بعد ثلاثة أشهر من المماطلة والتستر على المجرم، أنهت سلطات الحوثيين غير المعترف بها في صنعاء، قضية مقتل معلم بإحدى المدارس الأهلية بأمانة العاصمة بصلح قبلي، أجبرت فيه عائلة القتيل على التنازل عن حقها والعفو عن القاتل دون شرط او قيد.
وكان المعلم بمدرسة "كيان" الأهلية، فيصل سعد الريمي (42 عاماً)، توفي يوم 18 ديسمبر/كانون الأول عام 2019، بعد تعرضه للضرب والاعتداء من عدد من المسلحين بقيادة تاجر سيارات يدعى مراد الفقيه.
وتحولت جريمة قتل المعلم إلى قضية راي عام، وشهدت صنعاء مسيرات احتجاجية تطالب بإنصاف القتيل ومحاكمة القاتل وإنهاء الانتهاكات والاقتحامات المسلحة التي تتعرض لها المدارس في مناطق سيطرة الحوثيين.
ورغم الوعود التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم بقيادة يحيى الحوثي، ومسؤولي مكتبها في صنعاء وتعهدات الداخلية التابعة لحكومة الجماعة بضبط الجناة وتقديمهم للمحاكمة، نجحت ميليشيا الحوثي في تحوير القضية إلى شأن قبلي وأخرجتها عن مسارها القانوني والحق العام غير القابل للتنازل.
ومنذ حادثة الاعتداء التي أفضت إلى مقتل المعلم الريمي، والجهات المعنية في صنعاء تماطل أولياء الدم، ولم تتمكن من ضبط الجاني، واكتفت باعتقال عدد من أفراد أسرته.
وخلال الفترة الماضية، كشفت مصادر مطلعة لـ "المصدر أونلاين"، عن تستر القيادي "محمد حسين المقدشي" على المتهم بقتل المعلم واخفاءه في منزله.
و"المقدشي" كان قد عُين مؤخراً من قبل الحوثيين نائباً لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة الجماعة (غير معترف بها) بعد استقالته من منصبه محافظاً لذمار.
وقام "المقدشي" بقيادة وساطة قبلية لدى قبائل ريمة لإنقاذ القاتل المنتمي قبلياً إلى محافظته، بمباركة من المليشيات التي امتنعت عن اعتقاله رغم علمها بمكانه.
وبعد نجاح الجماعة في حرف مسار قضية مقتل المعلم، وتحويرها إلى خلاف قبلي بين محافظتي ذمار وريمة، أشرف يوم الجمعة محمد علي الحوثي عضو ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى على تشريف حكم التراضي وإغلاق ملف القضية.
وذكرت وكالة سبأ بنسختها في صنعاء، إن الصلح تكلل بإعلان أولياء الدم من آل الريمي ومشايخ وقيادة محافظة ريمة العفو عن الجاني من آل الفقيه لوجه الله تعالى.
ونقلت عن محمد الحوثي قوله بعد شكر مشايخ ريمة وذمار، "شكراً لكل الأعمال التي يقدمها المعلمون لأبنائنا وبناتنا وفلذات أكبادنا، فأنتم تقدمون عملا نضاليا وجهاديا في الحفاظ على أبنائنا، وما تقومون به من نضال يجب الاستمرار في العملية التعليمية رغم الحصار وتوقف الرواتب وغيرها ".
لكن مصدر مقرب من عائلة الريمي أفاد لـ "المصدر أونلاين" أن الضغوطات الرسمية والقبلية أجبرت أولياء الدم على مسامحة القاتل والعفو.
وقال أحد المطلعين على القضية والملمين بتفاصيلها لـ "المصدر أونلاين" إن المسألة انتهت بدفع ديات مغلظة ومضاعفة، وقيام قيادات حوثية كبيرة بتهجير (تحكيم قبلي) أولياء الدم وقبائل ريمة.
وأضاف، شريطة عدم كشف هويته، "أن القضية كانت آيلة للضياع في ظل الوضع الحالي الذي تشهده البلاد".
ومثل موقف مشايخ ريمة ووجاهاتها وتحريكهم للشارع، عاملاً اساسياً في القضية، ما أُجبر المليشيات الحوثية على محاولة حلها، بعد أن كانت قد بدأت في استغلالها إعلامياً والتلميح بأن المحتجين والمتضامين معهم عملاء للعدوان، في إشارة للتحالف بقيادة السعودية.
وتتعرض المدارس الخاصة والحكومية في مناطق سيطرة الحوثيين، لعمليات اقتحام واعتداءات مستمرة من قيادات ومسلحين حوثيين، طالت تلك الاعتداءات الطالبات والمعلمات.
وكان مسلح حوثي اقتحم أواخر فبراير الماضي مدرسة في شرعب بتعز، وارتكب مجزرة مروعة بحق الطلبة والمعلمين، فيما سارع مشرف الحوثيين في المنطقة للتغطية على الجريمة وتمريرها بزعم أن المسلح مريض نفسي وكان يتعاطى أدوية مخدرة.
المصدر أونلاين