أثيرت قبل أيام قضية استدعاء صحفيين وناشطين يمنيين من محافظة تعز، من قِبل النيابة الجزائية المتخصصة بالعاصمة المؤقتة عدن، وهو ما أثار كثير من علامات الاستفهام حول سبب ذلك، ومن يقف وراءه.
وصدرت مذكرات استعداء لعشرة صحفيين وناشطين، للتحقيق في قضية مقتل اللواء عدنان الحمادي الذي قُتل مطلع ديسمبر/كانون الأول الفائت.
جاءت هذه الخطوة بعد تعرض بعض الصحفيين الذين تم استدعاؤهم، للتحريض والتهديد بطرق مختلفة، وجمع معلومات حولهم وأسرهم.
وجه أصابع الاتهام بوضوح الصحفي عبد العزيز المجيدي لأطراف محسوبة على دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الاستخبارات السابق حمود الصوفي، وأمين عام التنظيم الناصري عبد الله نعمان.
وخلال فترة الحرب، انقسمت توجهات الصحفيين بشكل كبير بين أطراف الصراع البارزة، وانعكست الخلافات بين السياسيين إلى الوسط الصحفي الذي بات يعج بالمهاترات والمكايدات، مما جعلهم عرضة للمضايقات والاستهداف.
تشابهت تلك الممارسات مع ما تقوم به جماعة الحوثي في صنعاء، والتي قامت بمحاكمة عشرة صحفيين مختطفين لديها، أمام المحكمة الجزائية.
تناقض مواقف
إزاء تلك المحاكمات التي تعرض لها صحفيون في صنعاء، رفضت نقابة الصحفيين اليمنيين بشكل صريح محاكمتهم من قِبل محكمة غير معنية بقضايا الصحافة والنشر.
لكن النقابة وقفت متفرجة لما يحدث للصحفيين والناشطين في تعز، ولم تصدر أي بيان بشأن ما تعرضوا له، وهو موقف آثار انتقادات كثيرة لها.
ويتساءل صحفيون عن الموقف المتماهي للنقابة في ظل هكذا ظروف، وهل تعاني من انقسامات داخلية، أم أن هناك ضغوطات خارجية؟
رغم كل ما حصل للصحفيين لم يصدر بيان رسمي باسم النقابة، لكن الوكيل الأول لنقابة الصحفيين اليمنيين سعيد ثابت، أدان الاستدعاء الموجهة لناشطين وصحفيين، واعتبره استهدافا واضحا لهم.
وجدد -في بيان نشره على صفحته بموقع فيسبوك- التأكيد على الموقف المبدئي لنقابة الصحفيين الرافض مثول الصحفيين والإعلاميين أمام النيابات والمحاكم "الجزائية المتخصصة" باعتبارها غير ذات اختصاص في قضايا الرأي والتعبير والحريات الصحفية، ورفضها منذ اليوم الأول لإنشاء هذا النوع من النيابات والمحاكم وإحالة الصحفيين وقضايا النشر إليها.
خطورة الاستدعاء
بحسب الوكيل الأول لنقابة الصحفيين اليمنيين سعيد ثابت، فإن ذلك الاستدعاء يشكل خطورة كبيرة على جميع الصحفيين مستقبلا.
فقد أوضح أن ذلك سابقة خطيرة ستطال حرية التعبير، وستستهدف جميع الصحفيين مستقبلا.
وقال إن "اللجوء إلى القضاء المدني المختص في قضايا حريات التعبير أسلوب حضاري وفي ظل ظروف سليمة بعيدة عن أجواء التهييج الغوغائي والتحريض"، داعيا جميع الصحفيين إلى عدم الانخراط في حمى الاستقطابات والمناكفات.
لا مبرر قانوني
المحامي ياسر المليكي الذي تم استدعاؤه، من جانبه أكد أنه لا يوجد مبرر قانوني واحد يقتضي استدعاءه هو وزملائه الآخرين من النيابة الجزائية المختصة، وأنها تختص فقط بجرائم محددة.
وذكر -في منشور بصفحته بموقع الفيسبوك- أن ذلك يعني أن هناك استهدافا سياسيا لهم، وتأثير على القضاء الخاضع تحت سلطة قوات عسكرية لا تدين بالولاء للحكومة اليمنية، في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات.
وأوضح أن "اختصاصات تلك النيابة تتمثل بجرائم الحرابة والاختطاف والقرصنة البحرية أو الجوية والإتجار بالمخدرات أو ترويجها، وجرائم الإضرار والإتلاف والحريق والتفجير بمنشآت ومرافق اقتصادية ذات نفع عام، إضافة إلى جرائم سرقة وسائل النقل العامة والخاصة، وجرائم الاشتراك في عصابة للتعدي على ممتلكات المواطنين، والجرائم التي تمس بأمن الدولة أو ذات الخطر العام، فضلا عن الاعتداء على أعضاء السلطة القضائية أثناء أداء وظيفتهم أو بسببها، والاعتداء على الشهود".
دعوات لانتخاب قيادات للنقابة
وكان الصحفي عبد العزيز المجيدي قد طالب بالتحرك في المناطق المحررة لإعادة الاعتبار للكيان النقابي وانتخاب قيادة جديدة تمثل الصحفيين وليس أحدا آخر.
ورأى -في منشوره بصفحته بموقع الفيسبوك- أن النقابة تبدو صورة منعكسة تماما لحلف الانقلابيين في صنعاء وعدن، مشيرا إلى إقامة أمينها محمد شبيطة في صنعاء.
وتابع المجيدي قائلا: "تقدمت ببلاغ عن هذه الوقائع للنقابة، ثم بلاغ آخر عن استدعاء من قبل النيابة الجزائية بعدن على ذمة جريمة يتم توظيفها سياسيا للتغطية على طبيعتها والأطراف الحقيقة المتورطة فيها، لكن نقابة شبيطة لا تكترث".
وتساءل المجيدي: "هل هذا موقف مساند ضمنيا للنيابة الجزائية والسلطة الأجنبية التي تحكم عدن؟"، في إشارة منه إلى الإمارات العربية المتحدة.
وخلال الحرب قتل وجرح عدد من الصحفيين، في حين لا يزال البعض منهم معتقلا في سجون الحوثيين، ويتعرض الكثير من العاملين في حقل الصحافة لكثير من الانتهاكات التي تطالهم كمنعهم من السفر ومصادرة هوياتهم وغيرها.