عم الهدوء ساحة مستشفى الصداقة شمال العاصمة المؤقتة عدن صباح الثلاثاء عقب احتجاجات شهدتها يوم أمس، في رسالة من قبل الموظفين والمواطنين على حد سواء تؤكد بأن مساعي مكتب الصحة وإدارة المستشفى لإقامة حجر صحي احترازي لمصابي "فيروس كورونا" في المستشفى قد فشلت.
وكان مكتب الصحة العامة والسكان قد توصل الأسبوع الماضي، بالتنسيق مع جهات في رئاسة الوزراء ووزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية إلى خطوة استباقية لمواجهة فيروس كورونا، وتضمن اتفاق الجهات الأربع تخصيص غرفتين في مستشفى "الصداقة" للحالات المحتمل إصابتها بالفيروس.
لكن احتجاجات يوم أمس التي نظمها موظفو المستشفى الواقع في حي عمر المختار والمأهول بالسكان، دفعت إدارة المستشفى ومكتب الصحة للتراجع.
ولم يتوقف الأمر عند احتجاجات موظفي المستشفى، بل تعداه الى السكان المحليين في الحي المجاور وأيضا مستشفى المصحة الذين أبلغوا إدارة المستشفى رفضهم القاطع لأي محاولات لإقامة مركز خاص بمرضى فيروس كورونا بالقرب من مساكنهم.
لماذا يرفض موظفو مستشفى الصداقة إقامة حجر صحي لمرضى فيروس كورونا؟
قالت موظفة في قسم التمريض لـ"المصدر أونلاين" طالبة عدم ذكر اسمها، إن ممرضي مستشفى الصداقة أُبلغوا قبل يوم واحد فقط عن سعي إدارة المستشفى بالتعاون مع مكتب الصحة العامة والسكان لإقامة جناح خاص استباقًا لأي إصابات محتملة بفيروس كورونا في المدينة.
وأفادت الموظفة أن الممرضين تجمعوا في ساحة المستشفى الداخلية بالقرب من مكتب المدير العام عقب تلقيهم النبأ وصرخوا بهتافات ضد تلك المساعي.
وأضافت أن موظفي المستشفى رفضوا القرار الذي كان من المحتمل بدء تنفيذه فعليًا، وذلك بسبب استحالة السيطرة على الوباء نتيجة ضعف امكانيات المستشفى إلى جانب قلة الدعم المقدم من قبل وزارة ومكتب الصحة ومكاتب المنظمات الدولية في المدينة.
وأفادت ان الممرضين يرفضون هذا القرار بسبب مخاوفهم الشخصية من إصابتهم بالوباء إذ أن الكثير منهم سيتم نقلهم ضمن الطاقم الطبي الذي من المزمع أن يستلم مهمة معاينة المرضى في الحجر الصحي، ومن جانب آخر فإن هؤلاء الممرضين يعتقدون أن هذا سيضاعف من متاعبهم في العمل.
وقالت الموظفة "إن المستشفى يعاني من مشكلتين رئيسيتين وهي قلة الدعم الطبي المقدم من السلطات الصحية، وضعف الطاقة الاستيعابية."
من جهته قال مصدر طبي في مستشفى الصداقة إن المستشفى هو الأكثر استقبالا للحالات المصابة بالحميات وأمراض الكوليرا والدفتيريا، بالإضافة إلى علاج المصابين بفقر الدم والسرطان وهذه الحالات تأتي من عدن والمحافظات المجاورة لها بشكل يومي".
وأضاف المصدر للمصدر أونلاين، أن "هذا يعني أننا بالكاد نستطيع السيطرة على كل هؤلاء ومعاينة حالاتهم التي تتزايد يوميًا بحسب الإمكانيات المقدمة لنا"
ويضيف المصدر أنه "لو لم تتراجع وزارة الصحة ومكتب الصحة في عدن وإدارة المستشفى عن قرارها فإن المدينة كانت على موعد مع كارثة صحية كبيرة لأن موقع المستشفى القريب من مناطق سكنية مزدحمة، إلى جانب نوعية الحالات المرضية التي تخضع للعلاج فيه ستضاعفان المشاكل للمرضى والموظفين وعائلاتهم".
المصدر قال إن المرضى المصابين بالسرطان ممن يتلقون جرعات كيماوية هم أكثر من يحتمل اصابتهم بسبب سرعة استجابتهم لأي عدوى بالتزامن مع ضعف مناعتهم الصحية وهو الأمر الذي سيضاعف من خطورة حالتهم الصحية.
