وجد آلاف اليمنيين أنفسهم عالقين في بلدان العالم المختلفة، بسبب إجراءات احتواء جائحة كورونا، التي أجبرتهم على البقاء بعيداً في أوضاع لا تطاق، اضطرت بعضهم لبيع مقتنياتهم البسيطة وحتى هواتفهم المحمولة.
"غصة في حلوقنا، في هذا الشهر الفضيل، كلما بدأنا الإفطار في غياب أبي العالق في الهند منذ ما يقرب من شهرين، بسبب إجراءات الحد من تفشي فيروس كورونا كوفيد-19"، تقول اليمنية خلود الحجري، عن والدها الذي وجد نفسه غير قادرٍ على العودة إلى بلاده، وهو واحد من آلاف اليمنيين في بلدان العالم المختلفة، كانت عودتهم مقررة، لكن جائحة كورونا أجبرتهم على البقاء بعيداً في أوضاع مأساوية، اضطرت بعضهم لبيع المقتنيات الخاصة وحتى الهواتف المحمولة.
يعمل خالد الحجري، والد خلود، مدرساً وغادر اليمنفي الـ18 من فبراير/ شباط 2020، لمرافقة زميل له يعاني ورماً في الدماغ قرر طلب العلاج في الهند، إلا أن عودته المقررة في 24 مارس/ آذار، تعثرت، وتتابع خلود لـDW عربية "مهما قلت أو تحدثت لا أستطيع إيصال ما بداخلي وإخوتي من فقد واشتياق وخوف على والدي، ولا نعلم كيف يأكل أو يشرب وهو الذي تعوّد على أن يكون بيننا".
لدى الحجري سبعة أبناء وهم أربعة بنين وثلاث بنات، وتسكن أسرته في مديرية "يريم"، بمحافظة إب، جنوبي غرب البلاد، وقد اضطر الأب لبيع بعض المقتنيات، بما في ذلك، الهدايا التي قد اشتراها من الهند لأبنائه، لتحمل نفقات البقاء.
ويقول الحجري لـDW عربية إن "الرحلات الجوية توقفت فجأة، ولم يخطر على بالنا أن المدة ستطول؛ أوضاعنا شحت ماليا، نتناول وجبة واحدة كل يوم كي نحافظ علي كرامتنا، بعنا بعض المقتنيات التي نملكها، ومنها هاتف خاص بي وهاتف زميلي بمبالغ زهيدة ومقتنيات أخرى كنا قد اشتريناها كهدايا لأولادنا".
آلاف العالقين ببلدان مختلفة
خلفتالحرب الدائرة في اليمن منذ ما يزيد عن خمس سنوات، أوضاعاً إنسانية كارثية، وتسببت في إغلاق أغلب المطارات، مما أدى إلى تقليص أعداد المسافرين من وإلى خارج البلاد، إلى مستويات دنيا تتعلق في الغالب بالعاملين خارج البلاد وبالمرضى المضطرين لتلقي العلاج في مستشفيات دول أجنبية، لكن العديد منهم تحولوا إلى عالقين، غير قادرين على تحمل نفقات البقاء، منذ إعلان الحكومة في الـ14 من مارس / آذار الماضي، تعليق الرحلات وإغلاق جميع المطارات، في إطار الإجراءات الوقائية للحد من تفشي الوباء بالبلاد.
حمود حسن (58 عاماً) ومحمد حسين (61 عاماً) شقيقان يمنيان تتوزع أسرتهما في الإقامة بين اليمن والسعودية، توجها في فبراير/ شباط الماضي، إلى الهند لزراعة كبد وعملية قلب مفتوح للأخير، وبسبب التكاليف الباهظة المطلوبة للعملية بين 40 و50 ألف دولار، قررا المغادرة دون إجراءاها، لكن جاءت قرارات حظر السفر المتتالية، لتضيف إليهما متاعب مضاعفة.
ويقول حمود لـDW عربية إن "كل يوم تزداد الإجراءات الاحترازية بالهند حتى انك تخرج لحاجتك تجد الشرطي بعصاه يلاحقك وقد تضطر للعودة من غير شراء حاجتك"، ويضيف "أناشد من خلالكم كل من في قلبه ذرة رحمة وذلك من المنظمات الدولية والمحلية سرعة إجلاء العالقين وإعادتنا إلى أهلنا".
ظروف مأساوية للعالقين والمقيمين
وبينما تعتبر مصر من أبرز البلدان التي يتواجد فيها الآلاف من اليمنيين العالقين، يقول مستشار شؤون المغتربين بسفارة اليمن في القاهرة ابراهيم الجهمي لـDW عربية، إن معاناة هؤلاء ممن لديهم تذاكر وحجوزات مسبقة للعودة منذ أكثر من 50 يوماً، تزداد صعوبة.
ويضيف أن أوضاع العالقين إلى جانب اليمنيين النازحين والطلاب المبتعثين، الذين لم يستلموا مخصصاتهم المالية من الحكومة منذ ستة أشهر، بالإضافة إلى المرضى والجرحى الذين يُعالجون في المستشفيات المصرية، كما تمتد المعاناة لليمنيين المقيمين ممن كانوا يعملون في مطاعم أو مدارس أو محال تجارية وفي أعمال منزلية، وكلهم "فقدوا مصادر دخلهم وتضاعفت عليهم الأزمة وأوضاعهم أصبحت مأساوية جداً".
ويقول إنه "للأسف الدولة حتى الآن لم تسع لإيجاد أي حل للعالقين ولم تقدم معونات حتى، وقدمنا مقترحات لم تلق تجاوباً، ولكن "نحن في السفارة والجالية اليمنية شكلنا لجنة إغاثة وقدمنا مساعدات عبارة عن معونات لكثير من المواطنين سواء العالقين أو الدارسين أو النازحين".
ويشدد المسؤول في السفارة اليمنية بمصر على أهمية حل أزمة العالقين، من خلال إجراءات، على غرار الحجر الصحي للمسافرين بما يحد من إمكانية نقل البعض منهم في حال إصابته للوباء إلى داخل البلاد، أو أن يتم حل الأزمة بتقديم منح مالية بنفقات الحد الأدنى الذي "يحفظ ماء وجوههم ويصون كرامتهم"، وهذا "ما نأمل من الدولة ورجال الأعمال".
وتواصلت DW عربية، مع وزارة الخارجية اليمنية وسألتها عما إذا كان هناك جهود تبذل لحل الأزمة، لكنها أفادت أن الملف من مسؤولية اللجنة الوطنية العليا لمكافحة وباء كورونا. وهي الهيئة الحكومية المعنية بمتابعة القضايا المتصلة بانتشار وإجراءات كورونا، لكنها لم ترد على التساؤلات بشأن قضية العالقين.
صفية مهدي - اليمن