كورونا

حرب ومجاعة وكورونا أيضاً.. اليمن “غير السعيد” ينتظر ما هو أصعب بعد وصول الوباء إليه

كآخر دولة عربية يصلها الوباء القاتل، سجل اليمن أول إصابة بفيروس كورونا المستجد على أراضيه الجمعة 10 نيسان/إبريل 2020، في محافظة حضرموت جنوباً، الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، بحسب ما أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمواجهة وباء “كوفيد- 19”.

اليمن الذي يعاني بالأصل، من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بسبب الحرب المستمرة منذ 5 سنوات، بين الحكومة الشرعية المدعومة من قبل السعودية، وبين جماعة “أنصار الله” الحوثي المدعومة من إيران، لم يكن ينقصه إلا إعلان أول إصابة، حتى يتفشى فيها الوباء كالنار في الهشيم، بحسب ما تحذر المنظمات الإغاثية والإنسانية.

حرب ومجاعة، وكوليرا وكورونا أيضاً

لا يمكن لليمن الحصول على المساعدات الإنسانية والطبية بسبب الحصار الذي فرضه التحالف، وأدت الحرب الدائرة منذ خمسة أعوام لأكبر كارثة إنسانية في العالم إذ يحتاج نسبة 80% من سكان اليمن للمساعدات الإنسانية، وتقف نسبة ثلثي البلاد خطوة واحدة بعيداً عن المجاعة.

وبسبب الحرب، شهد اليمن اندلاع موجات كوليرا كان يمكن منعها، مما يجعل سكانه عرضة لفيروس كورونا. وقالت منظمة أوكسفام البريطانية في بيان الشهر الماضي، إن هناك 50 حالة كوليرا تظهر كل ساعة، كل هذا بسبب عدم توفر مياه الشرب الصحية، وفي هذه الظروف يمكن لفيروس كورونا الانتشار بسرعة.

وبحسب إحصاءات منظمات حقوقية، فخلال خمس سنوات من الحرب، قصف التحالف السعودي المستشفيات والعيادات 83 مرة، وقتلت غاراته عشرات المدنيين، وتقول منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، إن اليمنيين عرضة للخطر أكثر من الآخرين بالمنطقة. ووثقت المنظمة، الدمار الذي أصاب القطاع الطبي. ويقول العاملون الطبيون إنهم لا يملكون المعدات لمعالجة الجرحى ومرضى الكوليرا وفقر التغذية حتى يكونوا في وضع لمكافحة فيروس كورونا.

يقول مسعفون على الأرض في اليمن، لصحيفة الإندبندنت إنهم لا يملكون الإمدادات الطبية لعلاج المصابين بنيران الحرب، أو أولئك المصابين بسوء التغذية أو الكوليرا، أو حتى المصابين المحتملين بفيروس كورونا.

تقول أشواق محرم، وهي طبيبة لا تزال تحارب المجاعة منذ سنوات في مدينة الحديدة المحاصرة: “ليس لدينا معدات إضافية مثل معدات الحماية، ولا مواد متوفرة مثل أجهزة التنفس في حال انتشار الوباء”.

تضيف محرم: “ليس لدينا مكان للعزل والحجر الصحي، بالكاد يستطيع الناس تناول الطعام، لا تتوفر أي مصادر كاملة من المياه النظيفة، ومع تسجيل حالة واحدة من فيروس كورونا هنا، فسوف يصبح وباءً على الفور”.

ربما هدأ الرصاص، لكن الكورونا لن يهدأ

وكان التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن أعلن مساء الأربعاء، عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد في اليمن، في خطوة قالت السعودية إنّها تسمح بتركيز الجهود على الاستعداد لمواجهة كوفيد- 19. لكن الحوثيين اعتبروا هذه الخطوة، مناورة سياسية وإعلامية متهمين التحالف بقيادة الرياض بمواصلة العمليات العسكرية.

لكن بعد بدء سريان وقف إطلاق النار المعلن من جانب التحالف، تبادلت كل من الحكومة اليمنية والحوثيين، الاتهامات بخرق الإعلان، إذ قال المركز الإعلامي للجيش اليمني الوطني، مساء الخميس إن جماعة الحوثي خرقت وقف إطلاق النار واستهدفت مواقع الجيش في جبهتي المشجح وهيلان غربي محافظة مأرب بأربعة صواريخ.  وأضاف أن “مسلحي الجماعة يواصلون حشد التعزيزات إلى هذه المناطق”.

من جانبه، قال ربيع القرشي المتحدث باسم الجيش اليمني بمحافظة الجوف في تغريدة عبر حسابه على موقع تويتر، مساء الخميس، إنه مع إعلان الهدنة، شنت قوات الحوثي عدة هجمات على معسكر الخنجر في المحافظة، وما زالت المواجهات مستمرة.

وفي المقابل، قال يحيى سريع، المتحدث العسكري لجماعة الحوثيين، إن ما وصفها بقوى العدوان (القوات الحكومية المسنودة من التحالف) شنت أكثر من خمس عمليات زحف على كل من مديرية حرض بمحافظة حجة، ومناطق أخرى محاذية للحدود السعودية. وأضاف أن “محاولات العدو لا زالت مستمرة منذ الفجر حتى مساء الخميس بغطاء جوي بأكثر من 10 غارات”. وتابع “قواتنا لديها الجاهزية التامة لمواجهة أي تصعيد على مختلف الجبهات، وأن مصير أي تصعيد هو الفشل والهزيمة”.

وقف إطلاق النار.. الآن

وكانت الولايات المتحدة قد دعت الحوثيين الخميس، إلى الاستجابة بالمثل لوقف إطلاق النار الذي أعلنته السعودية. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان إن “الإعلان ردٌّ بناء على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للأطراف للتركيز على مكافحة جائحة كوفيد-19”. وأضاف “نحض الحوثيين على الاستجابة بالمثل لمبادرة التحالف” العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، مشيداً بالملك سلمان وولي عهده الأمير محمد. 

وأشاد بومبيو بدعوة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث إلى مفاوضات عاجلة بين الطرفين، ودعا وزير الخارجية الأميركي “كل الأطراف إلى التعاون الكامل مع جهوده”، لتركيز الجهود لمواجهة وباء كورونا، في البلد العربي الأفقر، في شبه الجزيرة العربية.

ومع عدم ثبوت وقف إطلاق النار حتى اللحظة، تواجه البلاد احتمالات كارثية مع تسجيل أول إصابة فيها، ولن تستطيع أي جهة دولية تقديم أي مساعدات طبية أو إنسانية لمواجهة كورونا إلا في حال وقف إطلاق النار، ويقول وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي في بيان مقتضب نشر الجمعة، إنه يجب على الجميع الآن الالتزام بوقف إطلاق النار، لأنه أصبح “ضرورة لا تحتمل التأخير” بعد تسجيل أول إصابة بكورونا في البلاد، مضيفاً: “لن ينسى التاريخ ولا الشعب اليمني من فرط به بمبادرة وقف إطلاق النار”.

المصدر: عربي بوست