ترجمة: أبوبكر الفقيه- يمن شباب نت
قال موقع بريطاني إن تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وحفتر بليبيا لم يكن ممكناً لولا اليد الخفية للإمارات. لافتاً الى أن مسألة تحقيق الإماراتيون لأهدافهم في اليمن ستكون أصعب من ذلك في ليبيا.
ونشر موقع «Middle East Eye» مقالاً للكاتب جوناثان فينتون هارفي، - ترجمة "يمن شباب نت"- وقال "في أقل من 48 ساعة، تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني الانفصالي، وزعيم الحرب الليبي المتمرد خليفة حفتر ضد حكومتيهما، وذلك في تحد لمبادرات السلام السابقة.
حيث أشار الى أنه لم يكن من الممكن أن تحدث هذه التحركات لولا اليد الخفية للإمارات العربية المتحدة، بالنظر إلى أن أبو ظبي قد مكنت كلا الفصيلين في محاولة لاستعراض القوة.
وقال الكاتب "بأن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي "الحكم الذاتي" في عدن أنهى بالفعل اتفاق الرياض الرامي لتوحيد قواته مع حكومة عبد ربه منصور هادي".
وأضاف في الليلة التالية لتمرد الانتقالي، أعلن حفتر نفسه حاكماً لليبيا بتفويض شعبي، مشيراً إلى رغبته في "تهيئة الظروف لبناء مؤسسات مدنية دائمة". حيث جاء ذلك بإلغاء اتفاق الصخيرات لعام 2015، الذي استلزم تشكيل حكومة وحدة مع حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس.
توقيت غير محتمل
مثل هذا التوقيت غير المحتمل قد يثير الدهشة. فبالنظر إلى اعتماد الفصيلين الحاسم على الإمارات، من الممكن أن أبو ظبي - على الرغم من رفضها الرسمي لتحرك المجلس الانتقالي الجنوبي - شجعت هذه التمردات المتزامنة ضد هادي وحكومة الوفاق الوطني - وهما حكومتان لا تخضعان لرعاية إماراتية وتعملان على تحجيم جهودها في السيطرة على البلدين.
في الوقت الذي واجه فيه الانتقالي الجنوبي ضغوطًا من الحكومة اليمنية لتنفيذ اتفاق الرياض، وحققت فيه حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا مؤخرًا مكاسب ضد قوات حفتر، تشكل هذه التحركات الأخيرة محاولة حاسمة لضمان وجود أبو ظبي.
عملت أبو ظبي على ضمان هيمنة كلا اللاعبين من أجل تأمين مجال نفوذها الإقليمي. ومنذ عام 2014، نظرت الإمارات إلى حفتر كقوة مفيدة لتكرار جهودها في مصر من أجل إقامة نظام عسكري استبدادي، وبالتالي ضم أمير الحرب الليبي حفتر تحت جناحها.
لعبت أبو ظبي دورًا محوريًا في بناء ما يسمى بالجيش الوطني الليبي لحفتر، وبصماتها في حملته المستمرة للاستيلاء على طرابلس منذ أبريل 2019 - غالبًا ما تجري بطريقة خفية لدرجة أن دور روسيا يلقى المزيد من التركيز السلبي، خاصة في الغرب.
بعد أن انسحب حفتر من المحادثات التي توسطت فيها روسيا وتركيا في موسكو في يناير، شعر بوضوح أنه حصل على دعم كافٍ من مكان آخر - وتحديداً أبو ظبي - سيمكنه من استئناف العمليات العسكرية، مما يدل على نفوذ الإمارات الكبير على زعيم الحرب حفتر وفي ليبيا نفسها.
مزاعم مشكوك فيها
إلى جانب دعمها لانقلاب حفتر، مولت الإمارات ودعمت المجلس الانتقالي اليمني منذ إنشائه في عام 2017، حيث طالب الفصيل بدولة جنوبية مستقلة عن شمال اليمن. وبينما يزعم المجلس الانتقالي بشكل مشكوك فيه أنه يمثل مصالح اليمنيين الجنوبيين، فإن المجلس نفسه مدعومة بالكامل من قبل الإمارات العربية المتحدة.
وقد أظهرت الضربات الجوية الإماراتية ضد القوات الحكومية بعد انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن في أغسطس الماضي، حرص أبو ظبي على تعزيز هذه الحملة الانفصالية.
كما سعت إلى تقويض اتفاق الرياض الذي توسطت فيه السعودية العام الماضي، مع استمرار دعمها للميليشيات الانفصالية عبر الجنوب وفي جزيرة سقطرى الجيوستراتيجية.
تسعى الإمارات للسيطرة على جنوب اليمن وموانئه، وخاصة عدن وسقطرى، لخلق منطقة نفوذ على البحر الأحمر وتعزيز تجارتها البحرية. وتهدف إلى منع استقلال هذه الموانئ وبالتالي استقلال اليمن. فمثل هذا السيناريو قد يوجه مسار التجارة بعيدًا عن الموانئ التجارية الخاصة بدولة الإمارات.
وتسعى الإمارات أيضًا إلى تقويض استقلال ليبيا، حيث يمكن لليبيا المستقرة الغنية بالنفط أن تجذب الاستثمار الدولي ومزاحمة أبو ظبي. وحتى لو لم يستطع حفتر الاستيلاء على طرابلس، فإن تمرده الأخير يزيد من حدة الانقسامات في ليبيا. وبالتالي فإن الإمارات تتلاعب بهذه الجهات الفاعلة لتأمين نفوذها الخاص.
