كشف مركز دراسات يمني أن السعودية تعيش مأزقا حقيقيا في اليمن، بعد إعلان ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم إماراتيا "الادارة الذاتية" لجنوب البلاد.
وقال مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث، في تقرير له، الجمعة، إن إعلان المجلس الانتقالي ـ 25نيسان/ إبريل الماضي ـ إدارة ذاتية للجنوب اليمني، كشف فشلا لجهود السعودية التي قادها مسؤول ملف اليمن الأمير خالد بن سلمان (نائب وزير الدفاع بالمملكة) وأظهر حجم التأثير الإماراتي المتحكم بالقرار السعودي.
وأضاف التقرير الذي اطلعت عليه "عربي21": "أصبحت المناطق التي تحت سيطرة المجلس الانتقالي خارج أي تأثير سعودي، كما هو عليه الحال في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".
وأشار التقرير إلى أن الرياض استدعت عيدروس الزبيدي (رئيس المجلس الانتقالي) في أيار/ مايو الماضي، للخروج من هذا المأزق، كمحاولة لرأب الصدع وتنفيذ اتفاق الرياض.
وبحسب المركز فإن الوضع المعقد لليمن يجعل كل السيناريوهات أمام السعودية صعبة، مستدركا: "لكن يبدو أنها قد لا ترغب في اعتماد سيناريو معين للخروج من حرب اليمن.. وأمامها خيارات أخرى وإن كانت أكثر ضيقا وفرصها منعدمة، من بينها المزج بين سيناريوهات عدة".
ومن تلك الخيارات، وفق التقرير، أن تحافظ المملكة على الانتقالي والشرعية، ثم الذهاب لاتفاق مع الحوثيين تحت المسمى الرسمي للجمهورية اليمنية.
وأردف: "لن يحقق لها أي مصلحة إلا في حال خضوع كل تلك الأطراف لها لتكون البلد تحت وصاية سعودية طويلة الأمد".
أما في حال عدم خضوع طرف أو بعض تلك الأطراف للرياض فإن الذهاب لاتفاقات يعني اعتراف السعودية بسلطات متعددة في الشمال (الحوثيون) والجنوب (الانتقالي) والشرق (الشرعية)، حسبما ذكره المركز.
سيناريوهات
ومع ذلك، وفقا للمركز، تبدو هناك أربعة سيناريوهات أمام السعودية. يكمن الأول في "المضي قدما في اتفاق مع الحوثيين".
لكنه قال إن ذلك قد يؤدي إلى اعتبارها هزمت في حرب اليمن. موضحا أن هذه السمعة السيئة لن تكون جيدة في دعم وصول ولي العهد إلى كرسي السلطة.
وتوقع أن "ترفض الحكومة الشرعية الذهاب إلى اتفاق مع الحوثيين بدعم سعودي في ظل التشظي الموجود في معسكرها بالمحافظات الجنوبية".
وتابع: "إلا إذا أرادت الرياض تثبيت سلطة الحوثيين في الشمال والانتقالي في الجنوب"، وهو ما يجعل هذا السيناريو غير مرجح على الأقل في الوقت الحالي.
أما السيناريو الثاني، فهو أن "تقوم المملكة بدعم تفكيك اليمن بإيجاد سلطات متعددة ودويلات صغيرة جنوب اليمن مقابل دولة للحوثيين شمال اليمن، ووقف دعمها للحكومة الشرعية".
وأفاد أن هذا يعني أن السعودية ستتحمل مسؤولية تفكك دولة ما يجعل التداعيات ثقيلة محليا ودوليا لذلك، وبالتالي ستكون مضطرة لدعم سلطات متعددة بدلا من سلطة واحدة للبلاد جميعها؛ ويزداد الابتزاز الدولي من أعدائها وحلفائها.
واستطرد: "هذا السيناريو لن يكون مقبولا إلا إذا استعدت الرياض لدفع ثمن كبير من أمنها ومصالحها".
فيما يتلخص السيناريو الثالث في "دعم الحكومة اليمنية وحلفائها المحليين الذين تثق بهم للحفاظ على اليمن كدولة واحدة مكتملة، والتفكير لاحقا بأي أهداف مختلفة، والتوجه لنزع سلاح الميلشيات الثقيل في الشمال والجنوب لحماية حدودها ودعم الدولة اليمنية".
وبين مركز أبعاد للدراسات أن هذا السيناريو كان الأفضل للسعودية واليمن وكان من السهل دعمه منذ العام الأول للحرب.
لكنه تطرق إلى مخاوف سعودية بالقول: يبدو هناك تخوفات سعودية من مشاريع تعتقد أنها ليست في صالحها موجودة ضمن الشرعية اليمنية، مشيرا إلى أن هذه المخاوف جعلت الرياض في مأزق كبير وتضارب في المصالح الآنية والاستراتيجية، وتضارب أيضا في المصالح اليمنية والسعودية من جهة وأيضا السعودية والإقليمية من جهة أخرى.
ويذكر التقرير أن هذا السيناريو يظل محتملا وإن كان بدرجة ضعيفة.
ويشير إلى أن المملكة قد تضطر إلى بناء شرعية موازية للشرعية الحالية وتكون مقبولة من الإمارات وحلفائها جنوبا وإيران وحلفائها شمالا، ويشارك فيها الانتقالي الجنوبي بحيث تحافظ على وحدة اليمن ظاهريا، كسيناريو رابع.
فيما تكون السلطة الجديدة، يقول المركز في تقريره، تحت تأثيرها وسيطرتها في وقت يتم استكمال سحب البساط من الشرعية الحالية بقيادة الرئيس هادي، ومن ثم البدء بمفاوضات نهائية مع الحوثيين.
وخلص إلى أن هذا السيناريو متوقع إلى حد ما في ظل تعقيدات الوضع اليمني ومستجدات الصراع الإقليمي والدولي الذي أتاح للاعبين جدد الدخول إلى الملعب اليمني.