تقرير: عارف الواقدي
5 آلاف أسرة نازحة استقر بها الحال في مناطق نائية على أطراف مدينة مأرب (شرق اليمن)، مع اشتداد المعارك بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، ومسلحي جماعة الحوثي، من نهاية يناير الماضي.
وهربت تلك الأسر من مخيمات نزوح سابقة في مديرية نهم، شرق العاصمة صنعاء، بعد سيطرة جماعة الحوثي عليها، وأسر أخرى فرت من منازلها التي حولت إلى متاريس للمقاتلين، بحثاً عن الأمان، وفق ما تقول زهرة (35 عاماً)، إحدى النازحات التي توفيت طفلتها البالغة من العمر 7 أعوام، بسبب البرد الشديد، أثناء هربها مشياً على الأقدام، مع أطفالها الثلاثة، لمدة 3 أيام، قبل أن تصل إلى مخيم آخر للنزوح شمالي غرب محافظة مأرب.
وأُجبرت 1320 أسرة على النزوح من مخيم الخانق الواقع بمديرية نهم، بعد أن أُمطر المخيم بمئات القذائف والأعيرة النارية من قبل مقاتلي طرفي النزاع، في الثلث الأخير من شهر يناير الماضي.
بيد أن تلك المخيمات الجديدة التي استقبلت النازحين الجدد، تفتقر لمستلزمات الإيواء والغذاء والمياه، الأمر الذي فاقم من معاناة النازحين بداخل المخيمات.
موجة نزوح جديدة
وامتدت الحرب إلى مختلف مناطق مديرية نهم، وانتهت بسقوطها.
وطبقاً لما يقول المسؤول الإعلامي في ائتلاف صنعاء للإغاثة والتنمية، صالح العروسي، أُجبرت أكثر من 500 أسرة من مناطق أخرى بالمديرية، على النزوح والبحث عن مأوى آمن.
هذا العدد من الأسر النازحة من مناطق شرقي صنعاء، وصل إلى مخيمات أعدت للنازحين الجدد في أطراف مدينة مأرب، بحسب العروسي. فيما استقر الحال ببعض هذه الأسر في مخيمات صغيرة للنازحين بمديرية مدغل، ومناطق مجاورة شمالي مأرب.
وبعد امتداد المواجهات إلى الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة مأرب، وتحديداً مديرية مجزر التابعة لها، أجبرت 1300 أسرة منها، على النزوح وترك مساكنها خلفها، بعد أن فوجئت بجماعة الحوثي الانقلابية تسيطر على المديرية، لتعيد معاناتهم المريرة، ويلات النزوح مرة أخرى، بحسب عبدالله جمالة، أمين عام جمعية مجزر الخيرية.
موجة النزوح الثانية تضاف إلى سابقتها في 2016، لدى سيطرة جماعة الحوثي على تلك المديرية حينها، وقيامها بتفجير قرابة 83 منزلاً تابعة لسكانها، قبل أن تستعيد القوات الحكومية سيطرتها، العام ذاته.
ويقول هادي بن صالح (60 عاماً) الذي نزح من مديرية مجزر، إنه وجد نفسه هو وزوجته وأطفاله الـ6، في مخيم الزبرة للنازحين، بمديرية مدغل، لافتاً إلى أن أكثر من 48 ساعة قضوها مشياً على الأقدام، من المنطقة، حتى انتهى بهم حال النزوح والتشرد في ذلك المخيم.
وتمكن صالح من اصطحاب ما يملكه من دواب إلى مكان المخيم.
ووصلت 800 أسرة نازحة من قرى ومناطق مختلفة جنوبي غرب وغربي محافظة الجوف (شمالي شرق اليمن)، إلى مخيمات النزوح في محافظة مأرب المجاورة.
وتشهد مناطق عديدة من محافظة الجوف، مواجهات مسلحة بين القوات الحكومية والحوثيين.
وتضاف إلى إحصائيات النازحين، أرقام جديدة لأكثر من 270 أسرة نزحت من مديرية صرواح غربي محافظة مأرب، نتيجة امتداد المواجهات المسلحة التي شملت هي الأخرى مناطق مختلفة بالمديرية.
ويتوقع تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، مطلع فبراير الماضي، أن يصل عدد الأسر النازحة إلى 15.500 أسرة، في حال استمرت الحرب بين الأطراف المتقاتلة في الجوف ومأرب ونهم.
مأساة النازحين في 32 مخيماً
وتفتقر مخيمات النزوح التي استقبلت الفارين من ويلات المواجهات العسكرية في مديريات نهم بصنعاء، ومجزر وصرواح بمأرب، والجوف، لأبسط مقومات الحياة.
ويوجه النازحون مناشدات عاجلة لإنقاذهم وإسعافهم بمواد الإيواء والغذاء والصحة، وخصوصاً المياه.
وقال جمالة، إن الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه النازحون في أكثر من 32 مخيماً أعدت لهم، أسفر عنه وفاة طفلين، نتيجة البرد القارس، وعدم امتلاك أسرهم مواد إيواء تقيهم شدة البرد.
ويرقد حوالي 7 أطفال في مستشفى كرى العام، بمدينة مأرب، بعد إصابتهم بنوبة برد شديدة، بحسب جمالة.
وتؤكد فاطمة أحمد الحريبي، نازحة من حريب نهم، أن النازحين يعيشون في أسوأ أنواع الظروف المعيشية والإنسانية، وأنه لم يعد لديهم أي أحلام سوى امتلاك خيمة تخفف عنهم معاناة التشرد في صحراء مترامية الأطراف لا تقل خطورة عن مناطق الحرب ذاتها.
ويبدو الوضع الصحي في مخيمات النزوح في غاية السوء، فلا توجد أي علاجات أو إسعافات أولية للنازحين، ونتيجة ذلك فقد حصلت العديد من الولادات لنساء أثناء النزوح، وتمت تحت الأشجار، متسببة بكثير من الأمراض والتعب الجسدي للأمهات والأطفال، بحسب الحريبي.
وذكر مدير عام ائتلاف صنعاء للإغاثة والتنمية أمين الشامي،لـ”المشاهد” أن النازحين يعانون أوضاعاً إنسانية مأساوية، تستدعي التدخل العاجل لإنقاذهم بمواد الإغاثة والإيواء، داعياً منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، والسلطات المحلية والحكومة، إلى التعاضد والتكاتف جنباً إلى جنب، في توفير وتقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء النازحين.