أرشيفية

احتيال يزدهر تحت إغراء الربح السريع.. كيف تسرق شركات وهمية أقوات اليمنيين في الخارج (تقرير)

على نحو مفاجئ، ظهرت شركات يمنية تعمل وفق سياسة "التسويق الهرمي" وتلاحق أموال اليمنيين في الداخل وفي دول أخرى مثل ماليزيا وتركيا، وبدأ العملاء يتحدثون عن شكوك حول أعمال هذه الشركات التي لا تملك عناوين أو مقرات لكنها تدفع أرباحا كبيرة.

 

وحسب المعلومات الأولية، فإن أكثر من 20 ألف يمني يستثمرون أموالهم في خمس شركات، ومعظمهم من النساء اللاتي وقعن تحت إغراء الربح السريع واندفعن لتقديم مدخراتهن أو مصوغاتهن من أجل شراء أسهم في هذه الشركات.

 

يحاول "المصدر اونلاين" في هذا التقرير، تقديم فكرة عن آلية عمل هذه الشركات وعن أعمالها وأرباحها وهل لديها استثمارات ومنتجات حقيقية أم أنها تعمل عن طريق "التسويق الهرمي".

 

وفق مصادر ومتعاملين، فإن خمس شركات تنشط في اليمن وخارجها وتستهدف اليمنيين، ثلاث منها تديرها نساء وتدير أنشطتها عبر شبكة واسعة من مندوبي التسويق معظمهم من الفتيات.

 

أبرز هذه الشركات، شركة بلقيس الحداد وهي امرأة تعمل في تجارة الفضة على نحو محدود ولا تملك استثمارات أو شركات، الثانية هي تهامة للاستثمار العقاري وتديرها امرأة تدعى فادية عقلان، وشركة تونتي إكس برو وهي شركة مجهولة، بالإضافة إلى شركة تدعى الماليزية للعسل وشركة تدعى الهاني.

 

يبلغ قيمة السهم الواحد 100 ألف ريال، بالإضافة إلى 15 ألف ريال تدفع قيمة اشتراك ويتم توزيع أرباح كل ثلاثة أشهر بنحو 50 ألف ريال يمني عن السهم الواحد، تمثل 50 % من قيمة السهم، وتبلغ الأرباح السنوية نحو 150%.

 

ونشر ناشطون صوراً لعقود مضاربة، إحداها باسم بلقيس علي غالب الحداد، وينص على أن الأموال سوف تستخدم في المضاربة المباحة شرعا في مهن مثل ( الخياطة، الفضة، الهواتف والعقارات وغيرها)، وأن قيمة الأسهم ورأس المال تدخل في الربح والخسارة وأنه في حال الخسارة فإن رب المال يخسر ماله.

 

وقالت شركة "قصر السلطانة"، إحدى هذه الشركات، السبت 4 يوليو، أن تعاملاتها بنظام الأسهم يتم من خلال ما تقوم به من أنشطة تجارية في مجال الفضة ومعامل الخياطة وغيرها من الأعمال التجارية المختلفة، إضافة إلى مجموعة من المشاريع الاستثمارية التي تعتزم الشركة إنشاءها والمتمثلة في محلات صرافة، بالإضافة إلى مشروع النادي الرياضي والصحي والترفيهي والثقافي.

 

لكن خبراء، بؤكدون أن هذه الشركات تعمل وفق سياسة " التسويق الهرمي"، وتعني دفع الأرباح للمساهمين القدامي من أموال المساهمين الجدد، ويستمر العمل قائما بوجود عدد من العملاء الجدد مع إقناع العملاء الحاليين بالاستمرار في استثمارهم، تأخذ الأموال من كل طبقة لتعطي سابقتها.

 

وأوضح الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، أن هذه الشركات وهمية بدون عناوين وتقوم باستغلال ظروف الحرب وانعدام مصادر الدخل وغياب الدولة في نهب أموال الناس تحت إغراء الربح السريع، وأن عملها يقوم على التسويق الهرمي، وهي عملية نصب واحتيال تقوم على نقل الخسارة من شخص إلى آخر.

 

وقال العوبلي لـ "المصدر أونلاين" :" آلياتها وطرقها وأرباحها وعدم وجود ترخيص ونشاط حقيقي، هذه كلها تثير الشك حول شركات "التسويق الهرمي" التي تقدم نفسها كشركات مساهمة، والشركات المساهمة لا تعمل بهذا الأسلوب، بل وفق تراخيص ومشاريع حقيقية ودراسات جدوى وشفافية في نشر التقارير المالية وتوزيع الأرباح بناء عليها يتم إعلان توزيع الأرباح سنويا".

