حرب اليمن

أشهر صحيفة أمريكية تتحدث عن "هدنة اليمن".. الحوثيون ليسوا في مزاج التنازلات!

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لرئيس مكتبها في بيروت بن هبارد قال فيه إن جائحة كورونا قد تساعد على إنهاء بعض أسوأ الحروب في العالم.

وظهر ذلك الأمل هذا الأسبوع عندما قام المتحاربون الرئيسيون في اليمن، أفقر الدول العربية، بوضع تصوراتهم للسبيل نحو السلام.

وأعلنت السعودية الأربعاء وقف إطلاق نار من جانب واحد للسماح للمفاوضات ولمنع انتشار فيروس كورونا. وفي نفس الوقت تقريبا، كشف الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية عن خطة سلام مؤلفة من ثماني صفحات. وتأمل الأمم المتحدة التي حاولت لسنوات أن توقف العنف في اليمن، أن تعقد جولة مفاوضات بين الأطراف الأسبوع القادم.

وكل ذلك يبدو وكأنه تقدم، ولكن المحللين والدبلوماسيين الذين يتابعون اليمن قالوا إن المسافة بين مواقف أطراف الصراع والحواجز التي يجب إزالتها كبيرة جدا.

وقد ولدت الحرب معاناة إنسانية شديدة منذ أن بدأ التحالف الذي تقوده السعودية بقصف وحصار اليمن عام 2015. ومات عشرات آلاف الأشخاص، وتم تدمير بلدات ومدن وانتشر الفقر والمرض مثل الكوليرا والتي صعب التعامل معها لأنه تم تفكيك نظام البلد الصحي وبقي كثير من الناس دون مياه نظيفة.

ذلك الواقع ترك سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة في خطر شديد إن تفشى فيروس كورونا بينهم، وأعلن البلد عن أول حالة يوم الجمعة.

والرجل المصاب يبلغ من العمر 60 عاما وهو مدخن شره، ويعمل في الميناء في بلدة الشهر في محافظة حضرموت، حيث يعتقد أنه أصيب بالفيروس من البحارة الأجانب. ويتم علاجه في المستشفى وقامت السلطات بإغلاق البلدة وأرسلت جنودا لإبقاء الناس في بيوتهم.

وجاء وقف إطلاق النار السعودي بعد خمس سنوات من شن السعودية وعدد من حلفائها العرب تدخلا عسكريا في اليمن لمحاولة ثني الحوثيين المتحالفين مع إيران، الخصم الإقليمي للسعودية. وكان الحوثيون قد اجتاحوا العاصمة اليمنية صنعاء وجعلوا الحكومة تفر إلى المنفى.

ويقول المحللون إن لدى السعودية أسبابا كثيرة الآن للبحث عن طريق للخروج من هذا الوضع. فقد كانت تكاليف الحرب كبيرة وفي وقت يحاول فيه الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الدفع بجهود مكلفة لتنويع [موارد دخل] الاقتصاد السعودي.

كما تراجع الطلب على النفط مؤخرا بسبب فيروس كورونا، وحرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا فاقمت من الضغوط المالية، حيث تراجع سعر النفط إلى أقل من نصف ما تحتاجه المملكة أن يكون لتستطيع موازنة الميزانية العامة.

ولطالما كان هناك شجب دولي للسعودية لمشاركتها في حالة الانهيار في الأوضاع الإنسانية في اليمن، ومن المتوقع أن تزيد هذه الانتقادات إن بدأ العديد من اليمنيين يموتون بسبب كوفيد-19.

ولكن السعودية قد تكون عالقة مع عدو يفضل أن تبقى جذوة الحرب مشتعلة. فخلال ساعات من بداية الهدنة ظهر الخميس، كانت هناك تقارير حول خروق لها.

