مدينة تعز

تعز.. وضع كارثي بين لظى الحرب والحصار وارتفاع الأسعار وتفشي كورونا

ارتفعت الأسعار بشكل كبير خلال الأيام الماضية في اليمن، الأمر الذي أثار مخاوف المواطنين الذين يعانون من غلاء فاحش طوال سنوات الحرب، يزداد من وقت لآخر حسب التغييرات التي تطرأ في البلاد وتلقي بظلالها بدورها على الاقتصادي المنهار. 

 

ولاحظ المواطنون ارتفاع الأسعار منذ أواخر شهر رمضان نظرا لارتباط ذلك غالبا بالمناسبات كالأعياد، لكن الأمر تزايد أكثر يوما بعد آخر بعد ذلك وحتى اليوم.

 

ويعد ارتفاع الأسعار أحد أبرز المشكلات التي تواجه المواطن اليمني، في ظل انقطاع الرواتب وفقدان الريال اليمني قيمته، فضلا عن الظروف الأخرى الصعبة التي لحقت به جراء استمرار الحرب منذ ست سنوات.

 

انهيار قيمة الريال

 

قبل أسابيع بدأت تحذيرات الخبراء الاقتصاديين من خطورة نفاد الوديعة السعودية المقدرة بملياري دولار، التي قدمتها الرياض لليمن قبل نحو عامين لإيقاف انهيار الاقتصاد آنذاك.

 

بدأت تلك التحذيرات تنعكس على الأرض لاحقا، خاصة أن هناك أسبابا أخرى تؤثر سلبا على الاقتصاد وقيمة الريال اليمني، أبرزها حدوث انقسام في البلاد وسيطرة الحوثيين على موارد المحافظات الواقعة في قبضتهم، وكذا التدهور الأمني الحاصل في الجنوب وسيطرة مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي على المؤسسات الإيرادية هناك، فضلا عن تلاشي قوة الشرعية.

 

إضافة إلى ذلك فقد منعت جماعة الحوثي تداول العملات الوطنية ذات الإصدارات الجديدة وهو ما أثر بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي، ويظهر ذلك من خلال الفجوة الحاصلة في أسعار الصرف بين مناطق سيطرة الحكومة والحوثيين. 

 

ونتيجة لكل ذلك، وصل سعر الدولار في مناطق الحكومة إلى 736 ريالا شراء، و750 ريالا بيع، أما في مناطق الحوثيين فهو 615 ريالا شراء، و618 ريالا بيع. علما بأن سعره كان قبل الحرب يتراوح بين 215 إلى 250 ريالا.

 

في بلد كاليمن يعتمد بشكل كبير على الاستيراد، فإن فقدان الريال اليمني قيمته يعني ارتفاع نسبة الفقر، وزيادة حاجة عدد كبير من المواطنين للمساعدات الإنسانية التي تأتي عبر المنظمات.

 

ومؤخرا عُقد مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2020، والتي كانت تتطلب مليارين و400 مليون دولار، لكن خبراء اقتصاديين قللوا من جدواه، بسبب الفساد الحاصل في المنظمات، ووجود أكثر من سلطة في البلاد، فضلا عن عدم الدعم المباشر للاقتصاد، وكذا استمرار الحرب التي تضررت معها حركة التصدير بشكل كبير.

 

غلاء وجشع

 

يقول عبد العزيز أحمد غالب أحد المواطنين في مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، إنه بات ينام على سعر للمواد الغذائية ويصحو على سعر آخر خاصة في هذه الأيام. 

 

ويشعر غالب باستياء كبير من ذلك، وأوضح لـ"الموقع بوست" أن بعض المواد الغذائية البسيطة بلغت نسبة الزيادة في أسعارها النصف خلال أسبوع فقط، وأخرى الضعف وأكثر، حتى أصبح شراؤها حلما.

 

وبات القلق اليوم من ارتفاع الأسعار يسيطر عليه أكثر من خطر فيروس كورونا، فهو كما يذكر لديه أسرة وعليه توفير كل ما تحتاجه من مستلزمات ضرورية.

