صنعاء

عماد حرب: قد لا نرى اليمن موحدا مجددا

في 25 أبريل/نيسان، بناء على أهداف طويلة الأمد، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، المدعوم من الإمارات، الحكم الذاتي في العاصمة المؤقتة عدن، ومناطق أخرى يسيطر عليها في جنوب اليمن.

ونددت حكومة الرئيس "عبدربه منصور هادي"، المعترف بها دوليا، بالخطوة، ووصفتها بأنها انقلاب، بينما ورد أن بعض المحافظات الموالية لـ"هادي" رفضت إعلان المجلس الانتقالي.

لكن لا ينبغي فهم هذه المعارضة على أنها تعجل بالانهيار الوشيك لحلم المجلس الانتقالي الجنوبي باستقلال الجنوب، ولا يجب أن تخفف من التأثير الخطير للإعلان.

وفي الواقع، يمهد إعلان المجلس الحكم الذاتي الطريق لتقسيم ثلاثي للبلاد بين المجلس الانتقالي في الجنوب، وحكومة "هادي" في بعض المحافظات، والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في الشمال، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

ويتكشف هذا التطور مع استمرار الحرب الأهلية واستمرار التدخل الخارجي، وكفاح الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس "هادي" للحفاظ على سيطرتها على البلاد.

ولا تبشر هذه الخطوة بالخير بالنسبة لليمن، فإذا سُمح لإعلان المجلس الجنوبي بالحصول على مزيد من الزخم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، فمن المرجح أن تتكرر الاشتباكات العسكرية بين الانفصاليين الجنوبيين وقوات "هادي"، بينما يحاول الحوثيون تحسين مواقعهم في ساحة المعركة.

وبالنظر إلى المشاكل الاقتصادية التي تجتاح السعودية، وحرص المملكة على وقف إطلاق النار مع الحوثيين والعلاقات الجيدة مع الإمارات، فقد تترك الرياض الكرة في ملعب المجلس الانتقالي، ما يسمح بالتقسيم الفعلي للبلاد.

افتراضات خاطئة حول اتفاق الرياض

وجاء قرار المجلس الانتقالي بإعلان الحكم الذاتي في الجنوب كنتيجة مباشرة لفشل اتفاق الرياض بوساطة سعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بين المجلس وحكومة "هادي".

وكان من المفترض أن يكون هذا الاتفاق هو الحل الوسط الضروري الذي من شأنه أن يمنع الحرب داخل الحرب حتى يستمر القتال ضد تمرد الحوثيين دون هوادة.

ومع ذلك، شاب الاتفاق التفاؤل المفرط والتوقعات التي لا أساس لها من الصحة. ويظهر فشل الاتفاق أن المسؤولين السعوديين الذين ترأسوا الوساطة ربما لم يفكروا في كل شيء.

أولا، توقع مهندسو الاتفاقية أن يتمكن "هادي" وحكومته من تثبيت أنفسهم بسرعة في عدن وضواحيها، وكذلك في المحافظات الأخرى التي يسيطر فيها جنود الحكومة.

لكن الواقع كان مختلفا. فقد كان الرئيس وحكومته بعيدين عن عدن، العاصمة المؤقتة المعلنة للبلاد، لفترة طويلة، حيث أقام "هادي" في الرياض وفقد الدعم بين مواطنيه.

وكانت سلطة "هادي" في عدن شبه معدومة، حيث واصل المجلس الانتقالي عرقلة عمليات حكومته في المدينة. وهكذا ينهي إعلان الحكم الذاتي كل الشك حول قدرة "هادي" على العودة.

ثانيا، تفترض اتفاقية الرياض أن المجلس الانتقالي الجنوبي على استعداد لإخضاع نفسه لمؤسسات الحكومة الموحدة بقيادة "هادي"، مثل وزارتي الدفاع والداخلية، التي تعمل تحت سلطتها جميع القوات العسكرية والاستخبارية والأمنية.

