قالت مصادر طبية وأقارب متوفين ونشطاء لـ"المصدر أونلاين" إن حوالي 40 شخصًا توفوا الثلاثاء في مدينة عدن العاصمة المؤقتة جنوبي البلاد إثر إنتشار الحميات في المدينة كما تقول السلطات الصحية، لكن مصادر طبية تقول إن الوباء المتفشي يحمل أعراضاً شبيهة بأعراض فيروس كورونا.
وقالت المصادر إن مستشفيات "الجمهورية" في خورمكسر و"الصداقة" في الشيخ عثمان و"الوالي" و"النقيب" و"عدن الألماني" و"البريهي" في المنصورة استقبلت حوالي 30 حالة مرضية تحمل أغلبها أعراضاً متشابهة تتضمن التهابات في الرئة ومشاكل في الجهاز التنفسي وارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة.
وتوفت الـ30 حالة في المستشفيات بعد أن خضعت لفحوصات بسيطة وتلقت عمليات إسعاف طارئة، مصادر طبية قالت لـ"المصدر أونلاين" إن المستشفيات التي لا تزال مفتوحة في المدينة تنقصها أجهزة التشخيص والمحاليل الطبية، إضافة إلى نقص في أجهزة التنفس الاصطناعي إذ توفت الكثير من الحالات وهي تعاني من ضيق في التنفس"الكظمة".
وأدت نقص الكوادر الطبية والتمريضية إثر مخاوف انتشار فيروس كورونا إلى شلل في المستشفيات المفتوحة لكنها دفعت مستشفيات أخرى في المدينة الجنوبية الساحلية إلى الإغلاق.
وتوفيت 10 حالات تعاني من الوباء ذاته، تسكن في مديريات أغلقت المستشفيات فيها، في منازلها ورفضت بعض المستشفيات استقبالها ما اضطرها للعودة إلى منازلها.
وقال مصدر طبي ومواطنين رافقوا مرضى إلى مستشفيات عدن لـ"المصدر أونلاين" إن مستشفيات عدن لا تمتلك القدر الكافي من أجهزة الفحص والتشخيص بينما تفتقد مشافي أخرى لوجود أجهزة تنفس اصطناعي.
تقول المصادر إن مستشفى "الصداقة" الواقع شمال عدن الذي يستقبل المئات من المرضى من مدينتي دار سعد والشيخ عثمان، يملك جهاز تنفس اصطناعي واحد موجود في غرفة الإنعاش بينما يضطر الطاقم الطبي والتمريضي لإسعاف بعض المرضى الذين يعانون من ضيق التنفس بواسطة عبوات اكسجين.
وهذا يضاعف من سوء حالات العشرات من المصابين بأعراض ضيق التنفس إذ أن كل واحد منهم يقف في انتظار دوره بينما يتوفى آخرون نتيجة هذا.
وليس ببعيد تعاني أغلب المستشفيات الحكومية من نقص أجهزة التنفس الاصطناعي بينما يسمح مسؤولو المستشفيات الخاصة بإستخدام أجهزة التنفس في حالات معينة.
رفضوا استقبال مرضانا
يقول سالم اليافعي وهو حفيد رجل مسن في العقد السابع من عمره من مديرية خورمكسر إن جده توفي في مستشفى "النور" في المنصورة شمال عدن، بعد أن رفضت عدد من المستشفيات استقباله إثر نقص الخدمات الطبية وغياب أجهزة الفحص بالتوازي مع مخاوف انتشار فيروس كورونا.
يضيف اليافعي أنهم نقلوا جده الذي كان يعاني من حمى وملاريا ثم أصيب بجلطة لاحقًا، إلى مستشفى الوالي في المدينة ذاتها لكن القائمين على المستشفى رفضوا استقباله بحجة القيام بعمليات تعقيم للمشفى عقب توفي مرضى بداخله.
وقال شاب من مدينة كريتر لـ"المصدر أونلاين" إنه نقل شقيقه الذي يعاني من ارتفاع درجات الحرارة والسعال وضيق في التنفس إلى مستشفى "الجمهورية" شرق عدن لكن افتقاد المشفى للمستلزمات الطبية الضرورية للحالات الحرجة أدى إلى تضاعف سوء الحالة الصحية لشقيقه والعشرات من المصابين.
وقال مقرب من رجل في العقد السادس من عمره من مدينة الشيخ عثمان توفي في مستشفى الجمهورية السبت الماضي ، نتيجة احتياجه لعمليات شفط للسوائل التي يعاني منها، انهم أضطروا لنقله إلى مستشفيات البريهي والوالي والنقيب في المنصورة لكن المستشفيات الثلاثة رفضت استقبالهم.
و أضاف أنهم أسعفوه إلى مستشفى الجمهورية بعد ذلك لكنه لم يتحصل على الإسعاف اللازم هناك نتيجة غياب الأطباء، ما أدى إلى وفاته.
تزايد الوفيات يساهم في التغطية على مئات المصابين
وبدا أن التركيز على الوفيات ساهم بعدم الالتفات إلى وجود العشرات من الحالات المصابة بالأعراض ذاتها التي أدت إلى وفاة العشرات وهو ما يمكن أن يحدث ارتفاع كبير في عدد الوفيات مع نقص الخدمات الطبية في مستشفيات المدينة إضافة إلى إغلاق مستشفيات أخرى.
وتتضاعف المخاوف في المدينة من توسع نطاق انتشار الوباء إذ أن العشرات من المصابين حاليًا اختلطوا بآخرين أصيبوا وتوفي البعض منهم خلال الأيام الخمسة الماضية ما يرجح فرضية انتشار الوباء عن طريق العدوى.
ومن الممكن أن يؤدي فشل مكافحة الوباء فيما إذا تأكدت حقيقة انتقاله بالعدوى إلى ارتفاع كبير في أرقام الحالات المصابة والوفيات بالتزامن مع غياب إجراءات إغلاق منافذ وأسواق المدينة وفشل قرارات تطبيق حظر التجوال من قبل سلطات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على المدينة منذ أغسطس الماضي.
ففي مدينة كريتر جنوبي عدن توفي شاب في البداية ثم توفي ابن عمه لاحقًا قبل ان يتوفى والد الأول في حين تعاني والدته من الوباء ذاته.
وفي وقت سابق قالت اللجنة الوطنية لمواجهة فيروس كرورنا ان 49 شخصًا في عدن توفوا بالحميات" الأمراض الوبائية" وهو أول إعلان من السلطات الصحية عقب تزايد أعداد الوفيات لكن تزايد عدد الإصابات وعدم خضوع المصابين قبل وفاتهم لفحص كوفيد 19، أو خضوعهم لفحوصات تؤكد اصابتهم بالحميّات يثير مخاوف سكان عدن.