 

وأطلق ناشطون يمنيون حملة توعية عن الاستثمار في هذه الشركات الوهمية تحت وسم #لاتكن_سمكة، محذرين من إنخداع المواطنين بالأرباح والوقوع في الفخ.

 

وقال الناشط لؤي النزاري: " الأرباح الخيالية هذه تجعل أي شخص يشك أن الأمر نصب واحتيال، لا يوجد أي كيان ملموس أو شركة معروفة أو أي تجارة واضحة ولا يمكنك الوصول إلى رأس الهرم وهي غالبا إمرأة، وهذا يسهل الهروب ويجعل أمر ملاحقتها صعب جداً".

 

ويؤكد الباحث المصرفي خالد منصر، أنه لا يوجد نشاط طبيعي يوفر هذه الأرباح التي توزعها شركات "النصب" الذي انتشرت مؤخرا في صنعاء ولا مساهمة بهذا الشكل في نشاط غير معروف.

 

وقال منصر:" إما أن هذه الشركات تقوم بتوزيع أرباح خيالية بهدف استقطاب مزيد من الضحايا وما تدفع للمغفل السابق هي من أموال المغفلين الجدد وهذا هو الخيار الراجح، أو أنها شركات غسل أموال هدفها تبييض أموال من مصادر غير مشروعه مثل المخدرات، السلاح، الفساد". 

 

وحذرت الهيئة الإدارة للجالية اليمنية في ماليزيا، يونيو، اليمنيين من الإستثمار بواسطة شركات احتيالية تعمل في مجال "توظيف الأموال".

 

وقالت الجالية اليمنية في تنويه نُشر على صفحتها بـ"فيسبوك" إن"شركات (نصب واحتيال) يمنية وماليزية تقوم بسحب الأموال من الأفراد لاستثمارها وتعد المساهمين بأرباح طائلة"، وأوضحت أن"هدف تلك الشركات هو الاحتيال".

 

وحسب التنويه فقد تلقت "الجالية شكاوى المواطنين من عمليات نصب حصلت لهم مع تلك الشركات، ودعت اليمنيين الى "الحذر من الوقوع في شراك مع هذه الجهات المشبوهة"، والتي تسعى "لأكل أموال الناس بالباطل".

 

وأكد صادق الحاج وهو رجل أعمال، أن كثير من اليمنيين خسروا أموالهم في هذه الشركات، وقال في صفحته على فيسبوك:" أعرف كثير من الناس تورطوا مع هذه الشركات التي كانت تدفع أرباح مغرية في البداية ثم أختفت الشركات ومسؤوليها".

 

وقال أحمد العبسي، موظف، :" لقد وقعنا في الفخ منذ فترة، حيث أخذوا أموالنا لكي يعطونا أرباح شهرية واستمر دفع الأرباح فترة بسيطة ومن ثم اختفت الشركة، عائلتي كلها كانت مساهمة وكانت خسارة كبرى".

 

ما هو التسويق الهرمي

تعود فكرة التسويق الهرمي إلى الإيطالي "تشارلز بونزي" (1882-1948)، أحد أكبر المحتالين في التاريخ الأميركي، أنشأ طريقة الاحتيال الشهيرة ب"سلسلة بونزي"، والتي أصبحت من أشهر طرق النصب والاحتيال وسرقة المال. 

 

ويقوم هذا النوع من الاحتيال عن طريق دفع عوائد كبيرة جدا للمساهمين في المشروع الوهمي عن طريق مدخرات أو استثمارات المساهمين الجدد، وإيهام الناس بأن هذه العوائد هي نتيجة الأرباح من المشاريع، وبهذه الطريقة يستطيع المحتال أن يعلن عن نفسه بشكل غير مباشر عن طريق المساهمين الذين استلموا أرباحهم أو رؤوس أموالهم في موعدها أو حتى قبل الموعد المخصص لاستحقاقها.

 

ويوضح لؤي النزاري، أن النصب في هذه الشركات يتم عن طريق الأرباح، وقال:" كل طبقة في الهرم تدفع أرباح الطبقة التي تعلوها وفي النهاية تستفيد الطبقات السابقة، وتخسر الطبقات التالية".

 

ويعيد تفجر هذه القضية إلى الأذهان قضية أحد المستمثمرين اليمنيين في إحدى عواصم دول الخليج والذي قام بجمع أموال طائلة من اليمنيين، المغتربين تحديداً، لاستثمارها، لكنه اختفى وخسر الكثيرين أموالهم، وهي قضية لا تزال لغزاً كبيراً حتى الآن.