولة إعادة ما يصفهم (إرهابيين) تحت مسمى قوات الحكومة إلى عدن.
وقد أفصح نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك، أمس عن ذلك بشكل صريح، مؤكداً أن قواتهم لن تسمح بعودة أحد ممن تصنفهم كإرهابيين.
ولا يتوقف الخلاف حول السلاح وعودة القوات العسكرية الحكومية، فالمعضلة الحقيقة، وفق تقرير الخبراء، إمكانية توحيد القوات تحت قيادة عسكرية موحدة لليمن، في ظل تمسك الانتقالي بالهوية الانفصالية.
ويوضح تقرير الخبراء ذلك بالقول : "هناك توترات متأصلة بين رغبة حكومة اليمن والمملكة العربية السعودية في إنشاء قوة موحدة تعمل تحت قيادة عسكرية موحدة، وحقيقة أن الجماعات المسلحة الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي تحافظ على هوياتها القبلية ومصالحها المجتمعية".
ويشير إلى خطر أخر "يتمثل في أن عناصر القوات النظامية سيقاومون إدماج المعارضين السابقين في وحداتهم العسكرية، على النحو المتوخى في الاتفاق، مثلاً في شبوة، حيث انتصرت قوات حكومة اليمن".
وكانت تقارير خبراء لجنة العقوبات السابقة، أكدت لمجلس الأمن الدولي، استمرار تأكل سلطة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي في اليمن، وتلاشي كيان الدولة لصالح كيانات وجماعات مسلحة، مدعومة من الإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى أن المجلس الانتقالي والتشكيلات المدعومة من الإمارات، تشكل خطراً وتهديداً يقوض سلطة الحكومة اليمنية ويهدد وحدة اليمن.
المصدر أونلاين