تتزايد أعداد الوفيات في مدينة رداع وضواحيها بمحافظة البيضاء، وسط البلاد هذه الأيام بشكل لافت ما يشير بوضوح إلى تفشي فيروس كورونا في الوقت الذي تواصل فيه مليشيات الحوثي الانقلابية تكتمها على حالات الإصابة والوفيات المتصاعدة.
وأعلنت السلطة المحلية في المدينة الخاضعة للحوثيين عدداً من الاجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس قبل أيام منها منع صلاة الجمعة في المساجد وعزل عدد من الأحياء ومنع صالات الأعراس وإيقاف مجالس العزاء بعد ضغوطات مجتمعية كبيرة وانتقادات واسعة.
وأكدت مصادر طبية في المدينة لـ"المصدر أونلاين" أن ستة أشخاص توفوا أمس الخميس بينهم امرأتين جميعهم بفيروس كورونا ما يرفع عدد الوفيات المعروفة إلى 26 حالة، فيما أعداد المصابين تتزايد بشكل مخيف.
وأشارت المصادر الطبية إلى أن بداية انتشار الإصابات في مدينة رداع كانت في العشرة الأيام الأولى من شهر رمضان وسط حالة تعتيم شديدة من قبل سلطة الحوثيين بالمدينة التي اعتبرت من ينشر أي معلومات عن الإصابات خيانة تمس الأمن القومي وتعرض مرتكبها للسجن والمحاكمة.
وأضافت أن الإصابات والوفيات تزايدات بشكل كبير مع أواخر شهر رمضان ودخول أيام العيد لتصل إلى القرى والمناطق المحيطة بمدينة رداع.
وحذرت تلك المصادر من أن المدينة والمديريات المحيطة بها قادمة على أسابيع كارثية إذا ظل الوضع على ما هو عليه ولم تتخذ إجراءات احترازية حقيقية من السلطات والتزم الناس بإجراءات السلامة في التباعد وعدم الاختلاط وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.
مناطق تفشي المرض
بحسب مصادر طبية في مستشفى رداع المركزي فهناك حارات كاملة في مدينة رداع تفشى فيها المرض مثل حارة الصبيرة وحارة السلام وما فاقم الوضع هو عدم اتخاذ تدابير السلامة مثل عزل المصابين فضلاً عن رفض بعض الأهالي تسليم المصابين إلى مركز عزل لعلاجهم على خلفية انتشار شائعة "إبرة الرحمة" التي تقول انهم يتخلصون من المصابين.
وأفادت تلك المصادر أن عدداً من القرى المحيطة بمدينة رداع أصبحت موبوءة بالمرض مثل قرية السليل وقرن الاسد وملاح، مشيرة إلى أنه يتم معالجة بعض حالات الإصابة في منازلهم ولا يتم اسعاف المصابين الا في حالة وصول الفيروس إلى مراحله الأخيرة حيث يصل بعض المرضى ونسبة التنفس لديه قد وصلت إلى 30% لذلك يموتون بعد ساعات من وصولهم.
عدوى الفيروس وصلت من صنعاء
يعزو بعض أهالي مدينة رداع سبب تفشي المرض بهذه الصورة في المدينة إلى عدة أساب من بينها اجراءات الحوثيين بإقامة حجر صحي للمسافرين عبر طريق البيضاء في مدارس وسط المدينة بطريقة عشوائية تفتقد إلى أدنى ابسط مقومات الحياة ناهيك عن المعايير الصحية حيث كان يتم تكديس مئات المسافرين في فصول المدارس وفي الأحواش ويسمح لبعضهم الخروج لشراء القات من الأسواق.
من جانبه أكد مصدر طبي في مركز العزل بالمستشفى المركزي برداع انه من خلال الاطلاع على كافة أسماء من ماتوا بالفيروس وكذلك المصابين يتضح أن أكثر من 90% من الإصابات إما سافروا إلى العاصمة صنعاء وأصيبوا هناك أو اختلطوا مع آخرين قدموا من صنعاء أواخر شهر رمضان لقضاء إجازة العيد في مناطقهم برداع.
ولفت المصدر إلى أن تساهل الأهالي في الاجراءات الاحترازية جعل الفيروس يتفشي بشكل أسرع، مشيراً إلى استمرار التجمعات الكبيرة والخروج إلى الأماكن المزدحمة كالأسواق كأن شيئاً لم يكن، وضرب مثلاً بجنازة رجل الأعمال، محمد يحيى أبوالرجال، الذي توفي في صنعاء نتيجة إصابته بالفيروس، وأصرت أسرته على دفنه في مدينة رداع مع التعتيم على أسباب الوفاة.
وأضاف انه اقيمت له مراسيم تشييع كبيرة حضرها المئات من المواطنيين ومأدبة إفطار ومراسيم عزاء (مجابرة ) لمدة ثلاثة أيام.
وأوضح ان الحوثيين رفضوا في البداية السماح لأسرته بنقله من صنعاء إلى رداع كنوع من الاجراءات الاحترازية لكن أسرته، بحسب المصدر، سلمت لقيادات حوثية مبلغ 50 مليون ريال مقابل السماح لهم بذلك.
مبادرة مجتمعية
وبرغم وجود مركزل عزل علاجي لمرضى فيروس كورونا في مستشفى رداع المركزي مؤثث ومجهز بأجهزة تنفس صناعي وأجهزة إنعاش وغرف عزل إلا أنه لم يكن يعمل بشكل جيد بحجة عدم وجود إمكانيات مادية لتشغيله كرواتب للكادر الصحي وبعض النقص في مواد العلاج والمحاليل الطبية وملابس حماية للكادر وأدوات نظافة واسطوانات أكسجين.
هذا الوضع دفع الأهالي إلى إطلاق مبادرة مجتمعية، برئاسة الأستاذ محمد جارالله سكران والشيخ محمد عبدالولي المفلحي، لإنشاء صندوق خيري لجمع التبرعات من التجار بهدف توفير كافة الاحتياجات الناقصة التي يحتاج إليها المركز.
وخلال اجتماع موسع عقد ظهر الأربعاء الماضي، ضم ممثلين عن اللجنة المجتمعية والمعنيين في مكتب الصحة وإدارة المستشفى المركزي برداع، التزمت فيه اللجنة المجتمعية بتوفير كل ما يلزم من النواقص ومستحقات يومية وتغذية لجميع الكادر العامل في المركز على أن تلتزم إدارة المستشفى ومكتب الصحة بتوفير الكادر الطبي العامل في المركز بعدد 20 موظف يعمل على مدار الـ24 ساعة في مجموعتين تضم كل مجموعة طبيب ومخدر ومخبري وصيدلي وخمسة ممرضين وعامل نظافة.
ويضم مركز العزل 6 أجهزة تنفس صناعي حديثة وأجهزة إنعاش نوعية جميعها لم تدخل الخدمة بعد وكذا عدد من أسرة الرقود واسطوانات الاكسجين؛ بالإضافة إلى موقع المركز المعزول تماما الذي يمكنه من الأداء بدوره على أكمل وجه.
وبدأ تدشين العمل في هذا المركز الخميس حيث استقبل في نفس اليوم 7 حالات مصابة توفي منها اثنتان بعد وصولهم للمركز بساعات.
ويرى أبناء مديريات رداع في هذه المبادرة طوق نجاة قد تساعدهم في التصدي لهذا المرض ولو بشكل جزئي رغم اتساع انتشاره.