 

كما يشكو من جشع بعض التجار، الذين رفعوا الأسعار بشكل كبير، برغم أن البضاعة الحالية لديهم تم شراؤها قبل الأزمة الحالية.

 

لكن التجار الذين استطلع "الموقع بوست" آراءهم، يؤكدون أنهم سيحصلون لاحقا على البضاعة بأسعار مرتفعة، وإن لم يبيعوا ما لديهم بالسعر الحالي، فلن يتمكنوا من شراء بضاعة جديدة.

 

وبرغم تلك التبريرات، إلا أن مراسل "الموقع بوست" في تعز، لاحظ تفاوتا كبيرا في الأسعار بين التجار، الذين يستغلون التهاوي الحاصل في الريال وبشكل يومي.

 

الموت جوعا أو مرضا

 

ومع انتشار فيروس كورونا في اليمن بشكل كبير، أُضيف هما جديدا إلى قائمة هموم كل يمني، بعد أن أصبحوا مهددين بالموت جوعا، أو بفيروس كورونا الذي يفتك بحياة العشرات منهم يوميا.

 

يتحدث عبد الله ناجي عن همومه قائلا: "كنا نعيش وأغلب همنا كيف سنوفر لقمة العيش الضرورية، وكيف سنستطيع أن نجاري ارتفاع الأسعار الذي لم يتوقف منذ بداية الحرب قبل ست سنوات".

 

اليوم -كما يضيف لـ"الموقع بوست"- "أواجه كغيري من اليمنيين خطر الإصابة بفيروس كورونا، وأشعر بالقلق، لكن وبسبب وضعي المادي كوني أحد المدرسين في وزارة التربية والتعليم، لا يمكنني حتى شراء ما تتطلبه الوقاية من الجائحة، كون راتبي لا يتجاوز 130 دولارا".

 

وتابع: "يتحدثون عن ضرورة أخذ فيتامينات ومعقمات وغيره، فضلا عن الاهتمام بالغذاء، فمن أين لي ذلك، هذا وأنا لم أصب بالمرض حتى الآن"، متسائلا: "ماذا لو تعرضت له وعجزت عن شراء الأدوية التي كنت أشتريها بداية الحرب بـ800 ريال، وأصبحت اليوم بأربعة آلاف ريال"، تاركا الإجابة عن ذلك السؤال مفتوحة، برغم أنها معروفة، مع شدة فتك الوباء بالناس حول العالم منذ مطلع العام الحالي.

 

العمل من أجل العيش

 

وبرغم خطورة وباء كورونا الذي تسبب بوفاة الآلاف حول العالم، إلا أن أغلبية اليمنيين لم يلتزموا بالإجراءات المطلوبة لمنع الإصابة بالفيروس، خاصة أن الكثير منهم لديهم مصدر دخل يومي، ودون العمل لا يستطيعون الحصول على أي نقود.

 

من بين أولئك جلال محمد عثمان (سائق باص أجرة)، الذي لم يتوقف عن العمل، ولا حتى يرتدي الكمامات الطبية للوقاية من الفيروس.

 

عن أسباب استمرار عمله دون أخذ أي احتياطات، يبّين لـ"الموقع بوست" أن ما يحصل عليه من الباص هو مصدر دخله الوحيد، وبقاءه في المنزل يعني موتهم جوعا خلال أيام فقط، إذ لا يوجد لديهم أي مدخرات.

 

وقال: "لم يعد يهمنا نعيش أو نموت، فنحن في معاناة يومية، وشعوري بالمسؤولية تجاه أسرتي، يجعلني أعمل وإن كنت معرضا لخطر الإصابة بكورونا".

 

وتشهد اليمن كذلك أزمات عديدة أبرزها في الجانب الصحي بعد تفشي فيروس كورونا، في بلد كانت تعاني من تدهور لافت في هذا القطاع حتى قبل الحرب.