تقرير: أشرف الفلاحي
فتح ترحيب مايسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، بعد أيام من إعلانه "الادارة الذاتية لجنوب اليمن"، ببيان التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بعودة الأوضاع إلى ما قبل هذه الخطوة، تساؤلات عدة حول ما إذا كان المجلس تراجع عن إعلانه، أم مجرد تكتيك جديد.
ويوم الجمعة، قال نزار هيثم، المتحدث باسم المجلس في بيان صحفي، "يرحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالبيان الصادر من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية".
وأكد هيثم على أهمية اتفاق الرياض، وضرورة احترام التسلسل الوارد فيه، خاصة ما يتعلق بتنفيذ الجانب السياسي والاقتصادي متهما الشرعية بتعطيله كليا،
وشدد في الوقت ذاته على ضرورة مراجعة المستجدات الطارئة بما يضمن السلام والاستقرار وتحقيق الاهداف المشتركة”.
وأشار هيثم إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد على الضرورة القصوى لتكثيف الجهود لمعالجة اضرار السيول في العاصمة عدن، وكذلك مواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19).
ودعا إلى احترام تطلعات "شعب الجنوب وحقهم في تقرير مصيرهم السياسي، والى الاحتياجات الأساسية للمواطن الجنوبي من خدمات وحقوق لما لهذه الملفات من أولوية قصوى، لا يمكن تأجيلها ولا تسويفها".
"تخفيف وخلط أوراق"
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي أن بيان الترحيب المتأخر الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي بالبيان الذي صدر عن التحالف قبل أيام، جاء في سياق سياسي وعسكري جديد.
وتابع في حديث خاص لـ"عربي21"، بأن نصف الانقلاب الذي نفذته الإمارات باسم المجلس الانتقالي في محافظة أرخبيل سقطرى الجمعة الماضية، وأدى إلى وضعية جديدة هناك عنوانها تقاسم نفوذ بين قوة تسيطر على السلاح وسلطة محلية تمثل الحكومة المهجرة والتي تفقد المزيد من التأثير والسيطرة على الأرض.
وقال التميمي، إن الإمارات أرادت بهذا البيان التخفيف من ارتدادات انقلاب سقطرى على المجلس الانتقالي، مشيرا إلى أن بيان الترحيب لخلط الأوراق، وربما التخفيف من الضغوط، خصوصا أن بيان الانتقالي جاء متحررا من الالتزام باتفاق الرياض بما يقتضيه ذلك من إقرار بحق السلطة الشرعية في ممارسة نفوذها على الأرض وتمسكه بخيار الانفصال.
وأوضح الكاتب اليمني أن البيان في ظاهره ما يشير إلى تراجع الانتقالي عن اعلان الإدارة الذاتية للجنوب، مستدركا بالوقت ذاته، أنه لا دليل على أن ذلك سيترجم على الواقع على الفور.
ووفقا للسياسي التميمي فإنه لم يكن نوع من ذر الرماد في العيون وإسداء خدمة للرياض بأن ما أرادته يتم تنفيذه، على نحو يحمل على الاعتقاد بأن ما جرى في عدن وسقطرى إنما يمثل شكلا من أشكال الحوار بين الرياض وأبوظبي، مؤكدا أنه نتائجه تبدو بهذا القدر من الاضطراب وعدم الوضوح.
"لعب على المكشوف"
من جانبه، رأى الصحفي والباحث السياسي اليمني، كمال السلامي، أن الأمور أصبحت اليوم أكثر وضوحا، وهناك تماهٍ واضح بين الدور السعودي والإماراتي في اليمن.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "تجاوزنا مرحلة لعب الأدوار، إلى اللعب بالمكشوف"، مؤكدا أن "الإنتقالي يقوض الدولة بشكل واضح، مثله مثل الحوثيين، وكل هذا يحدث تحت سمع السعودية وبصرها".
وأشار السلامي إلى أن هدف التحالف اليوم إضعاف الشرعية، ليصبح صوتها الأضعف، وتصبح كاللعبة بأيديهم، يحركونها وفق بوصلتهم.
وأكد على أن الانتقالي انقلب على الشرعية في عدن، وأعلن الإدارة الذاتية التي تشبه إلى حد كبير الإعلان الدستوري الذي قام به الحوثيين، وبدلا من التدخل للجْمه، ها هي السعودية تتوسط بينه وبين الشرعية وكأنه طرف شرعي.
وحسب الصحفي اليمني فإن السعودية وإلى جانبها الإمارات، حولوا الإنتقالي إلى طرف ندي للحكومة، وأكبر دليل ما حدث في سقطرى، والذي يشبه حصار صنعاء والهجوم عليها من قبل الحوثيين، لافتا إلى أنه بدلا من أن تتدخل القوات السعودية هناك لردعه، تدخلت للضغط على السلطة المحلية لمشاركته السلطة.
وأردف قائلا: "نحن أمام مؤامرة واضحة الملامح، الانتقالي أداة بيد السعودية، ينفذ أجندتها، ومساعيها لإضعاف الشرعية وتبديد قوتها، وإعادة تشكيل الخارطة السياسية وربما الجغرافية، والدخول في مقايضة النفوذ والسيطرة.".
وذكر الباحث السلامي أنه انطلاقا من كل هذا يتضح أن مباركة الانتقالي لبيان التحالف، ما هو إلا تحصيل حاصل، ونتيجة حالة الأمان التي يعيشها تجاه موقف التحالف وتحديدا السعودية، موضحا أنه (الإنتقالي)، بالأمس أيد بيان التحالف، في الوقت الذي كانت مليشياته تهاجم عاصمة سقطرى، كما أنه يواصل ممارسة دور الحاكم في عدن وبعض المحافظات.
وشدد على أن اليمن أمام منعطف خطير، إما أن تبقى الشرعية مجرد ديكور رديء لإخفاء ممارسات التحالف والسعودية والإمارات، أو أن تقول كلمتها وترفض كل ما يحدث من تلاعب ومؤامرات، وفق تعبيره.
"تخبط وفشل"
من جهته، قال الصحفي والناشط اليمني، أحمد ماهر إن الانتقالي فاقد للمشروع الوطني لهذا يتخبط سياسيا.
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أنه فجأة يظهر أنه يطالب بفصل الجنوب عن الشمال، وفجأة يتراجع عن ذلك، معللا ذلك بـ"كونه فاشل إداريا ولا يستطيع إدارة الجنوب".
ووفقا لماهر فإن ترحيب المجلس ببيان التحالف دليل عن تراجعه للإدارة الذاتية للجنوب، مثل ما أعلن عن ذلك.
وقال إن المجلس لا يستطيع تحمل تبعات هذا القرار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فضلا عن تآكل شعبيته في المحافظات الجنوبية.
وعزز حديثه بالبيانات التي أصدرتها المحافظات الجنوبية بالكامل، عقب إعلان قبل أكثر من أسبوع، والتي ترفض قرار الانتقالي لأنه عشوائي، بينما هو "مكون سياسي لاغير، ولا يمثل كل أبناء الجنوب".
ورفضت قيادات في المجلس الانتقالي تواصلت "عربي21" معها التعليق برأيها وتوضيح بيان المجلس الذي رحب فيه ببيان التحالف العربي بقيادة الرياض.
وعقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من أبوظبي، الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، أصدر التحالف السعودي الإماراتي بيانا دعاه للعودة عن هذه الخطوة، وتنفيذ اتفاق الرياض، الذي وقعه مع الحكومة الشرعية مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.