أثارت التصريحات التي نُشرت مؤخرا لأحد أبرز السياسيين السُنة في العراق الكثير من الجدل والأسئلة حول الدور الذي لعبته السعودية في العراق، وكيف رفضت تقديم أي دعم سياسي أو عسكري للقوى السنية هناك منذ انهيار نظام الرئيس صدام حسين، وهو ما أدى بعد سنوات إلى هيمنة إيران على العراق بشكل شبه كامل.
وروى السياسي العراقي السني المعروف خميس الخنجر في مقابلة مطولة مع موقع "ميدل إيست آي" البريطاني كيف هيمنت إيران على العراق خلال السنوات الماضية بعد أن "غدرت الولايات المتحدة بالعراقيين السنة وتركتهم فريسة للميليشيات الشيعية، بينما كانت السعودية لا تكترث بالسنة وترفض تقديم أي دعم سياسي أو عسكري أو مالي لهم".
وفي مقابلته الطويلة التي قرأتها "عربي21" بعناية يشرح الخنجر كيف حاربت السعودية القوى السياسية السنية في العراق وبدأت الانتقام منهم بعد أن فشلت في إيصال حليفها حيدر العبادي الى الحكم، كما يكشف الخنجر في مقابلته عن لقاء عُقد في العام 2017 مع الوزير السعودي ثامر السبهان في الأردن، حيث كان السبهان موفدا من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وطلب منه عدم تشكيل كتلة سنية من أجل المشاركة في الانتخابات التي جرت في 2018.
ويكشف الخنجر كيف حاولت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية العمل على استقطاب السنة في العراق وإضعافهم، مشيراً الى أن "السبهان لم يكترث بسقوط أعداد كبيرة من القتلى على أيدي الميليشيات الشيعية"، ويضيف: "السعودية تنظر لنا من زاوية واحدة وهي تنافسها مع تركيا وقطر".
كما كشف أن السعودية تمارس منذ سنوات ضعوطها على القوى السنية في العراق من أجل أن يعلنوا عداءهم لجماعة الإخوان المسلمين وقطر وتركيا، ولأنهم لم يفعلوا ذلك فإن السعودية ترفض تقديم أي دعم سياسي لهم في مواجهة النفوذ الإيراني.
وتأتي هذه التصريحات التي فجرها القيادي السني العراقي خميس الخنجر لتؤكد معلومات كشفها مصدر سياسي لــ"عربي21" ومفادها بأن نائب الرئيس العراقي الأسبق طارق الهاشمي، الذي يُعتبر أحد أبرز رموز القوى السنية في العراق، كان قد زار السعودية في السنوات الأولى التي تلت سقوط نظام صدام حسين وطلب الحصول على الدعم السياسي اللازم لمواجهة المد الإيراني في بلاده، لكن المسؤولين السعوديين رفضوا ذلك بشكل صريح.
وقال المصدر إن "الهاشمي زار الرياض في حوالي العام 2005، أي قبل أن يُصبح نائباً للرئيس، وكان حينها يتزعم الحزب الإسلامي العراقي الذي يُعتبر القوة السنية الأهم في العراق، والتقى بالملك عبد الله بن عبد العزيز حيث شرح له التطورات الجارية في العراق وكيف بدأت إيران تتمدد في العراق، لكن الرد الذي حصل عليه هو أن السعودية لا تقدم أي دعم دون موافقة الولايات المتحدة".
وبحسب المصدر فإنه "منذ الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 فإن السعودية تمتنع عن تقديم الدعم السياسي أو المالي للقوى السنية في العراق، بينما تقوم إيران بتقديم دعم واسع لحلفائها هو الذي مكنهم من الهيمنة على البلاد وتوسيع السيطرة عليها".
يشار إلى أن القوات الأمريكية احتلت العراق في العام 2003، وشكلت بعد ذلك ما أسمته "مجلس الحكم" ثم الحكومة المؤقتة ثم الحكومة الانتقالية، وفي العام 2006 أصبح الهاشمي نائباً للرئيس العراقي لكن السلطات العراقية بدأت بملاحقته باتهامات مختلفة اعتبارا من العام 2011 وهو ما اضطره إلى مغادرة البلاد خوفاً من الاعتقال أو القتل.
المصدر: عربي21