في منتصف عام 2009، كان أول لقاء مباشر لي بمحمد الصبري على مقربة من الجامعة القديمة كنت مع الصديق هشام هادي نمشي وعند المكتبات المقابلة للجامعة وجدناه ..صافحناه وصافحنا وبضحكته المميزة اخبرناه اننا عرفناه بها بعد المعرفة الإعلامية في الصحف والتلفزة.
تحدثنا عن السياسة ولايخلو الحديث السياسي مع الصبري من النكتة والتعليقات وكنا ثلاثتنا نجيد النكتة السياسية اخبرنا انه في طريقة الى منزله على مقربة من الجامعة الجديدة وكان بالقرب من غرفتنا أيضا تحدثنا عن مواضيع كان ابرزها رؤية الإصلاح السياسي والحوار السياسي بين النظام والمشترك.
ودعناه رأس شارع الحرية هو اتجه الى منزله ونحن عدنا الى كشك الصحف وانصرفنا الى يومياتنا بعدها اخبرت هشام عن انطباعي عنه كسياسي صاحب روح ويألفه الانسان من اول وهلة ثمة جوهر نقي لهذا الرجل وفي الغالب يكون السياسي ممل وذو فوقية لكن الصبري خارج المألوف السياسي.
حينما قرأت خبر وفاته احسست برأس مثقل بمشاعر تختلف عن كونه سياسي يمني انجاز بحق وحقيقة الى ثورة فبراير والى خطاب ورؤية الشباب فمنذ تلقيت الخبر الفاجعة اول مرضه لاتكاد ملامحه تفارق ذاكرتي التي اتعبتها واتعبتني.
بدأ في ذاكرتي شريط الذكريات يدور وثمة ذكريات كثيرة جمعتني بمحمد الصبري ولا أتمكن من حصرها في مقال واحد فضحنكة المميزة وملامحة التي تشع روح وحيوية مقال واحد لو يوفيها.
سيكتب الكثير عن محمد الصبري وهو يستحق ان يخلد كرمز سياسي خالد لكن ثمة أمرين في شخصيته كان سياسي صاحب روح وسياسي وطني لم يتناقض طيلة تاريخه السياسي
حينما انطلقت الثورة كنا نتنبادل الاتصالات شبه اليومية خصوصا بعد الحديث الإعلامي للقنوات وعلى مقربة من ساحة الثورة كان يسكن في الشارع الذي يقع خلف الحركة الطلابية 15 يناير حيث ابناءه الاثنين عقبه وجمال في ذات الحركة الطلابية التي كان لها دور بارز في تبني خطاب مدني ومعرفي متعلق بالثورة والدولة.
ذات جمعة لن انساها اتصل بي لعزومة في بيته رفقة شاذلي البريهي لجلسة غداء ومقيل هي أطول جلسة مع محمد الصبري كنا ثلاثة فقط تحدثنا فيها بصراحة عن الحياة السياسية في اليمن كان صادق معنا حد الشفافية منحاز الى تطلعنا الى المعجزة السياسية التي احدثناها كان يسميها هكذا.. ثم قال بمرارة اخشى من عجز النخب السياسية ان يخذل تطلعاتكم.
التقينا مجددا في اول افتتاح مؤتمر الحوار الوطني في بوابة دار الرئاسة على وجه التحديد كان يضحك ويقول هذا المكان كان محرم علينا لولا ثورة الشباب واخبرني بموقف حدث حينما كانوا يطالبون بمصير المخفيين قسرا وقدم صالح مقترح ان يتم اللقاء به للتباحث حول هذا الأمر لكن صالح قال يكون اللقاء خارج دار الرئاسة قال لي قال صالح هذا المكان محرم عليكم.
كان محمد الصبري في فريق الحكم الرشيد رفقة عصام القيسي وآخرين قدم جهود فكرية وسياسية كبيرة متعلقة بمخرجات الحوار الوطني في فريق الحكم الرشيد خصوصا فيما يتعلق بالحكومة والتشريعات المؤسسية وحينما قدمنا كشباب مقترح للعزل السياسي للحد من الجريمة السياسية كان الصبري يساند ذلك المقترح بشجاعة وحماسة لن انساها الى اللحظة.
ذات يوم كنت اخبرته اننا سنذهب بعد الجلسات النقاشية للغداء مع بعض رفقة الفت الدبعي وآخرين وحينما نزلت الى المكان الذي يتواجد فيه فريقه سمعت ضحكته المميزة الى بعد نحو خمسين متر على وقع عراك بالكراسي والأيدي كان حدث عراك بين محمد قباطي وسلطان البركاني وتدخل الصبري لفض الاشتباك وبعد ان هدأت الأمور ظل يضحك ويقول اهدأ ياقباطي.
سيكتب الكثير عن محمد الصبري وهو يستحق ان يخلد كرمز سياسي خالد لكن ثمة امرين في شخصية الصبري ان منحت يوم ما فرصة للتفرغ الفكري سأكتب كتاب عن هذه النقطتين فقط كيف انه كان سياسي صاحب روح وكيف انه سياسي وطني لم يتناقض طيلة تاريخه السياسي كان الى جانب الكلمات العليا لليمن الجمهوري وأصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير.
المصدر: بلقيس