بعد شهور من الحديث عن التهدئة والمبادرات من أجل وقف الحرب التي زادت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة، استيقظ العالم مجددا على قيام جماعة "الحوثي" بإطلاق صواريخ على الأراضي السعودية بعد توقف دام أكثر من ستة أشهر.
ما أعاد الحديث حول أسباب هذا التحول، وهل هذا ناتج عن فشل في مفاوضات سرية أم نتيجة لتطورات جديدة غير معلومة على الساحة السياسية، حيث تزامنت تلك العملية مع بداية العام السادس للحرب... فما هى الأسباب التي أدت إلى هذا التوتر الجديد بين الرياض وصنعاء؟
الوضع الهش
قال مصطفى زيد، رئيس تاج الجنوب العربي بالداخل اليمني، لوكالة "سبوتنيك" "إن معاودة الحوثيين لقصف الرياض بالصواريخ بعد فترة من الهدوء وربما في ظل وساطات ومحادثات خلف الكواليس، هو إدراك الحوثيين ومن خلفهم للوضع الهش للتحالف العربي في الفتره الأخيرة وهشاشة الوضع العسكري للجيش اليمني في مختلف الجبهات، والصعوبات المادية واللوجستية التي يعاني منها، فكيف لجيش أن يحارب وجنوده وضباطه لا يستلمون رواتبهم، ولا تستلم أسرهم إيجارات منازلهم، بينما الحوثي يرصد كل إمكانياته ويسخرها فقط للمجهود الحربي".
السعودية تدعو جماعة "الحوثيين" للحوار
وأشار زيد إلى أن اختلاف أولويات الدول الداخلة في التحالف وتحالفاتها المحلية، كان له تأثير حتى على حماس المقاتلين في الجبهات، بالإضافة إلى الاختراقات والخيانات داخل مؤسسة جيش الشرعية، كما أن تغيير رئيس هيئة الأركان العامة في ظروف عصيبة يعتبر غلطة استراتيجية، وأن عمليات التغيير غير المحسوبة يمكن أن تؤدي إلى كوارث، وها هي الخسائر تتوالى على الجبهات مما يدل على عدم كفاءة من يدير دفة المعارك.
الوضع الاقتصادي
وأشار رئيس تاج الجنوب العربي إلى أن الحوثيين ومن خلفهم أدركوا صعوبة الأوضاع الاقتصادية في السعوديه على إثر اضطراب السوق النفطية وهبوط الأسعار إلى أدنى مستوى لها وخلافها مع ثاني منتج للنفط في العالم وهي روسيا، التي يبدو أنها وضعت استراتيجيتها على أسعار متدنية للنفط لسنوات قادمة على عكس السعودية التي يسود سياستها النفطية التخبط وخاصة بعد ضرب مصافي ارامكو.
كورونا والسعودية
وتابع زيد، ظهور وباء كورونا زاد من مصاعب السعودية وأربك كل خططها في الاعتماد على مصادر غير نفطية، حيث تأثرت خطط ابن سلمان لتنويع مصادر الدخل بموجب خطة 2030 كما أن توقف السياحة الدينية من عمرة وموسم الحج إلى أجل غير مسمى وتأثر بيع أسهم شركة أرامكو، كل هذه العوامل وغيرها، دفعت الحوثي إلى أن يدرك أن اللحظة المناسبة قد حانت لزيادة الضغط على السعودية لإجبارها على الجلوس للتفاوض وفرض شروطه لإيقاف الحرب.
ضعف دولي
وأكمل رئيس تاج الجنوب العربي، ناهيك عن إدراكه ضعف المجتمع الدولي في فرض قرارات مجلس الأمن وبنود اتفاق استوكهلم التي أضحت خلف ظهورهم، وإدراك الحوثي بأنه بات في وضع أفضل... والدليل أن السعودية أوعزت إلى ترامب للتدخل والتوسط لدى بوتين لمعالجة الأزمة بينهما بخصوص الإنتاج والأسعار ما حذى بترامب، أن يقول لم أكن أتخيل أن يأتي يوما لاتوسط في معالجة أسعار النفط.
تنشيط متبادل
من جانبه قال الدكتور عبد الستار الشميري، رئيس مركز "جهود" للدراسات في اليمن لوكالة "سبوتنيك"، معاودة إطلاق الصواريخ والمقذوفات وتحريك الجبهات من جانب الحوثيينضد السعودية لها عدة أسباب منها، أن الشرعية والتحالف قاموا بتنشيط جبهة مأرب باتجاه صرواح خلال الأيام الماضية وكذلك قبل أسبوعين بهدف استرداد ما فقدته الشرعية في جبهة صرواح من شهر ونصف تقريبا، هذا التنشيط أزعج الحوثيين حيث كانوا قد أمنوا بالفعل العاصمة صنعاء بعد أن أخذوا صرواح من الشرعية وأصبحت بعيدة المنال.
وتابع رئيس مركز "جهود"، وردا من الحوثيين عندما يكون هناك تحرك في مأرب أو في بعض الجبهات، يقومون بتحريك جبهات الحدود لإستنزاف المملكة أو لمناورتها والحديث عن تهدئة من الطرفين.
الأسباب الرئيسية
وأشار الشميري، أن السبب الثاني أن المليشيات اليوم تعيش في حالة أفضل مما كانت عليه، خاصة مع انشغال العالم والتحالف بوباء كورونا، ويرون أن هناك فرصة ما للضغط لتتنادى الدعوات لإيقاف الحرب لأن هذا يصب في مصلحتهم وفيما اكتسبوه، وبالفعل بدأنا نسمع دعوات من منتديات عالمية والأمم المتحدة وبعض المندوبين والسياسيين ومن الدول الراعية بهذا الحديث بضرورة إيقاف الحرب والاتجاه إلى حل شامل، وهذين هما السببين لتنشيط الحوثيين لتلك الجبهات من وجهة نظرنا.
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014، وبالمقابل تنفذ جماعة "الحوثي" هجمات بطائرات دون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة، تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.