لم تكن تتوقع أسرة الأربعيني اليمني منصور سيف أن يأتي يوم ترفض أغلب مستشفيات مدينة عدن (جنوب البلاد) استقباله للعلاج تخوفا من إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وتُرك الرجل يواجه لحظات الموت الأخيرة على أبواب المشفى بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة إصابته بأزمة في التنفس، إضافة لمعاناته من أمراض أخرى بينها الملاريا والمكرفس (الشيكونغونيا) والربو تلازمه منه منذ طفولته.
الطفله ريم_عبدالحكيم_السعدي تعاني من تضخم في القلب والمستشفيات رفضت حالتها وتاركينها تواجهه الموت مثلها مثل جواهر وغيرها من الاطفال ، اطفالنا مابيموتوا ب سبب الخلافات الي بين الشرعيه و الانتقالي اتركوا الخلافات الان وانقذوا اطفالنا من الارهاب الي يصير في مستشفيات عدن pic.twitter.com/cwBfFUqEQs
— مطنوخ (@123foq) April 11, 2020
تشرح أمة الرحمن عارف، وهي إحدى قريباته، تفاصيل الحادثة قائلة للجزيرة نت إن أسرته قامت بإسعافه على نفقتها الخاصة والذهاب به إلى المستشفى الألماني لكنهم رفضوا استقباله، وأجبروا على عرضه على مستشفيات خاصة أخرى بالمدينة بينها مستشفى الجمهورية.
التهمة كورونا
تتابع أمة الرحمن "نقلناه إلى مستشفى الجمهورية حيث تبين أنه ليس لديهم فحص لكورونا، فأخذناه إلى مركز الحجر الصحي لإجراء الفحص الذي كان سلبيا وأنه يعاني من التهاب رئوي حاد، فأعدناه إلى المستشفى الألماني وعرضنا عليهم نتيجة الاختبار لكنهم رفضوا استقباله مرة أخرى".ورغم استجداء أحد أولاد منصور لمشرفي المستشفيات وعرض جميع أملاكهم لقاء إسعاف والده، لم يأبه أحد بأي نداء للرحمة. ولم ينتظر المريض طويلا حتى فارق الحياة بعد أن تضاعفت أزمة التنفس لديه.
ولم يكن منصور الحالة الوحيدة التي توفيت بسبب رفض مستشفيات عدن استقبالها للعلاج، لكن سجلت أكثر من خمس حالات أخرى خلال أقل من شهر.
وتحدثت الجزيرة نت مع أقرباء لهؤلاء الضحايا، بينهم طفلتان مصابتان بمرض الربو، جواهر عبد الله (أربعة أعوام ) وهناء هاشم (سبعة أعوام) وأيضا الطفل يونس اليافعي الذي كان يعاني من حمى شديدة.
كما تركت إحدى النساء وهي حامل تواجه الموت في شهرها الثامن بسبب أزمة تنفس ألمت بها والاشتباه بإصابتها بكورونا.
وتواصلت الجزيرة نت ببعض مسؤولي مستشفيات عدن التي رفضت استقبال الحالات، والذي طلبوا عدم ذكر أسمائهم. وبرروا الرفض بعدم توفر وسائل الوقاية لفحص الحالات التي لديها أعراض مشابهة لحالات الإصابة بكورونا.
ويؤكد أطباء في عدن أن الوضع مأساوي حيث لا توفر المستشفيات أقل الإمكانيات الإسعافية للمرضى أو إجراء الفحوصات، إضافة إلى مشكلة عدم تدريب الكادر الطبي للتعامل مع الحالات المشتبهة. علما بأنه أعلن رسميا عن تسجيل حالة إصابة واحدة فقط في عموم البلاد حتى الآن.
موقف السلطات
ووجه مكتب الصحة في عدن تعميما إلى جميع مديري المستشفيات الحكومية والأهلية بالمدينة يطلب منهم استقبال جميع الحالات المرضية التي تصلهم دون استثناء والتعامل معها بشكل إنساني وأخلاقي، تجنبا للحالات المتكررة مؤخرا.
باي ذنب قتلت...؟!!!!!!!!
— الاستاذ سالم صالح (@ZtoXrAXkUQ4lhAp) March 29, 2020
هذه الطفلة البريئة ماتت وهي في باص جدهاينقلها من مستشفى الى آخر.وهي تعاني من ضيق في التنفس منذ عام ولديها ملف علاج. رفضت جميع مستشفيات عدن الحكومية والخاصة من قبولها ، كي يسجلوا سبق الرصدلاول حالة كورونا. وكانت الضحية. فهذه جريمة قتل ،فهل من عقاب للقتلة؟ pic.twitter.com/KfhgF0kRa0
وحمّل مكتب الصحة إدارة المستشفيات المسؤولية الكاملة عن أي تقصير قد يحدث بهذا الخصوص، مؤكدا أن أي إهمال أو رفض لاستقبال المرضى وعدم تقديم الرعاية لهم -أو إبلاغ هيئة الرصد الوبائي بالحالات المشتبه بها- قد يعرض إدارة المستشفيات للمساءلة القانونية.
وفي ذات السياق، أفاد مصدر مسؤول في وزارة الصحة للجزيرة نت أن هناك فوضى في عدن ونوعا من المزاجية التي تدار بها جميع مؤسسات الدولة، بما فيها منشآت القطاع الصحي.
وثيقة رسمية حصلت عليها استقبال جميع الحالات المرضية الجزيرة نت (الجزيرة) |
وأقر المسؤول الحكومي -في حديثه للجزيرة نت- بوجود بعض حالات الوفاة التي علمت وزارة الصحة بأن سببها يعود لرفض استقبالها في المستشفيات.
كما وصف الوضع بأنه خارج عن سيطرة السلطات المحلية بالمدينة والتي تعمل بصعوبة، في ظل سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات عليها.
ولن تحل هذه المشكلة والاختلالات العشوائية بالقطاع الصحي -حسب المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- إلا بوجود دولة قوية على الأرض تفرض حضورها وسلطاتها على الجميع.
المصدر : الجزيرة