رمضان كريم

بيع السنبوسة واللحوح.. آمال اليمنيين في تسويق الأكلات الشعبية برمضان (شاهد)

على مدخل سوق الخضار وسط مدينة مأرب يتربع الطفل غازي الذماري (12 عاما) إلى جانب أخيه الأصغر وكل منهم يحتضن صحنا مغطى بكيس بلاستيكي يروجون لسلعتهم "اللحوح"  لبيع أكبر قدر منها خشية بوارها والعودة إلى أمهم دون مال كاف لمصاريف بيتها.

 

ويعد اللحوح الذي يبيعه غازي أحد أساسيات فطور الصائمين في رمضان لإعداد وجبة الشفوت المشهور في اليمن الذي لا تخلو سفرة صائم منه.

 

يقول الطفل غازي لـ"الموقع بوست" إن أمه تصحو باكرا لإعداد 300 حبة لحوح بالذرة وأخرى بالذرة الصفراء على نار حطب هادئة ورصها على صحنه وصحن أخيه لبيعها خلال اليوم في ذات المكان الذي يعتبره غازي مناسبا لبيع اللحوح، حيث يتوافد الناس لشراء الخضار عصر كل يوم.

 

 

 تحرص أم غازي النازحة من محافظة ذمار إلى مأرب على ربط شال في رأسه كأخيه الأصغر تماما خوفا عليهم من الشمس قبل مغادرتهم المنزل البعيد عن السوق لبيع اللحوح، كما يقول غازي. 

 

يتحدث غازي بجدية على ملامحه ولباقة على لسانه بأنه يدخر الفلوس التي يبيع بها اللحوح لشراء كسوة العيد له واخوته الخمسة والتي لا يقدر والده على توفيرها مما يكسبه من رزق بسيط لا يغطي غالبا مصاريف لقمة العيش لعائلته.

 

 

يبيع غازي وأخوه لحوحا بمبلغ سبعة آلاف ريال كمتوسط بيع يومي في حين تبور اللحوح ويقول "نبور ما نبيع إلا نصفها والباقي نرجعه للبيت أو نتصدق به على الطريق ونفطر بحبتين لحوح عندما يحين موعد الإفطار ونحن في طريق العودة إلى المنزل".

 

تنتشر مقالي السنبوسة وروائح اللحوح وبائعو عصير الليمون في شوارع وأسواق مدينة مأرب، التي يعدها الرجال بمطابخ ومعدات متنقلة تغري المارة على شرائها وتفتح شهية الصائمين من روائحها المنتشرة على مسافات تجلب الزبائن لتجهيز سفرة إفطارهم. 

 

اللحوح الخفيف والليمون والعصائر الطازجة والسنبوسة كاشفة عن الستار الذي أسدله الناس في نهاية الشهر الكريم قبل عام متربعة على مرتبة أول اختيار الصائمين جمعا حين ينطلق أذان الإفطار.

 

 

 لا تختلف سفر الإفطار في المدن  اليمنية كثيرا فالشفوت باللحوح والمقليات والعصائر والقهوة هي أساسيات الجميع بقدر اختلاف وجبة عشاء رمضان بين المدن اليمنية. 

 

يستمتع الزبائن بين تخيير أنفسهم بشراء إفطارهم من الباعة الطهاة الذين يروجون لمأكولاتهم البسيطة على الشوارع ومدحها وعرضها بأساليب متنوعة يبحثون عن بيع أكبر قدر مما يملكون. 

 

وذلك لكسب ما يخططون له ويبنون أحلامهم على ربح بسيط خلال شهر رمضان الذي يفتح على الفقراء أبواب ضئيلة للسعادة والأرزاق.

 

 

يعقوب أحمد ناصر، أحد طهاة السنبوسة بأحد شوارع مدينة مأرب يرتدي قفازات وكمامة احترازا من كورونا، يقول إنه يعد كل يوم في شهر رمضان حوالي ألف حبة من رقائق السنبوسة بأنواعها الثلاثة المحشية باللحم المفروم والجبن وأخرى محشية بالبطاطا وهي أرخص الأنواع كإفطار لزبائنه الذين يقبلون على شرائها كل يوم، موضحا أن السنبوسة تصبح في رمضان شيئا أساسيا في وجبة الإفطار.

 

ويضيف الشاب يعقوب لـ"الموقع بوست" أنه يعمل في بيع السنبوسة خلال شهر رمضان فقط، بينما بقية الأشهر يعمل في شواء وطهو الوجبات السريعة الأخرى مثل الشبس والطعمية والبيض.

 

يشير يعقوب إلى أنه يعتمد في حياته وإعالة أسرته على ما يكسبه من طهو مأكولات الشوارع التي يعمل على تقديمها منذ ثلاث سنوات، حد وصفه.

 

 

 وبقدر ما يستغل الكثير من الناس شهر رمضان محطة للتدين والنفحات الإيمانية يستغله الفقراء الكثيرون في البلاد للبحث عن أرزاقهم من خلال أعمال بسيطة تدر عليهم ما يغطي احتياجاتهم البسيطة.

 

أحمد غالب، هو الآخر نازح من محافظة الحديدة إلى مأرب يقوم ببيع اللحوح خلال شهر رمضان بدلا من دراجته النارية التي يعمل عليها خلال الأشهر الأخرى لتوفير مصاريف منزله في مخيم الجفينة للنازحين، وكذا مصاريف عيد الفطر القادم.

 

يقول أحمد لـ"الموقع بوست" إنه يبيع طوال اليوم 200 حبة لحوح، موضحا أن أسعار اللحوح تختلف من حيث نوعيتها وحجمها تبدأ من 50 ريالا إلى 100 و150 ريالا. 

 

 

فهذه مدينة مأرب التي نهضت من وسط غبار الحرب لتصنع السلام والاطمئنان للفارين من لهيب الحرب وتطبع الأوضاع في شوارعها رغم رحى الحرب الدائرة على أطرافها والقصف الحوثي على رؤوس ساكنيها الأبرياء ليعيشوا شهرا كريما ببساطة.

 

"وهذه المدينة لا تختلف في سفرة إفطارها عن بقية محافظات البلاد لكن اختلافها في طقوس وحياة خاصة تحفل بها مأرب خلال ليالي رمضان كما تختلف في نوع وجبات عشاء الشهر الكريم"، كما يقول ياسر طليان أحد أبنائها. 

 

يقول ياسر إن "الشربة والمرق والكدم ولمز الذرة (فطير الذرة) والقهوة العربي بالإضافة إلى الشفوت والسنبوسة هي أساسيات سفرة الإفطار لدى أبناء محافظة مأرب، بينما المعصوبة مع زيت السمسم والعسل والهريش الصفراء واللبن هي وجبة العشاء في مأرب".

 

ويبقى شهر رمضان كريما في اسمه وفعله على الطفل غازي وغيره من الفقراء والمعدمين والعاطلين عن الأعمال في ظل ما تشهده البلاد من حرب وحصار منذ خمسة أعوام دون حلول في الأفق.

المصدر: يمن شباب نت