الانتقالي الجنوبي

الانتقالي يتجاهل الرد "رسمياً" على بيان التحالف.. قياداته تواصل تحركاتها وتصريحاتها المستفزة!

على الرغم من توالي البيانات والمواقف الرافضة والمنددة بإعلان المجلس الانتقالي "الادارة الذاتية للجنوب"، الصادرة عن العواصم الخليجية والعربية والأجنبية والمنظمات الإقليمية والدولية، إلا أن المجلس المدعوم إماراتياً مُصرّ، كما يبدو، على موقفه وإعلانه، وبالرغم من أن الخطوات التالية غير واضحة، حتى بالنسبة لقيادة المجلس ذاتها.

‏يظهر ذلك بوضوح من خلال مواقف وتصريحات قياداته العليا وقيادات فروعه الرئيسية، والإجراءات السياسية والعسكرية التي نفذها على مدى اليومين الماضيين في العاصمة المؤقتة عدن وبعض المحافظات. 

‏ولم يصدر عن الانتقالي أي موقف رسمي بعد بيان التحالف العربي الصادر في ساعات مبكرة يوم الاثنين، وحتى وقت مبكر من صباح الأربعاء.

‏كان التحالف قد وصف إعلان المجلس الانتقالي، مطلع الاسبوع، حالة الطوارئ العامة، و ما أسماه "الإدارة الذاتية للجنوب"، بـ"المستغرب" مطالباً بعودة الأوضاع إلى سابق عهدها في العاصمة المؤقتة عدن. 

‏وشدد بيان التحالف العربي "وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.. على ضرورة إلغاء أي خطوة تخالف اتفاق الرياض والعمل على التعجيل بتنفيذه.. ووقف أي نشاطات أو تحركات تصعيدية.. والعودة لاستكمال تنفيذ الاتفاق فوراً ودون تأخير".

وقابل الانتقالي مطالب التحالف والدعوات الإقليمية والدولية، بمزيد من الإصرار والتأكيد على أنه لن يتراجع عن ما اسماه "مصلحة شعبه، وتوفير الأمن والاستقرار". بدا هذا الموقف واضحاً في تغريدة المتحدث الرسمي للمجلس نزار هيثم.

وصف نزار هيثم المواقف الرافضة لتمردهم بالصفعات التي تتوالى على من "أراد التآمر على جنوبنا الحبيب" وقال في تغريدته : "يكفي أن نرى ردود الأفعال العربية والدولية واستمرارها بالضغط على ما تسمى الشرعية بتنفيذ اتفاق الرياض فورا وإيجاد حل سياسي يضمن للجنوب حقوقه كاملة".

وأضاف هيثم مؤكداً على مضي المجلس في تمرده بالقول في التغريدة ذاتها إن "مصلحة شعبنا وتوفير الأمن والاستقرار لأرضنا هو قرارنا ولن نتراجع عنه".

هاني بن بريك نائب رئيس الانتقالي والأكثر قرباً من الإمارات –يقيم فيها حالياً- هو الآخر لم يذهب بعيداً عن موقف الانتقالي المصر على المضي في التمرد، معيداً تغريد تغريدة سابقة نشرها بعد دقائق من إصدار بيان التمرد على اتفاق الرياض.

قال بن بريك في تغريدته "أكدنا بعد صدور بيان الانتقالي مباشرة على تنفيذ اتفاق الرياض وشددنا في ذلك، والذي سيضع الكل في مواجهة الحوثي وتحسين خدمة الشعب"، وأضاف "هذا ما لا يمكن تنفذه الشرعية؛ فإنها تعيش وتقتات على إطالة الحرب وعرقلة خدمة الشعب".

وعزز بن بريك ما أكده هيثم في مضي المجلس في تنفيذ أعلنه "الإدارة الذاتية " وعدم إصدار بيان تراجع، قال ذلك ضمنياً في تغريدته ذاتها واشار الى خيارين إما "الجدية في تنفيذ اتفاق الرياض، أو، فاتركوا الشعب يواصل نزع حقوقه".

ولاحقاً صَعّد من لهجته ضد التحالف وقال في تعليق له على صحافي " إن "الطائرات لا تحسم معركة"، وإنه "لولا القوات الجنوبية لما استطاع التحالف أن يحرر شبراً من الأرض".

رئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي في محافظة الضالع، كان أكثر وضوحاً في إصرار المجلس على إعلانه والبدء في تنفيذه على أرض الواقع، حيث تراس العميد عبدالله مهدي سعيد، اجتماعاً للهيئة التنفيذية للمحلية للمجلس في الضالع، يوم الإثنين، وبحضور قيادات في السلطة المحلية بالمحافظة، قال مهدي :"القرار تم اتخاذه ولا رجعة عنه وأمامنا مسؤولية كبيرة لتنفيذه على الوجه المطلوب، ومستعدين لأسوأ الاحتمالات، فنحن اليوم أمام أعداء كثر من عدة اتجاهات وعلينا واجب تحمل المسؤولية أمام أبناء شعبنا" حسب ما ورد في الموقع الرسمي للانتقالي على الإنترنت.

وتتزامن هذه التصريحات، بتحركات عسكرية على الأرض، فالقوات التابعة للمجلس تواصل انتشارها بشكل كبير في معظم مديريات عدن وزنجبار في ابين، ولحج.

الى ذلك، بدأت القيادات المحلية للانتقالي في لحج وعدن وابين عقد اجتماعات وزيارة المؤسسات الخدمية وإطلاق وعود بمعالجات لمشكلة الكهرباء ومخلفات السيول وإقرار مشاريع وخطط في هذا الاتجاه.

كما أن فروع المجلس في المكلا وسقطرى خرجت بمسيرات تؤيد قرار قيادة المجلس وتدعو الى عدم التراجع.

وفي وقت متأخر الأحد، ترأس أحمد بن بريك رئيس ما تسمى بـ"الجمعية الوطنية" اجتماعاً في ديوان محافظة عدن (مقر السلطة المحلية) قال موقع المجلس إنه اجتماع لمتابعة تنفيذ إعلان الإدارة الذاتية.

عُقد الاجتماع تحت صورة الرئيس عبدربه منصور هادي وصور قيادات المجلس التي تم إلصاقها بشكل عشوائي في قاعة الاجتماعات الرئيسية بديوان المحافظة، وشارك فيه وكيلا المحافظة المواليان للمجلس أحمد المفلحي ومحمد سعيد سالم.

ووفق الموقع الرسمي للمجلس، خرج الاجتماع بالتواصل مع نائب مدير البنك المركزي (خاضع إدارياً للحكومة وأمنياً للانتقالي)، والبحث عن الآلية المناسبة لصرف رواتب الموظفين في القطاعين المدني والعسكري، وآليات توريد الأموال من المؤسسات الإيرادية، وتشكيل لجنة رقابة ترفع تقارير يومية في هذا الشأن، إضافة إلى زيارات ميدانية للمؤسسات وإشراف مباشر على ادائها.

وسبق أن أعلن الانتقالي وفق موقع "إرم نيوز" الإماراتي المقرب من المخابرات صباح الأحد الماضي تنفيذه إقامة إدارة للحكم الذاتي في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وذلك بتسلم قواته مقر البنك المركزي في عدن من قوات تابعة للتحالف كانت تشرف على تأمينه، إضافة إلى تسلم ميناء عدن وباقي المرافق الحكومية وفق الموقع الإماراتي.

لكن مصدر محلي نفى لـ"المصدر أونلاين" هذه المزاعم، وقال إن البنك المركزي خاضع اصلاً لقوات الانتقالي ومعسكر عشرين، وما ينشر عن استلام وتسليم بينه وبين التحالف غير صحيح كون التحالف يشرف فقط إشراف على حماية البنك الذي تديره الحكومة رغم خضوعه امنياً لسيطرة الانتقالي هو وباقي مؤسسات الدولة منذ اغسطس 2019.

وتنتظر الحكومة اليمنية، التي باركت بيان التحالف العربي، اعلان المجلس الانتقالي "ودون تأخير الغاء بيانهم المتهور والرجوع لجاد الصواب وتنفيذ اتفاق الرياض والمصفوفة المزمنة التابعة له"، وفق ما جاء على لسان وزير الخارجية محمد الحضرمي في حساب الوزارة الموثقة بتويتر.

وقال الحضرمي في التغريدة ذاتها "ما لم فسيتحمل هو (الانتقالي) وداعميه (في إشارة للإمارات) مسؤولية ليس فقط تقويض اتفاق الرياض بل أيضا تقويض عملية السلام في اليمن".

وفي حال واصل الانتقالي إجراءاته وعدم إصدار بيان واضح وصريح بالتراجع عن تنفيذ إعلانه، فإن الكرة ستظل في ملعب السعودية الضامن والراعي الرئيسي لاتفاق الرياض، والحكومة التي –يبدو- إنها تعول وتنتظر موقف السعودي حازم يجنبها استئناف عملية عسكرية سبق وأن أوقفتها بعد قصف جوي إماراتي لقواتها أخر اغسطس 2019.