عادت أزمة المساعدات الدولية لليمنيين مجدداً إلى الواجهة، حيث تعتزم الجهات المانحة وجماعات المعونة وقف المساعدات الإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية.
ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إنهم يدرسون خيارات بديلة لتقديم المساعدات لليمنيين، والذين يعيش 14 مليون منهم على ما تقدمه المنظمات من مساعدات، ويحتاج 8 مليون أخرون لمساعدات منقذة للحياة وطبية وإنسانية عاجلة.
وما بين خيارين، يدور النقاش، أما الخضوع لعراقيل الحوثيين وتعطيلهم المتعمد للعمل الإغاثي وسرقة المساعدات، أو إيقاف وتقليص المساعدات في مناطق سيطرتهم، وكلهما مر. لكن تقرير تقرير خبراء لجنة العقوبات يشير إلى خيار ثالث، قد يكون الحل الأمثل للأزمة الإنسانية في اليمن على المدى القريب والبعيد.
هذا الخيار، يتمثل في فتح المجال للعمالة اليمنية المهاجرة في الاسواق الخليجية وخاصة السعودية، ورفع القيود التي فرضت مؤخراً على العمال اليمنيين بشكل خاص.
ويقول خبراء لجنة العقوبات بمجلس الأمن، أن هناك حاجة إلى فتح المجال للعمالة اليمنية في الأسوق الخليجية، ويضيف التقرير الذي ناقشه مجلس الأمن يوم أمس، وأصدر قراراً يمدد مهمة فريق المحققين الذين أعدوه، أن "تدفقات التحويلات من العمالة المهاجرة أكبر من تدفقات المعونة الإنسانية".
المحققون أكدوا "إن العلاقة الاقتصادية القوية لليمن مع الدولة المجاورة له أساسية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في اليمن. ومن العوامل الرئيسية في هذه العلاقة العمالة المهاجرة والتحويلات المالية".
يقول التقرير "قبل اندلاع الصراع في اليمن، كان إجمالي الدخل المقدر والمتأتي من تحويلات (المغتربين اليمنيين) 3 مليار و35 مليون دولار، كانت نسبة 90 في المائة منه تأتي إلى اليمن من مجلس التعاون الخليجي. ومن الإجمالي كانت نسبة 61.5 في المائة تأتي من المملكة العربية السعودية".
ويقارن التقرير المبالغ المالية المتدفقة من المهاجرين اليمنيين و"تدفقات المعونة والمساعدات المقدمة من المانحين تتراوح بين مليارين - وأربعة مليار دولار، وتقدم الجهات المانحة الخليجية معظم هذا المبلغ".
في مؤتمر المانحين الذي نظمته الأمم المتحدة في فبراير العام الماضي، تمكنت من جمع مليارين ونصف المليار دولار، فقط، وقدمت السعودية والإمارات نصف هذا المبلغ.
ويؤكد تقرير الخبراء أن تدفق التحويلات المالية إلى اليمن في ظل استمرار الصراع، "ظلت مستقرة نسبياً". لكنه يشير إلى تعذر رصدها بشكل دقيق إثر اختلاف وسائل تحويل الأموال متباينة، "وهذا التباين، إلى جانب التحول من المصارف وشركات الصرافة الكبيرة إلى شبكات غير رسمية لتحويل الأموال، يجعل من الصعب رصد التحويلات"
وتقدر وزارة المغتربين اليمنيين، أن التحويلات المالية التي تصل اليمن من العمالة المهاجرة، تزيد عن 8 مليار دولار، وقال نائب وزير المغتربين، الدكتور محمد العديل، الاسبوع قبل الماضي، إن المغتربين يوفرون الطعام والمال (يعيلون) أكثر من نصف سكان اليمن.
ويرجح تقرير الخبراء ذلك بشكل ضمني، حيث أن تقديراته التي تضمنت مبلغ 3 مليار 35 مليون دولار هي حجم تحويلات العمالة المهاجرة، استندت على التحويلات البنكية المعتمدة كخدمة " ويسترن يونيون"، فيما أغلب العمالة اليمنية تستخدم وسائل التحويل في الشركات المحلية أو ارسال الأموال مع المسافرين.
ويقول تقرير الخبراء أن "خصائص وظروف العمالة اليمنية المهاجرة ليست بسيطة". ويشد التقرير بالتسهيلات السعودية التي اعتمدتها المملكة في أبريل/نيسان 2015، حيث منحت المملكة اليمنيين غير الموثقين العاملين في البلد "واتاحت لهم إمكانية الحصول على تأشيرات يمكن تجديدها كل ستة أشهر".
لكن التقرير انتقد الرسوم الذي فرضتها السعودية على التصاريح والوظائف وعملية سعودة المهن والتي تضرر منها اليمنيين بشكل خاص.
ويتابع التقرير : بيد أن زيادات لاحقة للرسوم السنوية المتعلقة بالمعالين والتصاريح وقرارات تتعلق بسعودة الوظائف داخل كل قطاع من القطاعات لها آثار سلبي على تحويلات المغتربين.
ووفق تقرير الخبراء فإن كل مهاجر قانوني يمني يدفع في ظل الاجراءات السعودية الحالية، رسوم سنوية تناهز 2500 دولار، ما يعني أن المغترب اليمني يدفع دخلة لخمسة أشهر للحكومة السعودية، حيث أن نصف المغتربين اليمنيين في السعودية يكسبون أقل من 530 دولاراً شهرياً، وفق تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي عن المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن للعام 2018.
وتقول السعودية إنها تستضيف أكثر من نصف مليون نازح يمني، إضافة إلى منحها تأشيرات عمل لعدد 81 ألف تأشيرة لليمنيين خلال العام 2018 وفق تصريحات السفير السعودي. لكنها، فرضت خلال العام الماضي قيوداً على العمالة المهاجرة من اليمن، ومنعت منح تأشيرات العمل لعدة أسابيع، قبل أن تعاود إصدار التأشيرات كل شهر مرة واحدة، تزامن ذلك مع عمليات ترحيل قصري واسعة للمغتربين، تقدر أعدادهم بمئات الآلاف، وبحسب صحيفة "عكاظ" فإن المملكة رحلت في نوفمبر أواخر العام الماضي نحو مليون عامل.
وكان الرئيس وعدد من المسؤولين اليمنيين، ورئيس البرلمان –يقيم معظمهم على اراضيها- تحدثوا على فترات مختلفة عن مكرمة سعودية واعفاءات استثنائية للمغتربين اليمنيين، لكن أياً من ذلك لم يحدث، كما تعثرت جهود اللجنة الحكومية المعنية بمعالجة مشكلة المغتربين في المملكة منذ عام 2018م، ولم يستجد بشأنها أي جديد، رغم توصيات مجلس النواب في أبريل/نيسان العام الفائت بشأن المغتربين.
المصدر أونلاين