في جزيرة سقطرى النائية في اليمن، التي تُعد جنة صحراوية مساحتها 3 آلاف و625 كيلومتراً مربعاً على بعد 60 ميلاً من شرق القرن الأفريقي، تشير عقارب الساعة إلى الخامسة والنصف صباحاً. ومع ذلك، تقف نجمة الـ"يوتيوب" إيفا زو بيك خارج خيمتها بالقرب من حافة المياه لتغوص في مياه المحيط الهندي بحثاً عن وجبة فطور، وهي الكركند.
وأصبحت الحياة على هذه الجزيرة بمثابة الوضع الطبيعي بالنسبة للبولندية زو بيك، التي تبلغ من العمر 29 عاماً، والتي يصل عدد متابعيها على وسائل التواصل الاجتماعي المهتمين بمرافقتها حول العالم عبر مدونات السفر الخاصة بها إلى أكثر من مليون شخص.
ووصلت إيفا زو بيك إلى جزيرة سقطرى اليمنية في 11 مارس/آذار.
وبينما يظل العديد من الأشخاص حول العالم داخل منازلهم، قضت زو بيك آخر شهرين في التخييم وتسلق الكثبان الرملية في سقطرى لتنتظر انتهاء جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".
فيديو بديع لـ #سقطرى الجميلة، التي لا يشبهها أحد.
— Mutwali Mahmud (@MutwaliMahmud) May 20, 2020
سقطرى التي تسابق #الامارات فيها الزمن لتنكل بها، وتقتل سلامها العميم.#اليمن
pic.twitter.com/9WAfm9vETf
ولكن ما هي المشكلة الوحيدة؟ لا تعلم بيك متى ستتمكن من المغادرة.
رحلتها بدأت من ماراثون في الجزيرة
بواحدة من أكثر جزر العالم عزلة.. أوروبية تختار البقاء في سقطرى اليمنية لتنتظر انتهاء جائحة فيروس كورونا
قضت زو بيك معظم وقتها في التخييم، أو استئجار غرف الضيوف في القرى الريفية.
ووصلت زو بيك إلى سقطرى في رحلة جوية تجارية أسبوعية من القاهرة في 11 مارس/آذار برفقة 40 سائحاً للمشاركة في أول ماراثون في الجريزة، وكان من المقرر أن يبقى هؤلاء لأسبوعين.
وبتاريخ 15 مارس/آذار وبعد إنهائها السباق، أعلن المسؤولون بسقطرى أن الجزيرة ستغلق حدودها، وأنه يجب على المشاركين العودة لبلادهم بأسرع وقت ممكن.
وبعد إيقاظهم بمنتصف الليل وهم في خيمهم، قيل لهم إنه يجب عليهم "التوجه إلى المطار على الفور"، بحسب ما قالته.
ورغم أن القرار كان صعباً، اختارت زو بيك البقاء على الجزيرة لمدة غير معروفة بدل المخاطرة بإصابتها بالفيروس أثناء عودتها إلى أوروبا.
تشتهر المنطقة الجنوبية لجزيرة سقطرى اليمنية بأشجار "دم العنقاء" (dragon blood) المهددة بالانقراض.
وبعد أن حصلت على إذن مسؤولين بسقطرى، قررت البولندية و4 من السياح البقاء، وأما البقية، بمن فيهم حبيبها الكندي، فعادوا إلى القاهرة على متن الرحلة الأخيرة خارج سقطرى.
ومع ذلك، لا يوافق الجميع على قرارها، وبعد قراءة قصتها عبر الإنترنت، تلقت البولندية النقد من خلال حملة "Respect_Socotra#"، وجادل الأشخاص بأن وجودها يهدد المجتمع المحلي.
وخلال منشور على موقع "إنستغرام" نشرته في 19 مايو/أيار، شكرت زو بيك الأشخاص الذين أبدوا قلقهم من وجودها على الجزيرة، وقالت إن حملة "Respect_Socotra#" أعطتها وجهة نظر جديدة، وأضافت: "أعتذر إذا أرسلت رسالة خاطئة من قبل"، وأضافت أنها لم تنوي تشجيع السفر إلى الأماكن النائية في ظل الجائحة، بل أرادت مشاركة جمال مكان كانت موجودة فيه بالفعل.
الضيافة المحلية جعلت الإقامة الطويلة ممكنة
ورغم أن الفنادق الأكثر راحة تقع في العاصمة حديبو، إلا أن زو بيك قضت معظم وقتها خلال أول شهرين في التخييم، أو استئجار غرف الضيوف الخاصة بالقرى الريفية التي تنتمي لعائلات تعمل في رعاية الأغنام.
وكانت زو بيك تعود لحديبو فقط للحصول على خدمات الـ"واي فاي"، وغسل الملابس، والوصول لمصادر كهرباء لشحن أجهزتها.
كأنه عالم موازي
كيف ستكون تكلفة السفر على متن الرحلات الجوية بعد أزمة فيروس كورونا المستجد؟
وتمكنت زو بيك من التواصل بشكل وثيق مع المجتمع المحلي بسبب افتقار الجزيرة لقيود الإغلاق أو إجراءات التباعد الاجتماعي ، وهي ليست على علم بأي حالات فيروس كورونا تم الإبلاغ عنها.
وتُعد الجزيرة واحدة من الأماكن القليلة على الكرة الأرضية التي استمرت في العمل كالمعتاد، وقالت: "لدينا الحرية لزيارة الأصدقاء والتنقل كما يحلو لنا. ويبدو الأمر وكأننا في عالم موازٍ".
ولكن، انخفضت تلك الحرية بمرور الوقت، بحسب ما كتبته زو بيك على "إنستغرام"، إذ أشارت إلى أنها قضت معظم وقتها مع عائلتها بمنزل واحد في القرية على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، وأنها ستستمر في ذلك.
أصعب التحديات
خلال عطلة الصيف..هل يستحق السفر وسط كورونا قيام المسافرين بالحجر الصحي لمدة أسبوعين؟
واضطرت زو بيك للذهاب إلى المستشفى مرتين في حديبو، وكانت المرة الأولى بسبب جرح في ساقها أًصيبت به أثناء للمشي على منحدرات الجزيرة، ولاحقاً بسبب ضربة شمس.
وإلى جانب زيارتها للمستشفى، يُعد افتقادها للأحباء وصعوبة تواصلها معهم عبر الإنترنت من أصعب التحديات، وأوضحت قائلةً أن "شبكة الواي فاي ليست قوية بما يكفي لاستخدام سكايب، وانقطاع الكهرباء أمر شائع". ولذلك، هي تكتفي بمكالمات هاتفية عادية عند المستطاع.
ورغم أن زو بيك لم تكن نادمة على قرارها بالبقاء على الجزيرة في البداية، إلا أن موقفها تغير.
ويبقى السؤال: إذا كانت تعلم بما تعرفه الآن عن انتشار الفيروس وطبيعته، هل كانت ستختار زيارة الجزيرة في المقام الأول؟ وأجابت البولندية بـ"كلا" عبر "إنستغرام".
لمشاهدة الفيديو هنا