لا يُصنَّف هؤلاء من العاملين في خطوط المواجهة الأولى مع الفيروس الجديد الذي اجتاح مساحات شاسعة من كوكبنا، بالتالي لا تحيّة لهم. هؤلاء ليسوا أطباء ولا ممرّضين ولا مسعفين ولا عاملي نظافة (وتطول القائمة)، غير أنّهم لم يتخلّفوا يوماً عن عملهم. هم عمّال كادحون يضطرون إلى الخروج من بيوتهم في كلّ يوم، وهدفهم تأمين عيشهم وعيش أسرهم المعدمة في غالب الأحيان.
وهؤلاء الكادحون يخالفون في أوقات كثيرة حظر التجوّل المفروض أو حالة الطوارئ وما إليهما، كلّ بحسب الإجراءات المطبّقة في بلده والآيلة كلّها إلى الحدّ من تفشّي فيروس كورونا. بالنسبة إليهم، الوباء العالمي أكثر رحمة من الفقر والجوع، بالتالي لا يتوانون عن خرق التدابير الاحترازية المفروضة. في حال لم يعملوا، فإنّ الجوع قد يقتلهم أو يقضي على أفراد من عائلاتهم. من هنا، لا بدّ من تحدّي المرض الجديد والمضيّ قدماً في حياة لم يختاروها... هي حياة وجدوا أنفسهم متورّطين فيها ولا مفرّ من ذلك.
ربّما كان فيروس كورونا يخيفهم، شأنهم شأن كثيرين يتوزّعون في بقاع مختلفة من المعمورة، إلا أنّهم يتعالون على فزعهم وكذلك قلقهم. ثمّة ما هو أهمّ من ذلك. إنّها لقمة العيش، وإن كانت مغمّسة بالعرق والقهر والألم. المهمّ توفيرها والباقي مجرّد تفاصيل.