عقب سيطرة جماعة الحوثي على مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف (شمال اليمن)، قبل أسبوعين، اضطر الكثير من الصحفيين إلى مغادرة المحافظة في اتجاه محافظة مأرب الواقعة جنوب محافظة الجوف. ولأن سقوط المحافظة كان بشكل دراماتيكي، فكان هروب بعض سكان مدينة الحزم، ومنهم الصحفيون، محفوفاً بالمخاطر، أو بمعنى أدق كانت جماعة الحوثي سيطرت على أغلب منافذ المدينة، والطرق الواصلة من محافظة الجوف إلى محافظة مأرب، أصبحت تحت نيران جماعة الحوثي.
ما الذي حدث؟
13 صحفياً استطاعوا النجاة، بعد أن تعرض البعض منهم للإصابة والملاحقة، وفقد البعض كافة معداتهم الصحفية. كانت رحلة هروبهم إلى محافظة مأرب محفوفة بالمخاطر، حيث يقول الصحفي عبدالعليم دحلان، الذي يعمل مراسلاً لقناة “اليمن اليوم” بمحافظة الجوف: “خرجنا من محافظة الجوف خوفاً على حياتنا من جماعة الحوثي، تركنا كل شيء، فلم يكن الخروج من محافظة الجوف سهلاً”، مؤكداً أنه وزملاءه الصحفيين لم يتمكنوا من أخذ أي شيء من أدواتهم الصحفية.
ويؤكد دحلان أن سيارته تعرضت لاستهداف جماعة الحوثي، وهو في الطريق إلى محافظة مأرب، التي وصفها بأنها كانت صعبة، حيث لم تكن الطريق آمنة، لافتاً إلى أنه تعرض لعصابة تقطع تم إيقافه لنهب أي شيء يحمله. متابعاً: “بعد أن تم توقيفي أكثر من ساعة، وحين تم تفتيشي ولم يجدوا أي شيء، سمحوا لي بمواصلة السفر إلى مدينة مأرب”.
من جهته، يقول الصحفي صالح مبخوت، مراسل قناة “سهيل”، وهو أحد الإعلاميين النازحين من محافظة الجوف، إنه تعرض للعديد من المخاطر خلال فترة ممارسته العمل الإعلامي في محافظة الجوف، مضيفاً أنه وطوال عمله الإعلامي هناك، تعرض للكثير من الاستهداف، ونجا من الموت أثناء احتدام المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي، قبل السيطرة على المحافظة، مؤكداً استهداف جماعة الحوثي سيارة كانت تقلهم هو وزملاؤه الصحفيون، بصاروخ.
ويشير مبخوت إلى أنه، وخلاله عمله في محافظة الجوف أكثر من سنتين، كان بعيداً عن أمه وزوجته وأطفاله الذين لم يرهم طوال هذه الفترة، ومضطر الآن أن يعمل جاهداً على أن يكونوا معه في محافظة مأرب، كي يكون قريباً من الاعتناء بأمه التي يقول إن وضعها الصحي متدهور.
الصحفي ماجد عياش، مراسل قناة “يمن شباب”، هو الآخر، قصة أخرى من معاناة الصحفيين في محافظة الجوف، لكن ربما يختلف في كونه تعرض لشظية في العمود الفقري بقصف لجماعة الحوثي أثناء تغطياته الإعلامية، وكل يوم تسوء حالته الصحية، وتعيقه عن العمل بشكل كامل. خرج هو الآخر من محافظة الجوف، عقب سيطرة جماعة الحوثي، ويعيش وضعاً صعباً الآن في محافظة مأرب.
دحلان ومبخوت من 13 صحفياً اضطرتهم الحرب إلى الخروج من محافظة الجوف، وخروجهم في الوقت الذي سيطرت فيه جماعة الحوثي، كان غاية في الخطورة، وكانت معاناتهم شديدة وهم يتنقلون في مناطق وطرق صحراوية صعبة حتى الوصول إلى محافظة مأرب.
الحياة في مأرب
يقول دحلان: “صحيح أني نجوت وزملائي من بطش واعتقال جماعة الحوثي، حين وصلنا إلى محافظة مأرب الواقعة تحت سيطرة الحكومة، لكن لم ننجُ من المعاناة الصعبة في توفير السكن المناسب ومتطلبات المعيشة، بعد أن فقدنا أعمالنا، حيث كنا نعمل بالقطعة”.
ويتابع: “وصلنا إلى مأرب، وحاولنا أن نستقر فيها، فواجهتنا الكثير من المتاعب، بدأت بصعوبة الحصول على السكن بسبب غلاء الإيجارات، والبعض منهم يشترط علينا دفع إيجار 3 أشهر مقدماً، إلى جانب زيادة المصاريف اليومية وشراء جميع وجبات الأكل من المطاعم”.
في كل مرة يدفع الصحفيون ثمن تصاعد المواجهات المسلحة في اليمن، ومايزال المئات من الصحفيين اليمنيين نازحين داخل اليمن وخارجها، فيما العشرات في المعتقلات.
وقد أعلن مرصد الحريات الإعلامية في اليمن، مؤخراً، عن تسجيل 34 حالة انتهاك مورست ضد إعلاميين، خلال الشهرين الماضيين (يناير وفبراير) من العام الجاري.
المصدر: المشاهد