واستطرد "الازدحام الهائل في أعداد المرضى والمرافقين الذين يستقبلهم المستشفى يوميًا بالإضافة إلى غياب الإجراءات الاحترازية وتدني مستوى الرقابة الصحية من الممكن أن تساهم بشكل سلبي في انتشار الوباء على الرغم من محاولات اقناع السلطات باتخاذها إجراءات وقائية في هذا الصدد".
وتابع "فيما إذا كانت السلطات الصحية وإدارة مستشفى الصداقة لم تتراجع عن قرارها ومضت في إقامة الحجر الصحي الاحترازي لفيروس كورونا فإن احتمالية السيطرة عليه ضعيفة جدا، وهذا يعني أنهُ من الممكن إن يتعرض كل شخص لوباءين معًا فضلا عن امكانية انتشاره بين مرافقي المرضى".
وقال المصدر إن قرار إقامة حجر صحي للمصابين بالوباء كان خاطئًا منذ البداية لأنه كان يجب مراعاة موقع المستشفى، ووضعه الاستيعابي وإمكانياته المتواضعة.
وأضاف: "لم يكن مستشفى الصداقة مناسبا من حيث الموقع والامكانيات والقابلية، لأن نوعية الوباء وسرعة انتشاره تتطلب إيجاد مركز عزل منفصل عن المناطق السكنية المزدحمة في المدينة، وموقع مستقل ماليا وإداريا ومنفصل عن أي مستشفى أو مركز طبي لتجنب انتشار الفيروس.
السكان يرفضون القرار
المواطن "أحمد سالم" في العقد السادس من عمره وأحد سكان حي عمر المختار رفض
في حديثه لـ" المصدر أونلاين" فكرة إنشاء مركز للحجر الصحي في مستشفى الصداقة.
وقال "سالم" "منازلنا تقع على بعد أمتار قليلة من المستشفى، هناك تداخل كبير بين السكان وبين المقيمين في المستشفى عمالاً ونزلاء، كما أن الكثير من ابنائنا يعملون في المستشفى وهذا يزيد من القلق لدينا".
وأضاف سالم أن القرار قوبل بالرفض من قبل أغلب الأهالي لأنه بحسب حديثه لا يمكن أن يتقبل السكان أن يكون هناك حجر صحي لفيروس كورونا في مستشفى الصداقة القريب منهم والذي يعاني من سوء الإدارة والفساد وضعف الخدمات الطبية المقدمة، كما قال.
وتابع سالم "المستشفى يعاني من مشاكل كثيرة موجودة منذ فترة وهذه المشاكل لم يتم حلها من قبل إدارات المستشفى المتعاقبة، ما يعني أننا سنكون الضحايا التاليين للوباء إذا أصرت وزارة ومكتب الصحة وإدارة المستشفى على إقامة الحجر الصحي".
وفي وقت سابق أبدى سكان لأحياء القريبة رفضهم إقامة مركز عزل لأي إصابات محتملة بفيروس كورونا، وقال مصدر محلي في حي عمر المختار ان السكان أبلغوا إدارة المستشفى ومكتب الصحة في عدن أنهم سيتصدون بقوة وحزم لأي محاولة لإقامة الحجر الصحي في مستشفى الصداقة.
وعقب وقفة احتجاجية نظمها موظفو مستشفى الصداقة صباح الإثنين أمام مكتب مدير عام المستشفى، ورفض السكان في حي عمر المختار أصدر مكتب الصحة وإدارة مستشفى الصداقة بيانا موحدا قالا فيه إنهما يعلنان تعليق إجراءات إقامة الحجر الصحي في المستشفى وفي أي موقع أخر في المدينة بشكل عام.
وفي ورقة عُلقت أمام مكتب المدير، قال مكتب الصحة وإدارة مستشفى الصداقة إنهما يعلقان إقامة حجر صحي في المشفى نتيجة ما وصفاه بالـ"هيجان الشعبي" لسكان الحي بالتزامن مع رفض داخلي من قبل موظفي المستشفى.
وبحسب البيان فإن مديرا مكتب الصحة، ومستشفى الصداقة تلقيا تهديدات بالقتل من قبل بعض المواطنين الغاضبين.
وطالب البيان الحكومة والسلطة المحلية في المحافظة باتخاذ التدابير اللازمة تجاه الموضوع.