وكان السعوديون قد أخبروا الحوثيين بأن إعلان وقف إطلاق النار كان قادما، بحسب دبلوماسي مطلع على الرسائل المتبادلة. ولكن لا تزال قيادة الحوثيين لم تصدر ردا على المبادرة.

واعتبر محمد البخيتي، زعيم حوثي كبير، في مكالمة هاتفية الإعلان السعودي بأنه "استمرار في الحرب أكثر منه وقفا لإطلاق النار".

 وقال: "السعودية تحشد قواتها الجوية والبحرية والقوات المسلحة للاستمرار في محاصرة اليمن، وهو ما له أثر أكبر من الاستمرار في الغارات الجوية".

وأطلق مسؤول حوثي كبير آخر، محمد علي الحوثي مقترح السلام الصادر عن الحوثيين. وتضمن المقترح، من بين أمور أخرى، إنهاء الحصار الذي تفرضه السعودية وإعادة فتح المطارات اليمنية، والتزامات مالية سعودية طويلة الأمد لإعادة بناء اليمن ومفاوضات مباشرة بين الحوثيين والسعوديين حول مستقبل اليمن السياسي – دون ذكر مباشر للحكومة اليمنية.

وتعكس هذه المطالب بأنه بعد الصمود في وجه أثرى الدول العربية والسيطرة على العاصمة اليمنية لمدة خمس سنوات، فإن الحوثيين ليسوا في مزاج تقديم تنازلات، بحسب المحللين.

وقال عبد الغني الارياني، الباحث الكبير في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: "إن السعوديين يحاولون التهرب من الصراع والحوثيون يمسكون بهم من الرقبة".

ويقوي الموقف الحوثي المكاسب العسكرية التي حققوها في الأشهر الأخيرة ضد حلفاء المملكة في محافظات رئيسية وسط اليمن.


وقال الارياني عن الحوثيين: "الشيء الوحيد الذي يجيدونه هو القتال.. ولن يتخلوا عن الوضع المريح هذا بدون اتفاقية شاملة".

وأثار محللون آخرون قضايا أخرى يمكنها أن تؤثر على نجاح وقف إطلاق النار السعودي. أحدها هو أنه غير المعروف بعد من غير السعودية سيلتزم به.

وقالت ابريل لونغلي الي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "إنه من جانب واحد، ولذلك ليس من الواضح ما هو رد الفعل الحوثي ولا مدى تقبل الأطراف اليمنية التي تقاتل الحوثيين على الأرض لذلك.. فهل اليمنيون الآخرون مع ذلك [وقف اطلاق النار]؟".


وقال عدد من القيادات في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا يوم الخميس بأنهم يدعمون وقف إطلاق النار، كما أن هناك تقارير بأن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي دعا القوات الموالية إلى التوقف عن القتال. ولكن هادي وكثير من وزرائه في المنفى في السعودية ولديهم القليل من السيطرة على المقاتلين على الأرض في اليمن.

وإن قررت الأطراف المتقاتلة أن تبدأ بالتفاوض والتي ستتم عبر الهاتف والانترنت فقد هيأت الأمم المتحدة الأرضية لذلك من خلال أشهر طويلة من الحوارات مع كلا الطرفين. ولكن ما إذا كانا سيشاركان فإن الأمر غير واضح.

وقالت الي: "إن تطبيق وقف إطلاق للنار ليس مسألة بسيطة، وأول اختبار لذلك سيكون إذا ما حضرت الأطراف لهذا اللقاء الافتراضي".

وحتى لو فعلوا فإنه من غير المتوقع أن يدوم وقف إطلاق النار ما لم يرتبط بعملية أكبر تعالج قضايا كثيرة أبقت اليمنيين في حالة حرب.

وقالت الي: "بدون عملية سياسية تدعم وقف إطلاق النار، وبدون مخرج وبدون إجراءات بناء ثقة اقتصادية وإنسانية ملموسة لا يمكن لوقف إطلاق النار أن يستمر".

المصدر: عربي21