وكانت تلك حماقة. فمنذ تحرير عدن من سيطرة الحوثيين عام 2015، لم يخجل الانفصاليون الجنوبيون مثل "عيدروس الزبيدي" و"هاني بن بريك"، مؤسسا المجلس الانتقالي عام 2017، من الحديث عن جنوب اليمن المستقل وتعيين أنفسهم كممثلين عن المظالم والمطالب الجنوبية.

ومع وجود عشرات الآلاف من الجنود المسلحين والمدربين على يد الإماراتيين، لا ينبغي لأحد أن يفترض أنهم سيقبلون فقط لعب دور ثانوي في ظل "هادي" المدعوم من السعودية.

ثالثا، من المشكوك فيه أن تقبل الإمارات التخلي عن أي نفوذ كانت قد حصلت عليه من خلال دعم المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وجنوب اليمن.

ومن المؤكد أن اليمن بالنسبة للإمارات كان وسيبقى محطة أساسية في طريقها لممارسة السيطرة على الموانئ الاستراتيجية بين بحر العرب والبحر الأبيض المتوسط.

لهذا السبب، ساعدت الإمارات الانفصاليين الجنوبيين في محاولتهم لإنشاء دولة رديف تسيطر على عدن ومينائها البحري.

ولهذا السبب أيضا، أعرب الرئيس "هادي" عن تحفظات بشأن دور الإمارات في بلاده، ويقال إنه اتهم زعماء الإمارات بالعمل كمحتلين.

وكان اعتقاد القيادة السعودية أن اتفاقية الرياض بين "هادي" والمجلس الانتقالي الجنوبي ستنهي هذا المشروع الإماراتي في اليمن غير حكيم، وقصير النظر، وقصير العمر، ومصيري بالنسبة لليمن.

كيف تتصرف السعودية؟

وجاء إعلان المجلس الانفصالي للحكم الذاتي فيما تكافح السعودية لصياغة سياسة سليمة وفعالة تجاه اليمن. وخلال الشهر الماضي، أعلنت المملكة وقف إطلاق نار من جانب واحد لمدة أسبوعين مع الحوثيين، وتم تمديده لمدة أسبوعين آخرين، دون تلقي الكثير من الاعتبار من المتمردين.

ومن المؤكد أنه لا يبدو أن الحوثيين مهتمون بإنهاء العمليات العسكرية في أي وقت قريب. وبدلا من ذلك، فإنهم بالتأكيد يرون أن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي يساعد موقفهم، لأن لا الانفصاليين الجنوبيين ولا حكومة "هادي" يمكنهم الآن شن الكثير من المقاومة ضدهم.

ومع انسحاب الإمارات من المشاركة المباشرة في اليمن، باستثناء دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي، لا تجد السعودية لديها العديد من الخيارات في التعامل مع إعلان المجلس.

وفي محاولتها كبح جماح المجلس الانتقالي الجنوبي من خلال اتفاقية الرياض، لم تستقبل النتائج المرجوة. وفي الوقت نفسه، كان دعمها لـ"هادي" فاترا وغير فعال.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه الرياض صعوبات اقتصادية ناتجة عن انخفاض أسعار النفط وسط تباطؤ عالمي وانتقادات دولية حول سلوكها الحربي في اليمن.

لذلك، قد لا تكون قادرة على شن حملة فعالة للحفاظ على وحدة جارتها. وقد تجد السعودية أن دعوتها للعودة إلى اتفاق الرياض هو الخيار الأفضل في الوقت الحالي من أجل إعادة إطلاق تسوية سياسية داخل اليمن.

وفي هذه الأثناء، ستقف خطوة المجلس الانتقالي بإعلان الحكم الذاتي عائقا أمام هذه الجهود، ويتعرض اليمن لظروف لا مبرر لها ساهمت فيها القيادة السعودية بعدم الاعتراف بالمخاطر التي يشكلها الانفصاليون الجنوبيون على البلاد.

 

المصدر | عماد حرب - المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد