بعد ست سنوات من انقلابها على الدولة، وجرائم لا تحصى، تشرع الحكومة الشرعية في محاكمة عسكرية لقادة الانقلاب الحوثي.
في مأرب وجهت النيابة العسكرية تهما لزعيم المليشيا و 174من قيادات المليشيا، توزعت بين الانقلاب على السلطة الشرعية، وتأسيس تنظيم إرهابي مسلح باسم "أنصار الله"، والتعاون مع قيادات عسكرية من حزب لله اللبناني والحرس الثوري الإيراني.
سلسلة طويلة من الجرائم بدءا من السيطرة على السلطة بالقوة المسلحة والاستيلاء على الدولة ومقدراتها العسكرية والمدنية، وانتهاء بدمار المدن ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين، يبدو أن القصاص فيها قضائيا مسالة شاقة، إلا أن مطالبة الادعاء بتصنيف حركة "أنصار لله" كحركة إرهابية رفع سقف الآمال بأن تكون هذه المحاكمة فاتحة لإدانات دولية وإقليمية باعتبارها جماعة إرهابية.
محاكمة متأخرة
ورغم أهمية هذه الخطوة لإدانة المليشيا وقياداتها، قلل متابعون من أهمية هذه المحاكمة في ظل تفاقم العجز العسكري والدبلوماسي الذي ترزح تحته السلطة الشرعية، مؤكدين أن المحاكمة الوحيدة التي ستوقف جرائم المليشيا هي اسقاط سلطتها عبر القوة المسلحة، وعندها سيكون لمحاكمة هذه العناصر معنى حقيقي، ليطوي بعدها اليمنيون هذه الصفحة السوداء من تاريخهم.
وفي السياق، قال المحامي عمر الحميري، إن هذه المحاكمات كان لا بد لها أن تبدأ منذ اليوم الأول الذي تقف فيه سلطة الحكومة الشرعية على قدميها بعد تحرير عدن وإعلانها عاصمة مؤقتة للبلاد.
وأضاف الحميري، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس" مساء أمس، أن محاكمة قادة الانقلاب الحوثي كان يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة الشرعية من خلال توفير المناخ المناسب لبدء محاكمات وإدانة قادة هذا الانقلاب، وكل من ساهم في تقويض الجمهورية اليمنية وسلطاتها.
ولفت إلى أنه كان هناك تساهل من قبل الحكومة الشرعية في هذا الملف رغم أهميته، بينما كان هناك في الجانب الآخر اهتمام من قبل مليشيا الحوثي في هذا الملف، حيث قامت بإجراء العديد من المحاكمات رغم بطلانها، إلا أن لها أثرا بعيد المدى على مستوى المعركة الوطنية.
وتابع: "تساهلت الحكومة الشرعية بكل مؤسساتها القضائية في هذا الملف خلال ست سنوات من الحرب، رغم أنه كان هناك إمكانية ببدء محاكمات جادة وممنهجة وفق آليات واضحة، خاصة في ظل وجود قاعدة للبيانات تحتوي على الكثير من الجرائم التي ارتكبتها مليشيا الحوثي عبر قياداتها وعناصرها".
تعويض الفشل
بدوره، قال الباحث في القانون فؤاد عامر، إن هذه المحاكمات شكل من أشكال الخيال الواسع لحكومة الشرعية ومؤسساتها المتواجدة في مأرب.
ولفت إلى أنه كان ينبغي أولا القضاء على الانقلاب، ثم البدء في محاكمة قاداته، مضيفا أن الواقع الآن أننا في مرحلة ما قبل الدولة، وبالتالي كان يتطلب أولا إيجاد الدولة بكل مؤسساتها، ومن ثم الذهاب نحو محاكمة من قام بارتكاب جرائم ضد الدولة وأمنها.
مشيرا إلى أنه كان ينبغي أن تكون هذه المحاكمات قبل الانقلاب، وقبل أن يسيطر الحوثي على صنعاء، ومن بداية التمرد في صعدة ووصوله إلى عمران.
مستدركا القول أن المحاكمات الآن ينبغي أن تكون في الجبهات والمعارك وحسم المعركة واستعادة الدولة، ذاهبا بالقول إلى أن ما قامت به الحكومة في مأرب من محاكمات لقادة الانقلاب حالة من حالات تعويض الفشل.
الأهمية ودلالة التوقيت
وعلى عكس ذلك، يرى المحامي الحميري أن هذه المحاكمات ليست صورية وإنما محاكمات قانونية لها أهمية قصوى وأهمية مرحلية على مستوى المرحلة، كون الجرائم ما زالت مستمرة منذ ست سنوات، وتأخير هذه المحاكمات كانت أحد الأسباب التي مكنت المليشيات من الاستمرار في هذه الجرائم.
وعن أسباب تأخير محاكمة قادة الانقلاب، تحدث وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي، عن احتمال أن يكون هناك أمور لوجستية لعبت دورا في تأخر الوقت وعدم محاكمة قادة الانقلاب منذ وقت مبكر.
ويرى المجيدي أن ضغط أصحاب الحقوق، وما تعرض له المواطنون، وشناعة الجريمة واستمراريتها واستمرار دعم إيران لهذه المليشيا، دفع بالسلطات القضائية، سواء القضاء المدني أو العسكري، إلى تقديم هؤلاء المتهمين إلى المحاكمة ومخاطبة العالم باعتبار أن القضاء اليمني هو صاحب الاختصاص الأخير في إجراء هذه المحاكمات ومن ثم تصنيف هذه المليشيا على أسس القضاء اليمني وفقا لما سيثبت أمام القاضي.
وأضاف أنه في حال ما أقدم القضاء اليمني على تصنيف هذه الجماعة وفقا لوقائع وأدلة ثبتت أمامه وبأحكام قضائية، فسيكون لذلك تأثير كبير أمام المحاكم الدولية وأمام الحكومة اليمنية التي سيكون بإمكانها الاحتجاج بهذه الأحكام أمام الأمم المتحدة والمطالبة المستمرة بتصنيف هذه الجماعة كجماعة إرهابية.
المحامي عادل الذيباني، قال إن يوم السابع من يوليو 2020 (وهو اليوم الذي عقدت فيه أول جلسة عسكرية لمحاكمة قادة الانقلاب الحوثي) ليس كما قبله، وسيكون له الأثر الإيجابي، وأصبح بعد هذا اليوم قادة الانقلاب مطلوبين للعدالة، حسب قوله.
وذهب الذيباني بالقول إلى أن الانقلاب الحوثي سقط قضائيا قبل أن يسقط عسكريا، وسيتم ملاحقة قاداته وفقا للشرع والقانون.