يجمع العديد من مراقبي الشأن اليمني على أن السعودية تحولت في اليمن إلى متغير تابع، لدولة "الإمارات"، التي ما فتئت توجه الصفعة تلو الأخرى لها، طيلة 5 سنوات من الحرب التي تقودها، في جارها الفقير، وهو ما يثير تساؤلات كثيرة حول ذلك.
ودفع إعلان نائب أركان القوات الإماراتية، في الأيام القليلة الماضية، عن تغيير استراتيجية بلاده في اليمن من الاقتراب المباشر إلى تدخل غير مباشر، نخبا سياسية يمنية لوصف ذلك بـ"الإهانة الفظيعة للمملكة، قائدة التحالف العربي في اليمن" فما الذي يجعل دولة كالسعودية، بمركزيتها الخليجية وثقلها العربي والإسلامي، وصاحبة حضور تاريخي وواسع لدى جارها (اليمن)، بهذا الوهن والضعف؟
جاء تصريح المسؤول العسكري الإماراتي بعد يوم من منع ميليشيات ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من بلاده، قوات سعودية وحكومية من دخول مدينة عدن، جنوبا، بموجب الترتيبات المنبثقة عن اتفاق الرياض الذي وقعه مع الحكومة الشرعية في 5 تشرين ثاني/ نوفمبر 2019.
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب والباحث السياسي اليمني، عبدالغني الماوري إنه عندما قررت السعودية التدخل العسكري في اليمن، اعتقدت وهي محقة في ذلك، أن دولة الإمارات يمكنها القيام بجهود مهمة في هذه الحرب وفي تغطيتها دوليا.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن أبوظبي، لم تكن تحظى بسمعة سيئة في الإعلام الغربي.
واستدرك الماوري قائلا: "لكن التغير الذي طرأ على بنية السلطة في المملكة، وتعيين الأمير، محمد بن سلمان، وليا للعهد، منح الإماراتيين دورا أكبر، كونهم القادرين على تسويق الرجل الطامح للعرش بوصفه حاكما مختلفا يؤمن بالقيم الليبرالية ونابذا للتطرف ومعاديا للتوجهات الإسلامية المتشددة".
وأشار إلى أن التبعية التي تبديها الرياض في علاقتها مع أبوظبي في الملف اليمني، لا تعني أن هذا هو نمط العلاقات بين البلدين في الأعوام المقبلة (مستقبلا).
وأكد الباحث اليمني أن المملكة بمركزيتها الخليجية والعربية والإسلامية لا يمكنها الاستمرار في لعب دور التابع لدولة صغيرة لم تكن على وفاق معها لسنوات طويلة.
وحسب الكاتب الماوري، فإنه يمكن تشبيه العلاقة بينهما في الوقت الراهن بـ"رجل لديه نوايا شريرة تجاه جاره"، وهو ما قد نكتشف أن الإمارات ما هي سوى "مجرد أداة سعودية لتنفيذ المهمات القذرة".
ولفت إلى أن حاجة السعودية للإمارات، مازالت قائمة لكنها ليست دائمة.
وأوضح الباحث السياسي الماوري أن التطورات السياسية الداخلية في المملكة السعودية من جهة، وانسحاب وعدم جدية كثير من حلفائها للمشاركة في هذه الحرب من جهة أخرى، أسهمت في زيادة الاعتماد على الإماراتيين.
وذكر أن حكام أبوظبي أدركوا ذاك الأمر، فأعادوا توجيه أهداف الحرب وفق استراتيجياتهم ومصالحهم في اليمن.
ووفقا للمتحدث ذاته فإن ذلك لا يعني، أن السلطات الإماراتية تتصرف في اليمن، بمنأى عن السياسات السعودية. مبينا أن الدولتين لديهما تصور عام، لكنهما تختلفان في حجم الضرر الذي يجب توجيهه لهذا البلد.
من جانبه، رأى الباحث في الشؤون الإيرانية والخليجية، عدنان هاشم أن هناك أسبابا عدة، لتهاوي السعودية في اليمن.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن ولي العهد السعودي، يعتمد في قراءة المشهد اليمني والعربي عموما، على أدوات ومستشارين تابعين لولي عهد أبوظبي.
وتابع هاشم: "لذلك، فمن الطبيعي أن تتلاشى الدولة السعودية مقابل نفوذ محمد بن سلمان، وتدميره للشخصيات الوطنية بالمملكة، مقابل مجموعة من الشخصيات التابعة لحكومة أبوظبي، يتموضعون بالقرب منه".
وأوضح الباحث اليمني أن السعودية فقدت وجودها في اليمن، لفترة طويلة للغاية، مؤكدا أنه من الصعب على أي إدارة جديدة مهما عالجت ورممت من أخطاء ولي عهدها، ابن سلمان، أن تعيدها لنفس الحضور سابقا.
ووفق هاشم فإن "ما يزيد الطين بله"، "وجود سلطة يمنية ترتهن للديوان الملكي السعودي، الذي بدوره مرتهن لديوان ولي عهد أبوظبي مع اختلاف في المحددات والأهداف".
وأردف قائلا: في المجمل ونتيجة للوضع داخل العائلة الحاكمة في المملكة، فإن أبوظبي تملك زمام الأمور في اليمن.
المصدر: عربي21
ولم يستبعد الكاتب اليمني أن تكون المملكة قادرة على قلب المعادلة الحالية في اليمن لصالحها، لكن، لا يبدو أنها ستفعل ذلك.