الانتقالي الجنوبي

أسوشيتد برس: جنوب اليمن يعيش وضعاً مضطرباً عقب مساعي الانفصاليين إقامة الحكم الذاتي

ترجمة: أبوبكر الفقيه- يمن شباب نت

أعادت محاولة الانفصاليين الممولين من دولة الإمارات العربية المتحدة فرض سيطرتهم على جنوب اليمن، وفتح جبهة جديدة وخطيرة في الحرب الأهلية في اليمن، ودفعت البلاد إلى مزيد من التفتت في وقت باتت فيه جائحة فيروس كورونا تشكل تهديدا متزايدا.
 
وقالت وكالة "اسوشيتد برس" في تقرير - ترجمة "يمن شباب نت" - أن إعلان الانفصاليين الأخير للحكم الذاتي على مدينة عدن الساحلية الرئيسية والمحافظات الجنوبية الأخرى يضع أيضًا السعودية والإمارات في مواجهة بعضهما البعض في النزاع الذي صار الآن في عامه السادس. وقد أدلى زعيم انفصالي بهذا الإعلان، من الإمارات - فَي دلالة واضحة على دعمها لهذه الخطوة.
 
وظلت الدولتان الخليجيتان شريكتان في تحالف يشن حربًا ضد المتمردين الحوثيين المرتبطين بإيران، والذين سيطروا على الجزء الشمالي من اليمن في 2014.
 
وبرغم ذلك لدى الحليفين ـ السعودية والإمارات مصالح متضاربة في الجنوب بالإضافة لاصطفافهما مع الأطراف المتنافسة. حيث تدعم الإمارات العربية المتحدة الانفصاليين، فيما تؤيد السعودية الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يقيم في الخارج.
 
قد يؤدي الانقسام الحاد في الجنوب إلى إعاقة جهود السعوديين لإيجاد مخرج من الحرب المكلفة ضد الحوثيين، والتي يبدوا الانتصار فيها غير ممكن.
 
وخلال الأشهر الأخيرة، عملت المملكة العربية السعودية على تسريع استراتيجيتها للخروج من الحرب، بما في ذلك إجراء محادثات سرية عبر القنوات الخلفية مع المتمردين الحوثيين.  وفي الشهر الماضي، أعلن السعوديون وقفًا لإطلاق النار من جانب واحد، لكن الحوثيين رفضوه باعتباره خدعة مزعومة، حيث استمر القتال بعد ذلك.
 
 في غضون ذلك، تهتم الإمارات بتأمين ممرات الملاحة على طول ممر البحر الأحمر ونقطة باب المندب الحيوية قبالة سواحل اليمن.  حيث تعد الإمارات العربية المتحدة مُصدراً رئيسيا للنفط وموطنا لموانئ دبي العالمية، وهي شركة شحن وخدمات لوجستية عالمية.
 
ومن خلال دعم الانفصاليين اليمنيين، تضمن الإمارات أيضًا أن حزب الإصلاح المدعوم من السعودية، لن ينمو بقوة. حيث تعارض الإمارات فروع الإخوان في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
 
ويقول فرناندو كارفاخال، وهو عضو سابق في لجنة خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "لقد أصبح الأمر نزاعاً بالوكالة بين الإمارات والسعودية".
 
وقد قسم الصراع في اليمن البلاد على أسس قبلية ومناطقية وسياسية. إذ بدأ الأمر مع استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء عام 2014. وفي ربيع عام 2015، شكلت المملكة العربية السعودية والإمارات ودول عربية أخرى تحالفًا لمحاربة المتمردين الحوثيين وكبح نفوذ إيران ليتحول الأمر إلى حرب اقليمية بالوكالة.
 
 ومنذ ذلك الحين، قتل أكثر من 100 ألف شخص - مقاتلين ومدنيين. وأدت الغارات الجوية التي شنها التحالف بقيادة السعودية، والقتال الحوثي على الأرض إلى نزوح أكثر من 3 ملايين شخص، وترك ملايين آخرين غير قادرين على تلبية الاحتياجات الأساسية، مما دفعهم إلى ظروف شبيهة بالمجاعة.
 
 وتأتي محاولة الحكم الذاتي الجنوبي في الوقت الذي تجد فيه البلاد نفسها على شفا تفشي فيروس مدمر.
 