لقد أبدى عملاء الإماراتيون حالة من تقبلهم تجاه بعضهم البعض. ففي أغسطس الماضي، أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي، هاني بن بريك، دعم المجلس لحفتر، مشيراً إلى استعداده لتبادل "الخبرات والتجارب" مع الجيش الوطني الليبي للتعامل مع "الميليشيات غير الشرعية" في ليبيا. كما يروج الفصيلان لرواية مكافحة التطرف الخاصة بدولة الإمارات لتبرير جهودهما العسكرية، بينما يدّعيان أنهما ممثلان شرعيان لشعوبهما الخاضعة لهما.
الانقسامات السعودية ـ الإماراتية
ومع ذلك، من أجل تحقيق طموحاتها، تواجه الإمارات عقبات عديدة وأولها مع حليفتها السعودية، التي التفت أبو ظبي حولها بشكل وثيق لتأمين نفوذها في اليمن ولكسب الهيمنة في ليبيا. إذ برزت هناك تكهنات بشأن "التنافس" المتنامي بين السعودية والإمارات حول انقساماتهما في اليمن، والتي هي مبالغ فيها إلى حد ما.
لقد أقامت الإمارات العربية المتحدة بالفعل روابط أكثر واقعية في اليمن من خلال تمكين شبكة واسعة من الميليشيات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، على عكس تضاؤل نفوذ المملكة العربية السعودية من خلال دعم هادي. وعلى الرغم من أن السعودية دفعت حفتر لشن هجومه على طرابلس، فقد تجاوزت الإمارات الرياض بصفتها الراعي الرئيسي لحفتر.
من المرجح أن المملكة العربية السعودية تشعر بالاستياء الغير معلن تجاه موقف الإمارات الأكثر توسعاً واستقلالية عنها على نحو متزايد خصوصاً في اليمن. ومع ذلك، وبالنظر إلى تحالفها الإقليمي الضيق الذي تم تأمينه من خلال أجندة مشتركة مضادة للثورات، وروابط استثمارية وعسكرية قوية، فإن الرياض ليست مستعدة لمواجهة أبو ظبي. كما تقدر الإمارات هذا التحالف، وتتقدم بحذر وواقعية حول المملكة العربية السعودية في الوقت الذي تضمن فيه أهدافها الخاصة.
وعلى الرغم من أن أبو ظبي تجاوزت المملكة العربية السعودية إلى حد كبير، إلا أنه لا يزال يتعين على الإمارات مواجهة المجتمع الدولي في سعيها لاستعراض القوة في ليبيا واليمن، لكسب الدعم للفصائل العميلة لها.
وعلى الرغم من معارضة المحافظات الجنوبية لمحاولات استحواذ المجلس الانتقالي الجنوبي، جنبًا إلى جنب مع مجموعات المعارضة المستقلة الأخرى والعدنيين أنفسهم، يواصل الفصيل جهوده المتعلقة بالعلاقات العامة من خلال متحدثية في العواصم العالمية، بهدف تقديم نفسه على أنه الممثل الحقيقي الوحيد لجنوب اليمن. وبالمثل، شرع حفتر في حملة دبلوماسية ليثبت نفسه كحل لعدم استقرار ليبيا، وذلك من أجل الحصول على دعم دولي.
ويجري الحديث عن أن الانتقالي الجنوبي استخدم خدمات ممارسة الضغط ـ ما يعرف باللوبي ـ وذلك حسب ما تكشفه وثائق صادرة من قانون تسجيل الوكلاء الأجانب الأمريكيين. وإلى جانب التضليل الذي تقوم به دولة الإمارات وجهود الضغط داخل أروقة السياسة الأمريكية والأوروبية، مع الترويج لرواياتها في مراكز الفكر ووسائل الإعلام، فهناك تحالف قوي يعمل لإضفاء الشرعية على هذه الحركات المدعومة من الإماراتيين.
الإفلات من العقاب الدولي
مع انقسام أوروبا وبالتالي عجزها في ليبيا، ومع موقف واشنطن المتناقض في عهد الرئيس دونالد ترامب، تتمتع الإمارات بحرية لتمكين حفتر، لا سيما مع دعم فرنسا للجنرال الليبي. وحتى إذا كان التدخل العسكري التركي لدعم حكومة الوفاق الوطني يقيد مكاسب حفتر، إلا أنه من المحتمل أن تكون الإمارات قد فرضته كقوة يجب مراعاتها في أي تسوية بعد الصراع.
ومع ذلك، ستثبت مسألة تحقيق أهدافها في اليمن صعوبة أكبر، حيث عارض الاتحاد الأوروبي، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي في الوقت الذي دعوا فيه إلى دعم اتفاق الرياض. ومع ذلك، فإن الدعم الأعمى وغير المنتظم من جانب المجتمع الدولي لهذا الاتفاق غير الفعال مكّن الانتقالي والإمارات من استغلاله.
وإذا قام المجلس الانتقالي بتأمين سيطرته على الأقل على عدن وسقطرى والموانئ الجنوبية الأخرى، فإن ذلك يمكن أن يعزز جزئيًا من أهداف أبو ظبي على المدى القصير، وذلك قبل أن تمارس سيطرة أكبر على جنوب اليمن في المستقبل البعيد.
في نهاية المطاف، فإن استمرار مبيعات الأسلحة من الدول الغربية إلى الإمارات العربية المتحدة يمثل رمزًا للموافقة على أفعالها ، مما يعني أن أبو ظبي لا تزال تتمتع بالحصانة الكافية لفرض سيطرتها الفعلية على الفصائل المفضلة لديها في ليبيا واليمن تحت مرأى ومسمع العواصم الغربية.