إيران واليمن

ما دلالة دعم طهران لاتفاق إطلاق النار في اليمن؟

أعلنت إيران دعمها جهود الأمم المتحدة الرامية إلى وقف إطلاق النار في اليمن، والتي دخلت عامها السادس، والمستمرة حتى اليوم، برغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، خاصة بعد تأكيد إصابة أول حالة بفيروس كورونا في حضرموت.

 

جاء هذا بعد إعلان التحالف العربي وقف إطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين، وترحيب الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي بذلك، والذي أعقبه اتهامات متبادلة بين السلطة والسعودية والحوثيين بشأن خروقات الهدنة. 

 

تحاول الأمم المتحدة الضغط وبشدة هذه المرة لوقف الحرب في البلاد، فقد أجرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اتصالا هاتفيا مع  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أكد فيه الأخير أنه لا يمكن حل الأزمة في اليمن عسكريا.

 

وسبق أن قدمت إيران مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن، تضمنت الوقف الفوري لإطلاق النار، والبدء في خطة للمساعدات الإنسانية، والشروع في حوار يمني يفضي إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة موسعة لإنهاء الصراع.

 

وحتى اليوم يتهم الجيش اليمني الحوثيين بارتكاب أكثر من 242 اعتداء على المدنيين ومواقع القوات في مختلف الجبهات، منذ بدء الهدنة.

 

استغلال المعطيات

 

في قراءته لموقف إيران، يقول الإعلامي عبد الكريم الخياطي إن تلك الدولة تجيد التموضع واللعب في المفاوضات، وتستغل المعطيات لصالحها أولا، وعبر أدواتها في المنطقة ومنها الحوثيون.

 

وفي تفسره لكيفية حدوث ذلك، أوضح لـ"الموقع بوست" أن إيران تطالب العالم بإنهاء الحصار المفروض عليها وتستغل جائحة انتشار فيروس كورونا، فمن ناحية هي تضررت كثيرا من الفيروس ومن ناحية ثانية تضرر الكثير من الوافدين إليها، وغالبيتهم ينتمون لجماعات موالية كالحوثيين، ومن جهة أخرى فهي تريد إيصال رسائل للمجتمع الدولي عن أهمية إيقاف أشياء كثيرة كالحصار عليها والحرب في اليمن بسبب الجائحة ولمقاومتها.

 

وتخشى إيران حاليا أن تتحمل جماعة الحوثي عبء انتشار متوقع لكورونا في كثير من مناطق سيطرتها، وهذا سيحتم عليها تقديم مساعدات لأصدقائها الذين تزعم، وهو أمر ليس في طاقتها الآن، وفق الخياطي.

 

وأردف "الحوثيون من جهتهم يلعبون بنفس طريقة إيران ويريدون مقابلا لإيقاف الحرب، استغلالا لانشغال السعودية والشرعية بالمرض وتوابعه الاقتصادية والصحية، ويريدون أن تتحمل أيضا الرياض جزءا كبيرا مع السلطة لمواجهة الفيروس في المناطق الشمالية"، مستطردا "الأمر إنسانيا جيد إن التزم به الجميع، لكن المعضلة تكمن في العقلية الحوثية ومنطق طهران في استغلال حلفائهم".

 

تحسين الصورة

 

ويبدو الأمر بالنسبة للإعلامي عبد الرقيب الأبارة بأن إعلان طهران دعمها للجهود الأممية مجرد إعلان للاستهلاك الاعلامي، مؤكدا عدم جديتها في دعم أي جهود، ورغبتها فقط في استغلال ذلك لتحسين صورة الحوثيين الملطخة بخرقهم لهدن كثيرة سابقة.

 

وذكر لـ"الموقع بوست" أنه بعد ساعات فقط عمدت المليشيات لاختراق الهدنة بإطلاقها صواريخ باليستية على مأرب، وهذا ما يعزز عدم رغبتها لوقف الحرب، خاصة أنها اتهمت الحكومة بذلك.

 

أما دعوات الحوثي لوقف الحرب، يؤكد الأبارة أنها سعي من قبلهم يهدف إلى استغلال الوضع الذي يعيشه العالم بسبب كورنا، وهي محاولة للهروب من التزاماتها الدولية بخصوص تنفيذ المرجعيات الثلاث.

 

هل ستتوقف الحرب؟

 

بناء على تفاعل إيران مع محاولات إيقاف الحرب في اليمن، ومبادرة الحوثيين الموجهة للسعودية التي شملت ثلاثة نقاط هي: إنهاء الحرب، ووقف إطلاق النار، وإنهاء الحصار والتدابير والمعالجات الاقتصادية والإنسانية، والعملٌية السياسية الشاملة.

 

يتوقع الإعلامي الخياطي أنه في حالة لم يتم الاستجابة لشروطها الخاصة بها، فلن يوقف الحوثيون الحرب حتى وإن تم تقديم مساعدات في البلاد، فالمسألة تتعلق بمصالحها أولا.

 

ورأى أن على الحوثيين أن يقدموا تنازلات حقيقية، وليس الاستباق بتقديم مبادرات غير واقعية انتهازية استغلالا لوضع انساني، مضيفا "مبادرتهم الأخيرة يريدون من خلالها اعترافا ضمنيا بهم  كدولة، وهذا أمر لا يقبله اليمنيون".

 

من جهته، يعتقد الإعلامي الأبارة أن الحوثيين غير صادقين في التعاون مع أي جهود دولية للالتزام بهدنة، لذلك ليس من المعقول أن يبدوا قبولا للالتزام بوقف الحرب إلا في حالة القبول بهم كسلطة أمر واقع في صنعاء، وهذا الذي لن يحدث ولن تقبل به الحكومة الشرعية.

 

وأضاف "إعلانهم عن مبادرة لإنهاء الحرب، تعزز سيطرتها، وتنهي أي وجود للشرعية".

 

يُذكر أن الحوثيين أطلقوا مبادرة أواخر العام 2019، موجهة إلى المملكة العربية السعودية تهدف إلى إيقاف شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة عليها، قوبلت بترحيب سعودي.