 
فقد أبلغ اليمن عن 21 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، من بينها ثلاث حالات وفاة، معظمها في عدن، بحسب وزارة الصحة المعترف بها دولياً. كما ادعى سكان عدن أن المستشفيات أغلقت أبوابها وسط مخاوف الطاقم الطبي من الإصابة بالفيروس مع افتقاره إلى معدات الحماية.
 
ويوم السبت، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الفيروس ينتشر بنشاط في اليمن، وبأنها تستعد لاحتمال إصابة نصف السكان بالعدوى.
 
في الجنوب، وسع انتزاع السلطة من الانفصاليين دائرة القتال إلى مناطق لم يكن قد مسها العنف إلى حد كبير، مما يهدد بمزيد من النزوح.
 
وفي أواخر الأسبوع الماضي، ترددت أصداء انفجارات ونيران مدفعية عبر وديان جزيرة سقطرى، وهي موقع تراثي عالمي لليونسكو وموطن لأنواع غير موجودة في مكان آخر. حيث اشتبك الانفصاليون مع القوات الموالية لحكومة هادي في الجزيرة، وهي معقل سابق للإمارات.
 
وقد سحبت الإمارات العربية المتحدة قواتها رسميًا من جنوب اليمن الصيف الماضي، لكنها تواصل ممارسة سيطرتها عبر وكلائها لضمان استمرارها في المناطق الرئيسية على الساحل اليمني الذي يمتد لمسافة 2000 كيلومتر (1250 ميل).
 
ومن أبو ظبي، مقر حكومة الإمارات العربية المتحدة، أعلن الزعيم الانفصالي عيدروس الزبيدي الحكم الذاتي في 25 أبريل / نيسان.
 
ويرأس الزبيدي المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مجموعة من الميليشيات المدججة بالسلاح والممولة جيدًا حيث تدعمها الإمارات منذ عام 2015. ويأمل المجلس في استعادة جنوب اليمن المستقل، الذي كان موجودًا منذ 1967-1990.
 
قتال الجنوبيين يترك حكومة هادي في موقف أضعف بكثير في ظل الجهود الرامية لحسم الصراع مع الحوثيين.
 
إعلان الحكم الذاتي جرّد حكومة هادي من عاصمتها المؤقتة، عدن. حيث يعيش هادي في الخارج، في العاصمة السعودية الرياض منذ عدة سنوات، لكن حكومته حافظت على تواجدها في عدن.
وقد وصفت حكومته الإعلان بأنه "انقلاب صارخ" ضد اتفاق السلام مع الانفصاليين الموقع في الرياض في نوفمبر.  حيث توسط السعوديون في الاتفاق بعد معارك مدمرة بين الانفصاليين والقوات المتحالفة مع هادي. وقد انتهى القتال بتشديد الانفصاليين لسيطرتهم على عدن بمساعدة غطاء جوي من الطائرات الإماراتية.
 
 وقال التحالف الذي تقوده السعودية إن إعلان الحكم الذاتي "عمل مستغرب"، ودعا إلى تنفيذ اتفاق الرياض الرامي لتقاسم السلطة، والذي نص على تسليم الأسلحة الثقيلة، وانسحاب القوات المتنافسة، وتشكيل حكومة جديدة.
 
 وقالت حكومة هادي إنها أيدت إلى حد كبير اتفاق تقاسم السلطة في نوفمبر، واتهمت الانفصاليين بعدم الوفاء بالتزاماتهم.
 
وفي مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، ناشد وزير الخارجية في حكومة هادي، محمد الحضرمي، الإمارات العربية المتحدة بوقف دعمها لمجلس الانفصاليين. وقال إن إفساد اتفاق نوفمبر "يعني تقليص كل الجهود للتوصل إلى اتفاق سلام شامل وعادل".
 
ومن غير الواضح ما إذا كانت المملكة العربية السعودية لديها القدرة على التحمل لمزيد من المناورة في اليمن.  فالسعوديون منخرطون بالفعل في حرب أسعار النفط العالمية بالإضافة لتفشي فيروس كورونا في بلادهم.
 
ويقول بعض المراقبين إن تعزيز (السعودية) لوضع الجنوبيين في اليمن، فقط لمواصلة الجمود مع الحوثيين قد يكون مهمة كبيرة للغاية.
 
وقال كارفاخال "يشبه الحال قارب مليء بالرصاص حيث يجب على السعوديين استخدام كل أصابعهم العشرة وكافة أصابع القدمين في سد جميع الثقوب، وإلا ستغرق السفينة".