بالتزامن مع تكثيف جماعة الحوثي هجماتها على مواقع الجيش الوطني، وتمكنها من إسقاط عدد من المناطق في صنعاء والجوف، واستمرار هجومها بشكل مكثف على مأرب، ودخول حرب التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن عامها السادس، تعلن المملكة العربية السعودية بشكل صريح الشروع في مفاوضات مباشرة مع جماعة الحوثي لإنهاء الحرب في اليمن.
وعلى الرغم من تصعيد جماعة الحوثي في الداخل اليمني، واستهداف الرياض بعدد من الصواريخ البالستية، والطائرات المسيرة، فإن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، أكد في تصريحات صحفية أن التصعيد المتبادل بين بلاده وجماعة الحوثي، لن يؤثر على سير تلك المحادثات.
فما الذي يكمن خلف رغبة الرياض في إجراء مفاوضات مع الحوثيين بعيدًا عن الحكومة الشرعية في اليمن؟ وهل تفضي تلك المحادثات لإنهاء الحرب في اليمن؟
أربعة عوامل
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الغني الماوري أن هناك أربعة عوامل دفعت المملكة العربية السعودية لإجراء محادثات مع الحوثيين.
وأوضح الماوري في حديثه لـ"الموقع بوست"، أن العامل الأول يتمثل في رغبة السعوديين في استمالة الحوثيين، وإبعادهم عن إيران، وإعادة إحياء روابط قديمة بينهم وبين ما يمثله الحوثيون.
أما العامل الثاني بحسب الماوري، فيكمن في استجابة الرياض للنصائح الأمريكية والبريطانية التي ترى ضرورة أن تنفتح السعودية على الحوثيين، ومحاولة الوصول لتفاهمات مشتركة.
ويعتقد الماوري أن العامل الثالث يتمثل في الحرج الذي باتت السلطات السعودية تشعر به جراء وصول الصواريخ الحوثية لأهداف في الداخل السعودي.
ويرى المحلل السياسي أن العامل الرابع يكمن في اعتقاد السعودية أن جماعة الحوثي لا تمثل الخطر الوحيد الذي يهدد أمنها جنوبًا، مشيراً إلى وجود قناعة لدى السعودية بأن الحوثي أقل تهديدًا لأمنها مقارنة بوجود جمهورية أو تجربة ديمقراطية إلى جوارهم.
أسباب أخرى
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي وديع عطا أن الرياض لجأت لإجراء محادثات مع الحوثيين لأن الجماعة باتت تمثل تهديداً مباشراً لأمن المملكة الاقتصادي.
ويشير عطا في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى وجود سبب آخر لرغبة الرياض في محاورة جماعة الحوثي، يتمثل في اعتزامها استكمال فصول ما وصفها بالمسرحية المكشوفة عن طريق جماعة الحوثي، التي قال إنها بدأت في الستينيات بدعم النظام الملكي في اليمن.
إقصاء الشرعية
وتأتي محادثات السعودية مع الحوثيين بوصفها استمرار لسلسلة محادثات ابتدأت قبل عام من الآن، بحسب تصريحات السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، وهي المحادثات التي تٌجرى بعيدًا عن مشاركة السلطة الشرعية في اليمن، وهو الأمر الذي يؤكد سعي الرياض لإنهاء الحرب في اليمن بأي طريقة كانت.
ويؤكد المحلل السياسي اليمني عبد الغني الماوري أن ذلك يعكس الاستخفاف السعودي بالسلطة الشرعية.
فيما يرى وديع عطا أن الرياض أرادت من خلال ذلك فقط امتصاص ردة الفعل الحوثية من أن يأتي الانتقام سريعاً ويستهدف المنشآت الاقتصادية الكبرى، الأمر الذي قد يمثل إهانة جديدة تضاف لسجل الانتكاسات السعودية، ضمن سجل الصراع الإيراني السعودي.
مآلات
يزعم المسؤولون السعوديون أن الهدف من إجراء محادثات مع جماعة الحوثي، هو إنهاء الحرب في اليمن، والتي باتت تشكل عبئًا على الرياض، خصوصًا مع تضاؤل فرص وخيارات الحسم العسكري، وقيام الرياض وأبو ظبي بدعم انقلابات جديدة على السلطة الشرعية في اليمن.
يؤكد المحلل السياسي عبدالغني الماوري -في حديث لـ"الموقع بوست"- أن الحرب في اليمن ستنتهي في نهاية المطاف، مشيراً إلى أن السعودية ستبني عقب ذلك علاقات جيدة مع الحوثيين، مرجعاً الأسباب للعلاقات التاريخية المشتركة بين السعودية وجماعة الحوثي، وموقفهما الموحد تجاه فكرة الجمهورية والديمقراطية.
ويرى الماوري عدم وجود أي سبب حقيقي يجعل السعودية تعتبر الحوثيين العدو الذي لا يمكن الجلوس والتفاهم معه.
وخلافًا لرأي الماوري، يعتقد المحلل السياسي اليمني وديع عطا أن المحادثات بين الجانبين لن تفضي إلا لتأجيل حرب أخرى.
وعلل عطا ذلك بكون التيار الجمهوري داخل اليمن لن يستسلم بسهولة، ولا يمكن أن ينسجم مع جماعة الحوثي، ذات الموروث العنصري، التي قال إنها نسفت كل فرص للتعايش، من خلال زعمها بأحقيتها في حكم الشعب.
وأوضح عطا بأن السعودية ستكون حينذاك طرفاً، مقابل ما وصفها بذراع إيران العسكرية الطائفية، ممثلة بجماعة الحوثي، إلى جانب مسلحي الشيعة في جنوب المملكة.