سيول في صنعاء

صنعاء… في الليلة التي جرفت فيها السيول كل شيء (شاهد)

عبدالواحد السماعي

أحدثت السيول الغزيرة التي شهدتها العاصمة صنعاء، أمس الاثنين، أضراراً بالغة في الممتلكات العامة والخاصة.
وجرفت تلك السيول غير المسبوقة منازل وسيارات وبسطات في المناطق الواقعة شرق وجنوب العاصمة صنعاء، ابتداءً من جولة الحثيلي وشارع خولان حتى شارع تعز وحي شميلة.

السيول تغرق منازل المواطنيين في صنعاء


وحولت مياه الأمطار الكثير من أحياء العاصمة صنعاء، إلى برك مائية كبيرة جراء ارتفاع منسوب المياه من السيول المتدفقة من ضواحي العاصمة صنعاء، خصوصاً مديريات خولان ووادي الأجبار، إذ تضررت على إثرها العديد من منازل المواطنين القاطنين في أحياء القادسية والجرداء وشميلة والخفجي وشارع خولان وشارع بينون وسوق الخليج.
وذكر المواطن يوسف الجعدي، من محافظة ريمة، وهو أحد المتضررين، ويسكن في حي الخفجي، أنهم تفاجأوا بوصول كمية كبيرة من السيول القادمة من وادي الأجبار، حيث ارتفع منسوب المياه بشكل تدريجي، حتى امتلأت الشوارع، وفاضت إلى داخل منازل المواطنين. مضيفاً: “لقد حاولت إخراج زوجتي وأولادي بصعوبة من منزلي ، إلى أحد البيوت المجاورة”.

محل تجاري بعد أن تعرض لاضرار جراء السيول


وغمرت مياه السيول منزل الجعدي، وفق ما وثقته عدسة “المشاهد”.
الحاج محمد مسعد الذي يمتلك منزلاً متواضعاً مكوناً من غرفتين وحمام ومطبخ، وجده مراسل “المشاهد” خارج المنزل، متكئاً في أحد أركان منزله الممتلئ بالمياه، وعلى وجهه علامات الحزن والأسى لما حدث له ولمنزله وأسرته.
عدسة “المشاهد” وثقت بقايا الأثاث وأدوات المطبخ المتواضعة التي حاول حمايتها من السيول، وتجميعها في غرفة واحدة، وإغلاق الباب عليها، ولكن محاولته باءت بالفشل، فمنسوب المياه ارتفع متراً ونصف المتر من مستوى سطح الأرض، وأغرق الغرفة المغلقة من الخارج عبر النافدة المطلة على الشارع.
وتتساءل أم يوسف، وهي صاحبة دكان صغير في حي شميلة، قائلة: “هل سيعطوننا تعويضاً؟”.
دكان أم يوسف المتواضع، غمرته المياه بالكامل. تنظر بعين منكسرة إلى أشيائها الغارقة، ثم تحاول الإمساك بما تبقى من علب الفول وبواكت الحلوى، وهي تقول: “ضاع كل ما أملك”.

منزل يتعرض للخراب نتيجة السيول في صنعاء – المشاهد


في الناحية المقابلة لدكان أم يوسف، تعيش عائلة محمود صبيح، في دكان لا يتجاوز 3 في 3 أمتار، لكن مياه السيول غمرته.
محمود الذي نزح من محافظة الحديدة جراء الصراع الدائر هناك منذ عدة سنوات، ضاعفت السيول همومه ومشاكله. يقول: “من أمس الليل حتى الآن وأنا أقف بجانب زوجتي وأولادي على أرضية مغمورة بالمياه، نحاول إخراج المياه من داخل الدكان”.

يحاولون إخراج المياه من المنزل – المشاهد


المحزن هو تحول كيس الدقيق الذي حصلوا عليه من إحدى منظمات الإغاثة، قبل يومين، إلى عجين.
ليلة مأساوية عاشتها العديد من الأحياء الواقعة جنوب وشرق العاصمة صنعاء، فالجميع هناك متضرر، والسيول لم تستثنِ أحداً، لا غنياً ولا فقيراً، لا صاحب المنزل الفخم ولا الساكنين في الدكاكين المتواضعة.
وما زاد من المأساة هو سوء البنية التحتية للأحياء المتضررة، حيث إن هذه الأحياء والحارات مازالت شوارعها ترابية بدون إسفلت، بالإضافة إلى كونها تقع في مجاري السيول القادمة من الجبال القريبة منها.
يقول خطيب جامع الخفجي، عبدالواحد الفراص، وهو أيضاً صاحب ورشة نجارة: “طوال الليل ونحن نقوم بشفط مياه السيول من داخل الورشة، أكثر من 10 مواطير شفط، وماتزال الورشة ممتلئة بالمياه”.
ويضيف: “كان لدي بعض الأغنام في حوش البيت، لقد جرفتها السيول أيضاً”.

اغلقت مياه سيول الأمطار شوارع صنعاء – المشاهد


وبحسب إفادة سكان محليين، فقد هرعت، ليلة أمس، بعض فرق الإنقاذ من وزارة الزراعة ووزارة الصحة، بمولدات كبيرة، وقامت بسحب المياه من البدرومات الممتلئة، ولكن فرق الإنقاذ مقارنة بالبيوت المتضررة قليلة جداً.
ونفى المهندس علي مهدي القيري، مدير مكتب الزراعة والري بصنعاء، صحة الأخبار التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص انهيار سد في خولان. وقال إن هذه السيول جراء الأمطار الغزيرة التي استمرت لساعات على مديريات خولان ووادي الأجبار.
وحتى ساعة كتابة التقرير، لم يتم حصر المنازل المتضررة والممتلكات الأخرى للمتضررين، وماتزال صنعاء تمطر في أوقات متفرقة، مع تدفق السيول، لكنها أقل مما كان في الأمس.